الرضاعة الطبيعية


ان الارضاع من الأم التي تتمتع بصحة جيدة ووضع تغذوي سليم وملائم يوفر غذاءً كاملاً للرضيع في الأشهر الأولى من العمر، ومن المثبت علمياً وبشكل لا يقبل الجدل أنه لا يوجد غذاء أفضل من حليب الأم، وبالتالي يعتبر حليب الأم هو الغذاء المثالي للرضيع وحسب كل المعايير والمقاييس والمواصفات، ان عملية در الحليب او إدراره تعتمد بشكل كبير على افراز هرمون البرولاكتين من الغدة النخامية الأمامية، ومن المعروف انه وخلال فترة الارضاع فان البرولاكتين المفرز كاستجابة لمص الثدي من الرضيع يؤخر العودة الى الاباضة نتيجة لتثبيطه للهرمون المنشط لجريبات المبيض، وبالتالي يمكن القول ان الرضاعة الطبيعية تقوم بدور أحد موانع الحمل ولكن هذا الأمر غير مضمون اذ يمكن ان تحمل الأم رغم كونها مرضع.

ولا بد من الاشارة ان حليب اللبى الذي تدره الأم في الأيام الأربعة الأولى بعد الولادة، وهذا اللبى يميل الى الصفرة ويحتوي على كمية بروتين تقدر بخمسة أضعاف الكمية الموجودة في حليب الثدي العادي ويحتوي على نسبة أعلى من الصوديوم والكلورايد ونسبة وجود النشويات والدهنيات أقل مما هي عليه في حليب الثدي اللاحق، واللبى يكون أكثر قلوية وله ثقل نوعي أعلى ويحتوي على عوامل مساعدة لمناعة الطفل، وتقدر كمية اللبى المنتج يومياً بحوالي 10-40 مللتر ويستبدل تدريجياً بحليب الأم العادي والطبيعي، ولا بد من التنويه وسبحان الخالق عز وجل ان تركيب حليب الأم يختلف من أم الى أخرى ومن رضعة الى أخرى ومن وقت الى آخر في الصباح والمساء ولكن هذا الاختلاف عادة ما يكون طفيفاً.

وعلى سبيل المثال فقد وجد ان حليب الصباح الباكر يحتوي على كمية أكبر من الدهنيات وان الحليب في بداية الرضعة يكون أكثر سيولة وان الحليب في نهاية الرضعة يحتوي على كمية أكبر من الدهنيات، وللعلم وللمقارنة فان حليب الأم يحتوي على كمية بروتين أقل من حليب البقر ويحتوي حليب الأم على كمية أعلى من الاحماض الأمينية  taurine  و Cystin وكمية أقل من البروتين والفينيل آلانين، أما البروتين الأساسي في الحليب البقري فهو الغلوبين اللبني بيتا بينما لا يوجد له أثر في حليب الأم، وتختلف طبيعة الكازين الموجودة في حليب الأم عن مثيلتها في الحليب البقري، ويؤدي استعمال الحليب البقري الى ارتفاع نسبة اليوريا واسمولية البلازما مقارنة بنسبتها عند الرضاعة الطبيعية ووجود نسبة أعلى من الدهون وسكر اللاكتوز

 

ونسبة أقل من الكازين في حليب الأم يؤدي الى سهولة هضم حليب الأم والاستفادة الكاملة منه.

ومن المعلوم ان نسبة الصوديوم في حليب الأم تساوي 25% فقط من نسبتها في الحليب البقري، وكذلك فان وجود هرمون الأمعاء gut hormone والبروستاغلندين في حليب الأم ومختلفة نسبته عن الحليب البقري يؤديان الى ان يكون براز الرضيع اكثر رخاوة، وكذلك تكون مرات الاخراج اكثر عدداً من الرضاعة الطبيعية ومن الثابت ان لحليب الأم خصائص مضادة للخمج، فحليب الأم يحتوي على الخلايا الليمفاوية B+T والخلايا البلعمية (macrophages) وتلعب دوراً في:

1-   الوقاية من الالتهابات المعوية القولونية الناخرة.

2-   الوقاية من العوامل المضادة للفيروسات.

3-   تحييد أضداد شلل الأطفال.

4-   الغلوبين المناعي IgA,IgG,IgM.

5-   تحتوي على تسع عناصر من العناصر المتممة Complement

6-   اللاكتوفرين Lactoferin ويساهم مع IgA في الوقاية من الاخماج المعوية والكوليرا.

7-   عوامل وقائية مثل الليزوزيم والترانسفرين والتي لها دور هام في تثبيط نمو الجراثيم.

ويجب التنويه أن أفضل طريقة لارضاع الطفل هو ارضاعه عندما يطلب ذلك وليس تحديد وقت محدد بين الرضعات ومدة الرضاعة تكون عادة ما بين (7-15) دقيقة.

ولا بد من العلم ان هناك ادوية لا يجوز استعمالها من الأم الحامل مثل موانع الحمل الفموية ودواء Rezerpin ومضادات الدرق وغيرها.

وهناك حقيقة ثابتة تقول ان النيكوتين يقلل من افراز الحليب لذلك يطلب من المرضع عدم التدخين ومن الأب عدم التدخين في البيت على الأقل، اما استعمال الكحول من الأم المرضع فيؤدي الى ضرر على نمو الطفل وخاصة تطور الطفل الحركي.

ولا بد من التذكير ان حليب البقر قد يثير بعض أنواع الحساسية (Allergy) ولا بد من التنويه ان حليب الأم يوفر بعض الحماية من الاصابة بالاكزيما اضافة الى أن نسبة اصابة المرضعات بسرطان الثدي أقل منها وبنسبة كبيرة من غير المرضعات، وكذلك فان الطفل الذي يرضع من أمه يكون أقل عرضة للاصابة بالسمنة والتقرحات الشرجية، ولا بد من القول أن أكثر من (250) مليون طفل حول العالم يعانون مع سوء التغذية وان زيادة نسبة الرضاعة الطبيعية وتشجيعها ستؤدي الى تخفيض نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

 

 

 

 

 

وختاماً أقول لقد استخدم حليب العديد من الحيوانات في اطعام الرضع، ومن هذه الحيوانات المعزاة، الحمارة، الناقة، انثى اللامة، الرنة، الكلبة، الفرس، الجاموس المائية.

ومن الطريف ان الرضع في باريس (وحسب كتاب الطفل الطبيعي للدكتور رونالد آلنغورث) في القرن التاسع عشر كانوا يرضعون مباشرة من الحمارة التي كانت تحفظ في إسطبلات بالقرب من مستشفى الولادة، ومن الطريف أيضاً ان الرضع كانوا يرضعون من الماعز مباشرة في مالطا، ويجب علينا جميعاً ان نعمل جاهدين لزيادة نسبة الرضاعة الطبيعية من خلال شرح أهميتها للأمهات ولا بد من ايصال الرسالة الحقيقية ان لا حليب صناعي مهما كانت درجة تكيفه يصل في مستواه لحليب الأم.

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 مستشار طب الأطفال

رئيس قسم الثلاسيميا في مستشفى البشير التعليمي- عمان


 



تعليقات القراء

رنوش
مشكورين على المعلومات المفيدة
17-08-2009 04:42 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات