الصناعة و البحث العلمي الأصيل ..


إن الغاية الأساسية من البحث العلمي في أي بلد كان هي إضافة كل ما هو جديد و تطوير ما بدأه الآخرون في كافة المجالات, و العلوم المختلفة بهدف الوصول إلى درجة عالية من الرفاهية و الصحة و الإنتاج ...
و الذي بدوره يرتقي بالفرد, و المجتمع, و يمكّنهم من امتلاك القوة و المعرفة التي من الواجب الطبيعي أن تكون لخدمة و رقي و تطور البشرية لا لدمارها أو زوالها .
فالبحث العلمي قد يسخًر لخدمة البشرية في كافة و مختلف مجالات الحياة, كما حدث على سبيل المثال لا الحصر من تطور في مجال الطب و صحة الفرد, حيث أدى هذا التطور إلى القضاء على الكثير من الأمراض الفتاكة التي قتلت ملايين البشر فأعادت الأمل و البهجة و الحياة إلى الإنسانية, إضافة إلى الكثير من الاختراعات و الاكتشافات التي أوصلتنا اليوم إلى أن يكون هذا العالم الواسع المترامي الأطراف قرية صغيرة, و كل هذا و أكثر ما كان ليكون لولا فضل الله أولا ثم الاهتمام و التطور الذي حصل في البحث العلمي الأصيل .
في المقابل أدى سوء استخدام البحث العلمي إلى قتل و تشريد و تجويع الملايين من الناس, إضافة إلى حدوث أضرار كبيرة في مجال البيئة, حيث كان لها الأثر السلبي على كرتنا الأرضية من خلال الحروب, و أسلحة الدمار الشامل, أو من خلال سوء استخدام لخيرات و ثروات الطبيعة الخلابة من اجتثاث للغابات, و إقامة المباني و المصانع على الأراضي الزراعية و سوء استخدام لمصادر المياه و غيرها من القضايا التي أضرت كثيرا بالبيئة .

ما أردت الحديث عنه في هذا المقال هو مدى استغلال الجانب الإيجابي للبحث العلمي, و توظيفه في خدمة بلدنا العزيز و وطننا العربي الكبير, الذي يمتلك الإمكانيات الهائلة, سواء كانت البشرية, أو الثروات الطبيعية . و بالتالي نطرح هذا السؤال المشروع : ما هو الواقع الحقيقي للبحث العلمي في العالم العربي ؟ و ما هو موقع الدول العربية كافة على خريطة البحث العلمي في العالم ككل ؟
بعد حصول الدكتور أحمد زويل الأمريكي الجنسية المصري الأصل على جائزة نوبل في الكيمياء, تحدث في محاضرة عامة ألقاها على فضائية دريم المصرية و أمام نخبة من المتعلمين في مصر عن واقع البحث العلمي في الدول العربية كافة فذكر و بشكل واضح أن موقع الدول العربية على خارطة البحث العلمي من بين دول العالم هو ( 0% ) نعم صفر ....!! أي لا وجود للبحث العلمي الفاعل و المؤثر في كل الدول العربية, وهي حقيقة مرّة و مؤلمة في حين كانت الدولة الأولى في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية بما نسبته ( 33 % ) من بين دول العالم !؟
و أنا هنا لا أريد أن أفصل بهذه النسب و إنما أردت أن وضح ما يلي :
أن الجهة الرئيسة التي تدعم البحث العلمي في أمريكا هي القطاع الخاص: من مؤسسات و مصانع و شركات, و ليست الحكومة الأمريكية, و هذا يدل بشكل كبير على ثقة هذا القطاع بأهمية البحث العلمي و دوره الفاعل في تطوير و زيادة الإنتاجية و ابتكار كل ما هو جديد . و كيف إذا ما علمت أن باحثا في مجال معين من خلال دراسة أو بحث علمي أصيل على أسس صحيحة يمكن أن يحقق لي كل هذه الأرباح إذا ما كان الهدف هو الربح ، أو الريادة و القوة إذا ما كان الهدف هو امتلاك المعرفة و التي هي القوة الحقيقية .
من هنا و من خلال ما تم استعراضه أردت أن أوصل رسالة عبر منبركم الكريم إلى قطاع الصناعة بشكل خاص, و المؤسسات و القطاع الخاص بشكل عام في بلدنا الحبيب أن يبادروا إلى استحداث و وضع آليات معينة لدعم البحث العلمي الأصيل, و لو من باب المصلحة العائدة للمصنع هذا أو ذاك, من خلال وسائل تضمن جودة البحث العلمي المبني على أسس علمية ؛ فالكفاءات موجودة و بلدنا ليس عقيما بها لكن في المقابل الباحث العلمي عندما يدرك أن هذا البحث مدعوم و أنه سيفعّل و يرى أثره ( بدلا من وضعه في الأرشيف ليأكل عليه الدهر و يشرب و يبقى حبرا على ورق ) فإن الباحث سيجتهد و يجتهد إذا ما علم أن بحثه سيرى النور و يوفر له الدخل الجيد و الحياة الكريمة .
و علينا أن نبادر إلى وضع جسور الثقة بين قطاع الصناعة من جهة, و بين الباحث العلمي من جهة أخرى فإذا ما تم ذلك فستكون النتائج و الثمار كبيرة, و لعلّ أبرز هذه الثمار و النتائج هو الحد من هجرة العقول و الكفاءات الوطنية إلى بلاد توفر كل وسائل الراحة و المادة للعقول النيرة التي جاءت تبحث عن من يقدرها و يسمع لها .
rawwad2010@yahoo.com



تعليقات القراء

مش ضروري
السلام عليكم ورمضان كريم ينعاد علينا وعليك يا دكتور بالصحه والعافيه وكل عام وانتا بخير .
المقال اللي كاتبو يعطيك العافيه عليه لانو مهم جدا بحياتنا وبكل المجالات
انشالله الناس تسير تعمل بحث علمي وانا منهم
وشكرا ع المقال لانك لفتت انتباهنا لشيء احنا كنا بعاد عنو
يعطيك العافيه
19-08-2009 01:57 PM
ايه الشرمان
ان هذا الموضوع بحاجه ماسه لمن يصلط الضوء عليه لانه لو تم تتخصيص0.1% من اموال الشركات والمصانع للبحث العلمي لانتجت هذه النسبه البسيطه ارباح يمكن ان توازي الرح العام لهذه الشركات لاننا نملك عقول وطاقات ولدينا قدرات تستطيع ان تحول الرمال ذهب وتخرج للبشريه ما يفيدها ولا يضرها......ونشكرك دكتور على هذه المواضيع التي تخدم وتنصب لصالح بلدنا الحبيب.
19-08-2009 02:06 PM
متابع لكم ومحب
إلى الأمام فقد وضعت قدمك على الطريق الصحيح ونتمنى لك التوفيق والنجاح في التنفيس عن شريحة كبيرة من الاردنيين
19-08-2009 02:46 PM
الاء طه البطوش
أنا متأكدة من وجود فئات كثيرة في بلدنا لديها التوجه العلمي والتطوير والابداع في مجالات عدة ولديها من يساعدها ويشجعها على ذلك لكن المشكلة انه من أول خطوة يقدم عليها الشخص لا يجد سوى من يصده أو يلقى المتاعب وهذا بالعكس لايساعده سوى على أن ينفر الى خارج البلد أو أن يبقى على ما وصل اليه .
ما وصل اليه العالم اليوم هو ليس الا من أبناءنا الذين هجرتهم الايام الى تلك البلدان التي تأخذ كل ابداعاتهم وتحاول قدر الامكان ان لا تنسبها سوى لصالح تلك البلد التي تبنت ذلك الطالب والمحصة أننا لاشيء
ومن هنا يجب أن يتدخل الجميع فالدولة ذات العلم القوي هي القادرة على كل شيء بعد ذلك وبالتالي اننا نرى أن تصب الدولة نفسها لصالح البحث العلمي وأن تشجع الطلبة على ذلك والمحصلة أن الفئات كلها مستفيدة والدولة هي الرابح الاكبر في ذلك ليقوى اقتصادها وليعلى بنيانها وليقوي جيشهاوذلك كله في صالحها.
19-08-2009 06:14 PM
باحث طفران
بس للي يفهم هالحكي ................؟؟؟؟؟
22-08-2009 10:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات