الحرب المزعومة على عروق الأرهاب المصنّع في المنطقة


واشنطن تعاني من HOMESICK لماضيها الدموي شوقاً وحنيناً، وروسيّا تتمسك بالشرعية الدولية وقواعد القانون الأممي وتعرف أنّ الهدف النهائي هي بالأساس وترد، وسورية تحاول التأقلم مع المتغير الجديد في المنطقة عبر استراتيجيات الغموض الخماسي المشترك(سوري، روسي، صيني، ايراني، حزب الله) فماذا يجري؟

قلب وتقليب مفردات التاريخ ولغات وحقائق الجغرافيا من جديد من قبل الماما الأمريكية وحلفائها وأدواتها من البنات والذكور ازاء الفدرالية الروسية وعبر سورية وأوكرانيا، بمثابة صراع مباشر وحرب سياسية ساخنة ودبلوماسية متفجّرة في طور التحول والتمحور والتبلور وبكل اللغات، الى انفجار أمني وعسكري واقتصادي حيث نواة هذا الأنفجار سورية، كون الحرب المزعومة على عروق الأرهاب في الداخل السوري عبر التحالف، هي من ستشعل النواة الأولى لأنطلاق هذا الأنفجار الأمني والعسكري الشامل المتوقع بين موسكو والغرب.

الحرب على عروق الأرهاب في سورية بشكل خاص، هي لاسقاط سورية كمدخل لاسقاط روسيّا وتقويض توسع مناطق النفوذ الروسية بالمشرق العربي، مع الأعتراف أنّ الداخل الروسي يستشعر ومنذ الحدث السوري وبشكل كبير الآن، بأنّ ملامح الفوضى الأمريكية ونسخ استراتيجيات توحشها تحرك بعض من في الداخل الروسي للمطالبة بالأنفصال عن الجمهورية الأتحادية الروسية.

(...عقد من زمن الحروب قد ولّى...)أليس هذا وعدك لشعبك يا حاج أوباما عشية فوزك للمره الثانية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؟ نعم لقد تمكنت من استبدال جيشك بآلات الأرهاب القديم الجديد، عبر اعتمادك وحلفائك وأدواتك على نسخ قاعدية تكفيرية ارهابية متوحشة، ودفعت بها الى منطقتنا العربية والى أوكرانيا الآن من خلال استثماراتك ومجتمعات مخابراتك ونظيراتها من حلفائك من بعض عرب وبعض غرب، في فكر ابن تيمية والشيخ محمد عبد الوهاب كفكر الغائي اقصائي، واستثمارات في ديمغرافيات شعوب الدول المستقلة المراد استهدافها لأشباع غرائز الطاقة لدى خلايا البلدربيرغ الأمريكي.

سيدي الرئيس حاج باراك حسين أوباما: روسيّا ليست مجرد بلد وكفى، ولا تقوم بدور ذكر أو زكر النحل وكفى، انّها حضارة كاملة وقصّة أكثر من ألف عام وبوتقة ثقافية ذات قوّة هائلة لا بل انّها أيقونة ثقافية مجتمعية متنوعة كاملة، والروس هم أقرب الى الشرق منهم الى الغرب لا بل هم شرقيون على الأغلب الأعم.

حاج باراك أوباما الآن آراد اعادة التموضع وتجنب مزيد من الخسائر، فادّعى محاربته لصنيعته وبدعته(الدولة الأسلامية في العراق والشام)على أرض سورية وبعيداً عن الشرعية الدولية، دون أن ينتبه وحكومته الأتوقراطية حكومة الأثرياء في الداخل الأمريكي، بأنّ هذه سورية قلب الشرق ومركز المسيحيّة العالمية والضرب فيها وهم على وهم سيدي الرئيس.

لا يستطيع أي أحد أيّاً كان أن يدافع عن شرعية الضربات الجويّة والصاروخية للولايات المتحدة الأمريكية في الداخل السوري ازاء مجتمعات الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من قبلها ودول تحالفها المزعوم، كونها خارج قرارات الشرعية الأممية ومجلس الأمن الدولي سواءً كانت بعلم الحكومة السورية أو بدونها أو حتّى على مستويات التنسيق السري أو العلني المختلفة، وعبر طرف ثالث ان لجهة الزمن الحاضر، وان لجهة المستقبل، خاصةً وأنّ القيد الزمني للغزو سيطول ويطول سنوات، ناهيك عن القيد الموضوعي والذي قد يتطور الى ضرب مواقع الجيش العربي السوري وحتّى مقرات الرئاسة السورية، فهي مدانة وغير شرعية وبكل اللغات وخارج قرارات الشرعية الدولية، وتخالف صراحةَ قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة دولة مؤسس للأمم المتحدة.

الولايات المتحدة الأمريكية يبدو أنّه آصاب عقول كوادرها السياسية والأستخباراتية ومفكريها، لا أقول فقط الجمود والعطب، بل لوثة فكرية وأيديولوجية عميقة، وتخلّت عن فن الممكن وفقدت أهلية الحوار ولم تعد ترى وتسمع، الاّ عن طريق فوهات المدافع ومنصات الصواريخ، صواريخ الكروز والتوماهوك، لتنشر ديمقراطيات الكروز والتوماهوك. لقد تخلّت عن السياسة وأساليبها وآليات العمل السياسي، وتحولت الى دولة محاربة مقاتلة وبشكل مستمر ومتواصل وصارت القوّة العسكرية الطريقة الوحيدة المتبعة لتأمين المصالح وتحقيق الأهداف.

أميركا هاهي تقود العالم عبر بدعة الفوضى الخلاّقة وادارة التوحش المستولدة من الأولى، بالأعتماد على تكريس الأرهاب ودعمه والأستثمار فيه عن طريق تمدده وانتشاره، أميركا تعاني من HOMESICK الى الماضي الدموي الذي آتاح لها سبل نشوئها، وما تحاول تقديمه من نموذج حضاري ما هو الاّ ادعاء مزيف وخديعة جديدة، أميركا صانعت الأرهاب والمستثمر الأكبر فيه وحلفائها من بعض العرب من بعض دول الدمى، وتحاربه وصارت المنقذ لنا ولأدواتها من بعض العرب بعض دول الدمى.

الجيوش الأمريكية الحربية أصبحت الجيوش التي لا تستريح ولا تتوقف، فحيث تكون مصالحها ترى قوّاتها العسكرية تسبقها اليه، فالضربات الجويّة لصنيعة الأرهاب الأمريكي(مجتمعات الدواعش) ان لجهة الداخل العراقي المراد احتلاله وتقسيمه وانشاء "اسرائيل" جديدة في شماله دولة كوردستان، وان لجهة الداخل السوري المراد اسقاط نسقه السياسي ونظامه وحكومته كبوّابة لأسقاط روسيّا لاحقاً، فهذه الضربات ترويض للوحش الداعشي وليس قتله واعادة هيكلة وتوجيه جديد له، حيث الجانب السياسي في هذا الأمر وصل الى مرحلة الأشباع، ان من حيث توصيف العلاقة الوثيقة لمجتمع المخابرات الأمريكي بالدواعش وغيرها من الجماعات الأرهابية بما فيه تنظيم خوراسان الجديد، وان من حيث التعرض لأبعاد وأهداف الضربات الأمريكية في اعادة صياغة شكل جديد للتدخل في المنطقة ورسم قوانين صراع جديدة تتلائم مع متطلبات السياسة الأميركيّة.

الجنرال جون ألن منسق العمليات العسكرية الأمريكية على أبناء الماما الأمريكية من الدواعش وجلابيبها، يعتمد على القوّات المحلية(الصحوات الجديدة التي تم بعثها من جديد) في العراق لمحاربة أبنائه الدواعش وعقوقهم لوالديهم، من خلال ما تملكه الأجهزة الأمنية الأردنية وعلى رأسها جهاز المخابرات الأردني من DATA معلومات وشبكات علاقات مع عشائر الأنبار، وبالتالي التأثير على فصلها عن الدواعش وتأسيس صحوات بنسخ مستحدثة مع مجاميع بعثية سابقة معهم، وتقول المعلومات أنّه في القريب سيعقد مؤتمر ثان للمعارضة العراقية بالتنسيق مع حكومة حيدر العبادي في عمّان، لغايات فك ارتباط العشائر السنيّة بداعش وجلابيبه.

وفي المعلومات أيضاً، أنّ الحدود العراقية السورية ستكون بمثابة منطقة عازلة مع فرض حظر جوي لاحقاً على شرق سورية وشمال شرق سورية وبالتنسيق مع الأتراك، حيث ستكون منطقة عازلة لها بعد طائفي معين – سني، ومن هنا قال أرودوغان شروطه لكي يشترك بالتحالف (اللغم) بالنسبة له لمحاربة داعش، حيث اشترط منطقة عازلة وفرض حظر جوي فوقها. والآن يعمل الجميع على حشر الدواعش في سورية ورفدها بمجاميع الأرهاب المعتدل، بعبارة أخرى يريدون محاربة الأرهاب بالأرهاب، وهذا من شأنه أن يؤسس لمشهد قاتم جدّاً في قادم الأيام.

السفلة الأمريكان يسعون الى بلورة وجهة الصراعات القادمة في المنطقة وبعد اعلان واشنطن عن ائتلافها من زيف محاربة الأرهاب الى فكرة وصيغة مؤداها: ضرب المقاومات عبر الأحزمة الأمنية المستنزفة بين سورية والجولان المحتل، وقد يمتد الى بين سورية والأردن، والحال كما وصفناه سابقاً على الحدود السورية العراقية والحدود السورية التركية. نعم الأستراتيجيات الأمريكية الجديدة في المنطقة تتمثل، في اقامة الأحزمة الأمنية الآمنة ومناطق حظر جوي مع ممرات انسانية لاحقاً وبعيداً عن الشرعية الدولية وعبر توسيعات للقرار 1270 متلاقحاً مترافقاً للقرار 1278 مجلس أمن دولي، وان كان الأخير بلا آليات وجداول زمنية رغم اجابيته.

داعش أطلق ضيوفه من الأتراك عبر فصول مسرحية بدأت تتضح مشاهدها، ويستمر بالهجوم على عين العرب(كوباني بالكوردية) بدعم من الوحدات الخاصة التركية التابعة لجهاز المخابرات التركي وجهاز استخبارات الجيش التركي، ليمهد لآقامة منطقة عازلة مع حظر جوي للقضاء على الحلم الكوردي المتعاظم في اقامته على الأقل مناطق حكم ذاتي، قد تقود في النهاية الى اقامة دولة كورديّة غير دولة كوردوستان "اسرائيل" الجديدة في الشمال العراقي.

رعاة البقر والكابوي عادوا الى المنطقة بغطاء عربي عسكري ووفّر العرب فكرة مفادها: أنّ المعركة ليست بين واشنطن والسنّة في العراق وسورية أو لدعم المحور الشيعي في المنطقة، انّها فكرة تظليليّة قاتمة ومع ذلك تحاول دمشق النازفة التأقلم مع المتغير الجديد وفق حسابات خاصة بها.

الغزو كان في بداية هذا القرن في العراق تحت عنوان الأرهاب ويتكرر من جديد بعيد عقد من الزمن تحت العنوان نفسه، بعد اعادة هيكلة ودعشنة داعش ونصرنة النصرة وقوعدة القاعدة من جديد عبر عمليات هندرة حروب الوكالة الأستخباراتية، فكان خوراسان وموراسان ولا ندري ماذا سيكون غداً.
ولخلط الأمور ببعضها البعض وعبر خلاّط مولينيكس سعت وتسعى واشنطن الى زج ايران في معركتها الأستعراضية ضد دواعشها وجلابيبهم، لكن ايران لم تكن في عجلة من أمرها لسحب الكستناء من النار الأمريكية، انّها العقلية الأيرانية الشهيرة القائمة على الصبر واتقان العمل حتى موعد الحصاد، والذي غالباً لا يظهر في السجّاد الأيراني قبل اتمام الحياكة، هي حنكة ايرانية ودهاؤها الدبلوماسي والأمني الذي أوصلها الى أن فرضت اعادة رسم خريطة التوازنات الأستراتيجية في المنطقة، على الرغم من أنّها تراجعت الى موقع الدفاع الذي يجبرها على أن تكون المتلقي للصدمات، الاّ أنّها اختارت الصد عبر الهجوم هذه المرة، فدعمت الحراك اليمني من جهة، وأفشلت المخططات في العراق والشام، لقد طوّقت الدول التي تآمرت، وأثبتت أنّها قادرة على الأمساك بالمنطقة دون الحاجة الى احتلال دول أو ضربها وعبر لعبة المعابر والمضائق، من هرمز الى باب المندب، لتوجه ضربة قاسمة للوجود الصهيوني في البحر الأحمر وفي القرن الأفريقي وخاصة في أثيوبيا.

لكن العلاقات الأمريكية الأيرانية في هذه المرحلة بالذات، توصف بأنّها مثل المتزوج الذي دعا عشيقته ذات القوام الممشوق والأرداف المكتنزة وذات الوجه الملائكي، الى عشاء بشموع حمراء بالخارج ولا يريد لأحد أن يراه فيفضح سرّه.

الولايات المتحدة الأمريكية تواجه الآن عواقب آلاعيبها الماكرة ضمن ظروف يصعب السيطرة عليها، الاّ بتحالف شبيه بتحالف بوش الأبن وشن حرب جديدة على أبنائها من الدواعش يأجوج ومأجوج العصر والبرابره الجدد، فهي خلقت فيروس داعش ونسخته المتقدمة خوراسان الان لأنشاء دولة كوردوستان(اسرائيل الجديدة) وتقسيم العراق وسورية ولاحقا تركيا، ومحاولاتها المستمرة للأطاحة بالأسد وحكومته ونظامه وبالنسق السياسي السوري كلّه كانت السبب بغض الطرف عن الأسلاميين ونشوء الدولة الأسلامية في العراق والشام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات