شر الشر شرعنة التسلط


يقال أن الدستور الأردني يصنف ضمن مجموعة الدساتير الجامدة التي تتبناها العديد من الدول، وهذا المفهوم معناه أن الدستور لا يتم تعديله بسهولة، وإنما يتطلب أمر التعديل الدستوري قنوات دستورية متعددة، قد تبدأ من جسارة عشرة نواب بطلب تعديل على الدستور، ثم موافقة مجلس النواب، ثم الدفع بالمقترح لرئاسة الوزراء لإجراء المقتضى القانوني، أو أن يقوم مجلس الوزراء بتقديم مشروع تعديل دستوري، ويُعرض على النواب لإقراره، ثم يرسل إلى مجلس الأعيان، ثم للملك كي يصادق عليه، أو يقوم الملك بتشكيل لجنة لتبحث بالتعديلات الدستورية المطلوبة حسب وجهة نظر الأكثرية الشعبية في الظروف الاستثنائية، التي قد تمر بها البلاد.
وعلى الرغم من تعقيد إجراءات التعديل الدستوري إذا كانت المطالب بالتعديل نابعة من القاعدة، أي أن تكون نتيجة مطالب شعبية، فصراع مرير بين الحراكات الشعبية، والقوى السياسية في البلاد، لإجراء تعديلات دستورية تخدم المصلحة الوطنية، لغايات تفعيل بنود الدستور المجمدة أساسا، والتي تعتبر من ابسط الحقوق السياسية للمواطن الأردني، بحجة أن التعديل المطلوب يمس مساس مباشر بصلاحيات الملك، حسب رأي الفريق المعارض لأي تعديل دستوري يحصن مجلس النواب من الحل، أو يعزز صلاحيات الحكومة وولايتها العامة، الأمر الذي يخشى منه أن يستغل أي تعديل دستوري من هذا القبيل لصالح مشروع توطين الأشقاء الفلسطينيين، وتضييع الحقوق الفلسطينية، والقضاء على حلم إعادة فلسطين وتحريرها، على اعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى التي تتحد الحكومات العربية جميعها على اعتبارها قضيتهم الأولى.
وعلى الرغم من الإجراءات القانونية المعقدة لتعديل الدستور، نجد أن الرغبة الحكومية في تعديل الدستور لها أبواب أخرى أكثر سهولة ويسر، فالأمر لا يتطلب سوى استئذان دولة الرئيس بان يجري بعض التعديلات الدستورية، لتكون في صبيحة اليوم التالي تحت أقلام معالي الوزراء، ليوقعوا على مشروع التعديل، ويدعى مجلس النواب للانعقاد بدورة استثنائية، ليبارك هذا المشروع ويقره، وحتما وبما أن هذا التعديل الدستوري المفاجئ جاء بالرغبة، فلن يتم إقراره حكما بمضي المدة القانونية على رفعه للمصادقة.
واعتقادي أن هذه الرغبة بالتعديل الدستوري، ستكون آخر رغبات دولة النسور الذي تخندق طويلا بخندق المعارضة، وما أن وصل إلى الدوار الرابع حتى بدا عليه انه ما عارض الحكومة يوما قط، فقد دخل الحكومة مسئولا وهو اليوم مأمورا ومستشارا لا يستشار في الأمن الوطني فما لم يكن في الليالي الظلماء كان على عصر النسور في الأيام المشرقة.



تعليقات القراء

نعم .......
كلام ذهب
19-08-2014 06:36 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات