(قرصت أذن) أم وسيلة جديدة لتكميم الأفواه ؟!


هذا المثل يدخل إلى ساحته العديد من الباحثين سعيا لاستخلاص بعض الدروس أو النتائج ورغبة منهم في استيعاب بعض القيم والدلالات،وقد تردد هذا المثل كثيراً في الآونة الأخيرة وعلى وجه الخصوص عند الحديث عن سين أو صاد من الإعلاميين المتميزين في مجالات النقد البناء،إلى درجة أصبحنا نشعر فيها أن هذا المثل أصبح عنوان لمرحلة أمنية إعلامية جديدة ، مرحلة ربما تعيد هيكلة الإعلام الأردني ضمن وعي أمني فريد ويقظ بكل مكنونات القادم وأبعاده ، وتلك علامة على دقة نادرة في العمل والإنجاز الحكومي، ودليلا يضاف إلى نمط فذ في المهارة والإتقان الرسمي ، ولكن كيف والحكومة تبدو وكأنها قادمة من العصور الوسطى ؟!

أعتقد أن العديد من القراء يدرك ما يدور في كواليس غرف الممتهنين لحرفة تكميم الأفواه ، ولعل ما يحدث بين الحين والأخر يبين لنا بوضوح ما جادت فيه قرائح فحول الاستبدادية ، ولا ريب أن هنالك أشخاص لم يتوقع أحد أن تمارس عليهم قرصت الأذن ، أشخاص لهم حضور في ضجيج الحياة الأدبية والثقافية، وقد ركبوا الأعمال الصعبة التي تتطلب صبرا وهدوءا واعتزالا، ولكن هيهات أن تتركهم حكومتنا حتى ولو أن الواحد منهم اعتزل الناس والمجتمع والوظائف الرسمية، منذ زمن، لأن موهبة الناقد في هذا الرجل أو ذاك تجعله في قلب الهدف الحكومي ، لا بل والأمني تحديداً !

كم نشجع على الديمقراطية الإعلامية إلى درجة ننقب في المقالات والآراء لعلنا نعثر على دليل إدانة ضد هذا الشخص أو ذاك ، ولا أستغرب أن تستحدث وحدات ذات نمط متميز وتدريب عالي لغايات جمع الأدلة لتمكين الحكومة من ممارسة حقها في قرص أذان العباد ، أي عمل هذا الذي ينبئ عن حس رهيف وتذوق رفيع، وتفاعل عظيم مع الإعلاميين المتقدمين في مجالات النقد البناء بكل ما في الساحة النقدية من مفردات وصور ومدلولات ، مع خصوصية لهذا الشخص تميزه عن الشخصية الأخرى ، في ظل مسافات تجتمع على الهدف الأسمى لرفعة الوطن ، من خلال منهج يمتلك قدرة على فهم كل ما يدور في خلد الغالبية الصامتة ، الغالبية المغلوبة على أمرها .

هؤلاء معلمين في مدارس النقد البناء لا بد من تحفيزهم وتشجيعهم وتقديم الأوسمة لهم ، لا العمل على تأمين زيارات أمنية لهم تحت عنوان ( أعرف زلازل بلدك ) أو إدخالهم في سيارات النظارات المتحركة لتجوب فيهم المملكة في رحلة لا تنتهي إلا في غيبوبة السائح الأمني( الناقد الإعلامي ) ، مع أنهم لم يقترفوا أكثر من تقديم قدرتهم المعرفية والإبداعية بوصفهم يمتلكون الرؤية الناضجة، والأداة الماهرة، والمنهج المتميز ، والذي اشتهر بالتحقيق العادل وعدم الدخول في الصراعات السياسية والاقتصادية والمالية سواء الفاسدة أو غير الفاسدة ، نتحدث عن المشتغلين بالنقد البناء والمتابعات الإبداعية، في صحف يومية أو دوريات أسبوعية أو شهرية أو نحوها الإلكترونية أو الورقية ، وكل من ينطبق عليه ذلك أو من جاء يحمل في ضميره الحي معركتين ضخمتين من أجل ( الوطن ، والمواطن ) تلك المعركتين التي تتفرع عن كل منهما ما يمكن أن نسميه بمعارك صغيرة أو محاور فرعية للصراع. ومن المفارقات أن تمس شظايا الكلمات أحد الشخصيات من أصحاب العصمة اللذين لا يمكن المساس في قدسيتهم الوطنية لأي من الأسباب ، من هنا تبدأ رحلة العذاب لذلك الشخص الذي يزج في معمعة الصراع المختلف كلياً عن ثقافته وأدبه ، والهدف أن ينسلخ من ذاته ويصبح هو ذاته وغير ذاته إلى درجة يشرف فيها على حدود الانفصام النفسي عندها فقط يكون مؤهل للخروج إلى الحياة التي جاء منها ، والمسكين يخرج وهو يتساءل ماذا أفعل لكي لا أعود فيقولون له فقط أنتبه لنفسك ، وأكتب ما تريد !!! بالطبع هذه العبارات لوحدها كفيلة بعد رحلة العذاب تلك بأن تجعل عنده شرخ ذهني وعصبي لا يعالجه إلا الله أو الهروب إلى مكان مجهول لا يعرف فيه ولا يعرف أحد !

الله أكبر ما هذا الشطط والغلو والمغالطة والسطو على داخل الناس وإعادة برمجتهم من الداخل وكـأنهم ألآت الإلكترونية، أبهذه الطريقة يمكن مواجهة الظلم والاستلاب والإرهاب المنظم وغير المنظم ؟ سؤال برسم ما تسمونه قرصت أذن ، وما نسميه سطو على الداخل الإنساني دون وجه حق ، إنه عين الإرهاب وأبشع أنواعه ، أنا لا أعرف أي نوع من الكتبة تريدون ما دمتم تريدون كتابات بعيدة عن مناخ التضحية والجهاد الوطني أو العقائدي أو اللغوي ولا تصب في بحر الدفاع عن الإنسانية والأمن الإنساني بمعنى أشمل وأرحب ، ويبقى السؤال : (قرصت أذن) أم وسيلة جديدة لتكميم الأفواه ؟! خادم الإنسانية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات