من( فاليسا) بولندا الى( سنيد) الاردن


ثلاثة ايام مضت على اعتقال الناشط العمالي محمد السنيد , وقفه احتجاجيه نظمها اليوم مجموعه من النشطاء العماليين و نشطاء حراك ذيبان دفاعا عن حرية السنيد , لا اعرف لماذا اعادتني الحادثه ثلاثين عاما للوراء , حيث كنا مجبرين على الجلوس امام التلفاز مع العائله لمشاهدة نشرة الاخبار , خبر كان يتكرر على الاقل ثلاث او اربعة مرات شهريا , كان الخبر يتحدث عن اضرابات العمال في بولندا الشيوعيه في ذلك الوقت , وكان هناك متحدثا واحدا يتكرر وجهه على التلفاز , شخص يلبس ملابس العمال ( المريول) و كان ممتلئ الجسم , احمر الوجه ( لا اعرف كيف كنا نشاهد ان وجهه احمر رغم ان تلفازنا لم يكن ملوننا ), اسم واحد كان يتكرر في الخبر , (ليخ فاليسا) , هكذا كان مذيع الاخبار يلفظ اسمه , كنت تجده احيانا يخطب من على ظهر جرافه و مره من على ظهر تريلا و اخرى من على ظهر (سقف مطوبر) , كانت بولندا هي البلد الشيوعي الوحيد ضمن المنظومه السوفياتيه الذي يشهد اضطرابات عماليه مستمره , و مع سقوط منظومة الدول الشيوعيه في اوروبا الشرقيه كان النظام البولندي هو من اوائل تلك الانظمه التي سقطت , لتجري بعد ذلك انتخابات تقود ليخ فاليسا ليتولى رئاسة بولندا لسنوات اربع لم تتكرر.
نعم تذكرت ليخ فاليسا اليوم و سالت بماذا يختلف محمد السنيد عن ليخ فاليسا ؟ و ما قادني لهذا السؤال هو حادثه جرت بين احد الاصدقاء مع السفير الامريكي في عمان سنة 2012 , و لعلني اذيع سرا عندما سأل السفير الامريكي هذا الصديق في احد اللقاءات : هل تعتقد بان محمد السنيد يستطيع تحمل المسئوليه كوزير او كرئيس لوزراء الاردن؟ التساؤل كان جادا في ظل تصاعد الربيع الاردني , و لربما كان في ذهن السفير الامريكي نموذج ليخ فاليسا , و لا ننسى بانه هذا هو نمط الفكر الامريكي , حيث لا يستبعد اي سيناريو و يبنى خططه على كل السيناريوهات , طبعا لست هنا بوارد ماذا كان جواب ذلك الصديق و لكن عند طرح السؤال كان الجواب في رأسي دون ان تنطقه شفتي : ليخا فاليسا قاد ثوره و نجح بها و لكنه لم ينجح في ادارة الدوله و لذلك اسقطه البولنديين في الانتخابات التاليه رغم ارثه التاريخي, و كذلك السنيد في رأي , فهو يصلح لقيادة التغيير و لكن و لربما لا يصلح لتولي مسؤولية كبير مثل ادارة الدوله .

تذكرت هذه القصه اليوم و انا اشارك مع العشرات في اعتصام امام رئاسة الوزراء دعما للرجل , لم ارثي لحال السنيد ابدا و لكني حزنت لحال هذا الشعب الذي لا يصحو على خبر رفع اسعار البنزين او اسعار الخبز , يصحى لدقائق معدوده ثم يعود لسكونه و عندما يبحث عن شخص يلومه على ما وصل اليه حال البلد فانه لا يلوم الا ابناء الحراك و منهم السنيد و يرفع صوته عليهم : اين انتم من رفع الاسعار , مسكين هذا المواطن فلربما هو لا يعلم ان السنيد بين قضبان السجن الان لانه دافع عن حرية و كرامة الاردنيين و عرى الفاسدين دون تورية و ذكرهم بالاسم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات