أدهم غرايبة يكتب: مشانق من حرير !


 خاص - أدهم غرايبة - طرح موقع إخباري إلكتروني أردني مرموق سؤالا على متابعيه يتعلق بزيادة الجرائم في المجتمع الأردني , و طرح عدة خيارات امام المتابعين , فاختار أكثر من 50 % من المشاركين " غياب الوازع الديني " فيما أختار نحو 28 % " العقوبات المخففة و الغاء الإعدام " و بنسبة أقل جاءت خيارات الزيادة السكانية و ضعف التوعية القانونية .

أذهلني كيف أن مجتمعنا ما زال يفسر كل مشاكله و يحيلها لأسباب تتعلق ب " غياب الوازع الديني " ! 

فقائمة الدول التي تنعم بالسلم الإجتماعي و الوداعة الأهلية تتصدرها دول لها ميول علمانية ! مثل الدول الإسكندنافية و سنغافورة . فيما تتذيل الدول الإسلامية أدنى درجات السلم برغم أن لديها ورعا دينيا بدرجات متفاوتة !

ربط مشاكلنا بضعف الوازع الديني تعبير صريح و واضح عن أزمة المجتمع الذي يعتبر حسن تشخيصة لمشاكله أمرا أساسيا و حيويا لمعرفة سبيل خلاصة .

العدالة الاجتماعية و سيادة القانون هما ما يجعلان دولا - لا تعرف الوازع الديني – في طليعة الدول الأقل إجراما . ففي تلك الدول ترتد عليك الضرائب بالنفع المباشر و لا يتجرأ ايا من سياسييها مهما على شأنه على بيع طقم فناجين ليس له و لا يتجرأ على الإستدانة بإسم دولته لغايات الرفاه الشخصي و عليه ان يقف في طابور المرضى في المستشفيات و ان يأخذ ابنائه الى المدارس الحكومية و أن يستقل المواصلات العامة كي يضطر لتحسين نوعية الخدمات العامة و ليس من حقه ان يتكرم على احد بشيء .

حسنا , ما نسبة الملتزمين بفرائض الدين من القتله و اللصوص ؟ و ما هو صحيح الدين الذي علينا أن نتبعه كي نتخلص من الجرائم المتصاعدة في مجتمعنا ؟ و هل إذا أدينا الصلوات الخمس في الجوامع و أدينا باقي الفروض فيما حقوقنا الأساسية غير محفوظه و متآكلة و لم نجد حلولا لسيادة الدستور و محاكمة كل من نهب مالا عاما فهل سننعم بالوئام و راحة البال ؟ هل نواجه مشاكل نقص المياه بصلوات الاستسقاء فحسب ؟ و هل نستعين بحرارة الايمان في مواجهة برد الشتاء أم نفكر في طرق مواجهة مشاكل الطاقة بشكل علمي و عملي و نلزم الحكومات بتسعيره منصفة و مفهمومة للمشتقات النفطية ؟ ام اننا نتخلى عن كل حقوقنا في الحياة ما دمنا سننعم بالجنة و نخلد فيها ؟!

بالتزامن مع الإستطلاع الذي طرحه الموقع الإخباري اياه نشرت عدة مواقع نتائج إستطلاع اجراه مركز أمريكي بخصوص الهموم الأساسية و مشاكل المجتمع الأردني خلص الى نتيجة مفادها ان الفئات المستطلعة لا ترى في الفساد الإداري و السياسي في الأردن المشكلة الكبرى و الأولى في الأردن و أن أكبر هموم الأردنيين هو سلامة الغذاء و تلوث المياه و الهواء !

الإستطلاع الأخير لم يبين الجهات التي أستهدفها من الأردنيين و لا عددها و لا يعرف حتى إن كان استطلاعا حقيقا ام لا , فنتائجه المآساوية تدل على الجهات التي روجت له !

إعفاء الفساد و أبطاله من الدمار الذي نكل بالمجتمع و أدى لتراجع مستوى الرفاه الضحل أصلا و رفع مستويات النزق و العصبيه و التعصب و افسد الغذاء و الدواء و الهواء كان هدفا واضحا للإستفتاء أياه و هو يفسر – ان تم – كيف أن المجتمع يحيل بؤسه لغياب الوازع الديني و يعفي نفسه من مسؤوليات المواجهة مع من سرقوه و دفعوه لأن يرتكب جرائم قتل و اغتصاب و سطو مسلح لينفس عن الكبت الرهيب الذي يعانيه .

عدد الذين ينتظرون حكم الإعدام في السجون الأردنية وصل الى 122 شخصا و من المؤكد ان عددهم سيتضاعف قريبا اذا لم يكونوا عبرة للناس , سيما ان تنفيذ العقوبة موقوف العمل به منذ سنوات طوال و ان المحرضات على الجرائم ما زالت موجوده بفضل الفساد الذي لا يراه الاستفتاء المشبوه اكبر علل المجتمع الاردني !

أغلب الظن – و ليس كل الظن أثم – ان العدد الكبير من المحكومين بالإعدام و غيرهم ممن يقضون عقوبات الحكم المؤبد و الاشغال الشاقة دفعوا لارتكاب جرائمهم بسبب بؤس الحياة و تردي احوالهم المعيشية و إحساسهم بالضياع و لإنعدام الحياة الكريمة التي حرمها منهم الفساد فتحولوا من ضحايا الى مجرمين وهذا لا يعفيهم حتما مما جنته اياديهم , لذا فأن مشانق اخرى يجب ان تعلق بحق المجرمين الذين نكلوا بالدولة حتى لو كانت مشانق من حرير !

عموما إذا لم ينفذ حكم الإعدام بهؤلاء جميعا – جزاء بما ارتكبوا – فأن تنفيذ الحكم في المستقبل سيصبح مستحيلا لأننا سنتحدث حينها عن أعداد أكبر يبدو تنفيذ الإعدام بحقهم و كأنه " مذبحة " لا عقوبة قانونية
لدينا اليوم عدد ضخم من المجرمين صدر بحقهم قرارات قطعية و يستوجب تعليقهم على المشانق بقوة!

القانون لصيانة أمن المجتمع و ردعا لانتشار الجريمة , فيما يرفض تنفيذ هذا القانون و أحكامه من يتشدق أمام العالم بأننا دولة قانون لكنه لا يذكر أننا أصبحنا دولة قانون الغاب تحديدا بفضل الرعاية التي يحظى بها الفساد !



تعليقات القراء

عبدالله عبدالله
لو ان الوازع الديني كافي لما انزل الله العقوبات ولما امر بقطع يد السارق وقتل وجلد المفسدين بالارض
10-11-2014 09:59 AM
طبوش
كلامك درر ، البؤس وعدم الحصول على الاساسيات سبب بنظري في زيادة معدل الجريمة بصورة او بأخرى.
10-11-2014 02:01 PM
امجد
يا سيد غرايبة الاسلام دين الله في الأرض وبغيره لن ننعم بالحياة الكريمة ولا تعتبرحياةالغرب انموذجالك!
12-11-2014 03:04 AM
بدو دابوق
المقال لمن يفهم و يتأمل فقط .
12-11-2014 12:34 PM
اسماعيل
(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لآخيه ما يحب لنفسه)) الحديث الشريف . وهذا هو الإسلام قولا وسلوكا .
16-11-2014 09:50 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات