استدعاء السفير .. لا للعير ولا للنفير


ذات ثورة عرمرمية لنواب "سيريلانكا" في العبدلي, وخطابات ظن المتابع لها ولأصحابها, بأنه يقف أمام طارق بن زياد وهو يهم بحرق اسطوله البحري على أعتاب اسبانيا, معلنا للجند ان لا خيار لهم غير الفتح.

"أغلقوا السفارة وإما سنسقط الإدارة" قالها معشر النواب احتجاجا على اعتداءات الصهاينة على غزة, ومرارَ أخرى بسبب تجاوزات اخرى كثيرة للعدو الإسرائيلي على الأهل والوطن الفلسطيني, وخروقات أخرى واضحة حتى على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.

وفي النهاية, لم تُغلق السفارة, ولم تسقط الإدارة, وفسّ بالون احتقان الشعبين شرق وغرب النهر برأس دبوس عتيق ثلم.

واليوم, تنفذ اسرائيل آخر خطوات ابتلاع كل شئ, وترى في الوضع الإقليمي والعربي المزري, فرصة ممتازة لإخراج الأقصى والقدس من معادلة العرب والمسلمين في الصراع, وتنحية هذه القضية الرئيسة عن مركز اهتماماتهم, بأقل ردود فعل ممكنة كان يخشاها هذا الكيان المسخ والدولة المارقة.

وقد عبرت الأوكرانية شمطاء الصهاينة, غولدا مائير, عن هذا الخوف عند حرق المسجد الأقصى ذات مرة بالقول:

(لم أنم طوال الليل, وكنت خائفة من أن يدخل العرب اسرائيل أفواجا من كل مكان, ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي, علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شئ نريده) .

يثور البعض اليوم احتجاجا على اغلاق المسجد الأقصى وعدم السماح للمسلمين بالصلاة فيه, سبحان الله, أمر غريب عجيب, لم يثوروا على استهداف الأقصى بالحفريات تحت اساساته وتعريضه برمته للهدم والفناء, ولم يثوروا لوقوف خنازير الصهاينة على عتبات الأقصى يسمحون ويمنعون ويحددون أعمار المصلين ويهينونهم رجالا ونساء ويفتعلون المواجهات المستمرة معهم ويخنقونهم بالغازات الدامعة ويقتلون منهم من يريدون وقتما يشاؤون, ولا يثورون على ابتلاع القدس الشرقية العربية التي ينادون بها نظريا تجار اوسلو عاصمة لدولة فلسطين المنتظرة, ولا يثورون على سرطان الاستيطان الذي قطع اوصال القدس وسائر فلسطين, ولا يثورون على الكثير من التجاوزات الصهيونية على كل اتفاقية ومبدأ والتزام, ولكنهم يثورون على منع الصلاة في الأقصى ولو تحت السيادة الإسرائيلية.
فلسطين ايها السادة ليست الأقصى ولا القيامة ولا أي مكان آخر للعبادة والصلاة, بل هي الوطن المغتصب من البحر الى النهر, إنها كل شبر من الأرض بين هذه الجغرافيا المقدسة بالمجمل, إنها كل ذرة تراب رواها الشهداء بالدم وإرادة التحرير, رغم كمّ التآمر وزخم التنسيق مع الغاصب المحتل.

وغريب ان يطل اليوم نواب الغفلة وصواوين المناسف والكنافة وخطباء الجاهات وخطّاب العرائس, برؤوسهم الغافلة بالأصل عما عدا البزنس والامتيازات الخاصة والتقاعد الأبدي, للإحتجاج وطلب إغلاق السفارة العبرية من جديد, بتنسيق دقيق مع حكومة الرقص على الحبال ومواقف الهزل المبكية في الدوار الرابع, من أجل تنفيس الاحتقان الشعبي وتبريد موجة الغضب الوجدانية الحادة برأس دبوس عتيق ثلم من جديد.

استدعاء السفير الأردني "للتشاور" هو إجراء لا يريد سوى تهدئة النفوس المحلية وتطييب الخواطر والخروج من اللائمة وحالة عدم الاقتدار والعجز المزمن عن التأثير على مشاريع الصهاينة المستقبلية بما يخص فلسطين عامة والأردن. وليست سوى ايام قليلة ويعود السفير الى مقر عمله, وما الإعلان عن اتصال هاتفي طمأن به النتن ياهو الملك عبد الله الثاني بأن الحكومة العبرية لا تنوي تغيير الواقع المقدسي وأنها تحترم الوصاية الهاشمية على الأقصى, الا اشارة الى أن الأمر أخذ منحى تصالحي وردي اللون, سيعيد المياه الدبلوماسية الى مجاريها, إن هي انحرفت بالأصل عنها.

مخططات اسرائيل تسير بوتيرة قوية ومحددة وثابتة وبآليات عملية لا تحيد عن الهدف الأساس, وما احتجاجاتنا الخجولة هذه الا فعل الضعيف الذي لا حول له ولا قوة, وكيف تكون غير ذلك وحال العرب والمسلمين هو الحال, وأصحاب الشأن المباشر في غزة ورام الله يتبادلون التفجيرات ومحاولات القتل والاتهامات بكل وقاحة وصلف, خوفا على الكراسي اللئيمة والقذرة لأصنام ما عادت تقنع أحدا, وآخرون كثر يجاهدون من أجل الحقوق المنقوصة والرقم الوطني, فوق أي أرض غير تلك التي يدعون قدسيتها وتقديمها على كل ارض.

للنوائب في العبدلي نقول: بلا تدليس واستغفال للشعب وثورات خبرناها منكم مرارا وتكرارا وخبرنا نتائجها والثمن المقبوض لاحتوائها.

كومبارس العبدلي لم يعد يقنع ابن يومين, وتقاسم وتبادل الأدوار بين الدوار الرابع والعبدلي, أصبح مملا ومستهلكا لا يضحك حتى أصحابه رغم قرب المسافة الجغرافية بين التنفيذية والتشريعية.

ألم يوافق العرب جميعا على وعد بلفور؟ ألم تدفع الأمة ثمن التآمر والخيانة وانعدام الحيلة؟ ألم نقتل الشهيد وصفي التل لأنه أراد التحرير الحقيقي وليس الاستغفال, فأي معنى لإجازة قصيرة لسفيرنا في تل الربيع لمسقط رأسه لا تشكل حتى الحد الأدنى من الاحتجاج الدبلوماسي الحقيقي المطلوب من أجل الاقناع والكذب المقنع؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات