ورقة المقاومة


قبل أشهر، وحسب موقع العربية نت، صرح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قائلاً: ان السعودية وجهت دعوة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة بلادة ” وأكد على على ضرورة إعادة التواصل معها، فإيران جزء من الحل، لا جزء من
المشكلة.

تصريح الوزير السعودي شكل دقة قوية على باب طهران، ودعوة لتجيسر الهوة ما بين البلدين، لتطبيع العلاقات وانهاء بؤر الخلافات. إيران بدورها رحبت بالتحرك السعودي، باعتباره خطوة في الإتجاه الصحيح.

فانفتاح الأبواب الموصدة، وحدود التغيير في السياسية الإيرانية والسعودية، يشكلا عاملا استقرار للمنطقة، ورضا معقول بسياسة الشركاء الأصدقاء، لا الفرقاء الاعداء.

المشهد يؤكد النظرة، المقاومة اليوم تمثل الباب الأكثر طرقاً من كافة الأطراف المتصارعة، سيما وانها أعادت في خلط الأوراق، بعدما حققت في غزة انتصاراً مدوياً على إسرائيل، فمن أراد دخول اللعبة الشرق الأوسط، لابد عليه الأن من التدثر بدفئ المقاومة، فهي تمنحها شيئاً من الشرعية لمشروعها، لهذا تحديداً لا نستغرب إذ قامت السياسة الإيرانية المرنة بإعادة فتح قنوات اتصالها السابقة مع حركات المقاومة، لاستعادتها، فالأوراق جميعها الأن بيدها – أي المقاومة - وجميع من في الأقليم يخطب ودها، إلا أن الهدف الإيراني هذا ما هو إلا خطوة مرحلية قصيرة المدى، ذات بعد اقليمي، إلا أن الهدف طويل المدى ذو البعد الدولي يحقق لها الأفضلية في تحسين شروطها التفاوضية مع الغرب.

هنا جاء دور القاهرة، المصابة بفوبيا الإخوان الرافضين الاعتراف بسياسة الأمر الواقع التي جلبت الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد انقلاب ٣ يوليو، وجدت في الخطوة الإسرائيلية مشروعاً خادماً لسياستها الداخلية. حتى وإن تطلب الأمر القيام بأدوار لا تعبر عن سياستها الحقيقية في الاقليم لصالح غيرها.

فالإخوان وامتدادهم الاقليمي، ممثلًا بحماس، خطر محقق وقابل للاتساع، وانتصار المقاومة يعطيهم رداءاً من الشرعية المقدسة والاستمرارية، فضلا عن المقدرة على فرض واقع جديد، نظرة القاهرة اعتمدت فرضية أن التهديد الأكبر الأمنها القومي يتأتى من الإخوان المسلمين، لا من إسرائيل، لذا رأت أن العمل على ضرب المقاومة ذراع إخوان في المنطقة، حماية لأمنها وتقوية لمشروعها، المعتمد كلياً على اسقاط تيار الإسلام السياسي ومشروعه.

القاهرة خلعت جلبابها، ولبست الدشداش السعودي، كواجهة وامتداد لسياستها، رضيت بلعب الدور، حفاظاً على ماء الوجة السعودي أولاً، الذي تلقى الصفعات المتتالية في سوريا ولبنان وفلسطين. ثانيا لتبرئة ساحة - القاهرة - مما وصف في الصحافة العالمية بأنه اتفاق سعودي مصري إسرائيلي، لضرب المقاومة الفلسطينية، عمل على احراجها لا عربياً فقط، بل وعالمياً.

نجاح مصر إلى حد بعيد في استثمار غبار شتاتها، خصوصاً بعد رفض حركات المقاومة لورقتها التفاوضية الأولى التي تجرم المقاومة وتوحد بينها وبين إسرائيل، ورغم امنياتها القائمة على كسرها ووأدها في أرضها، نتيجة عدم تفريقها بين ما هو وطني، وما هو قومي، الخطوة المصرية تضمنت الموافقة على شروط المقاومة، نتج عنها الاعلان عن تهدئة انسانية لمدة ٧٢ ساعة بين المقاومة واسرائيل، كإتفاق مرحلي أولي، الخطوة المصرية، ليقيت ترحيباً دولياً واسعاً.

الترحيب غير المتوقع والأكثر اهمية، وصل للقاهرة من طهران، التي باركت الجهود المصرية، فحسب تصريح أحد المسؤولين الإيرانيين لقناة الميادين الأخبارية. وكأن ذلك استكمالًا لما بدأه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، سابقاً، في دعواته المتتالية لفتح أبواب الحوار ما بين طهران والرياض.

إيران ولإعتبارات تتعلق باحتضانها السابق للمقاومة، وجدت نفسها أمام بستان قطوفه دانية، وما عليها إلا جني الثمار، ووضعها في سلتها، من ثم استثمارها. ما يمنحها موقفاً وشروطاً تفاوضية أفضل مع الدول الغربية، التي باتت تنظر لها كدولة كبرى، يتوجب استشارتها في الإقليم، تمسك وتتحكم بالكثير من المفاصله، والقول بإستثناءها يعني إبقاء أوضاع المنطقة على فوهة بركان لا يملك أحد ترف التنبؤ بموعد انفجاره.

النظرة الإيرانية جعلت الدول الغربية أكثر قناعة بضرورة دور طهران لا سواها في المنطقة حسب اهم الدراسات الغربية، وهذا ما قد يسُرع في إنتاج صفقة كلية كبرى للإقيم لا جزئية، تنهي كل الأزمات المتداخلة، وتعيد ترتيبها مرة واحدة وللأبد، وفق متطلبات الواقع الجديد.

في النهاية، أن يصل القطار متاخراً بعض الشيء إلى محطته، لإعادة تحديد مسارة من جديد بما يتوائم مع مصالح الجميع، لأمر جيد في ظل الأوضاع الخطرة التي يعاني منها الاقليم.

أما الأتكال على سياسة الاختيار بين الاستقرار و عدم الاستقرار في المنطقة يحرف القطار عن مساره الصحيح، خصوصاً لدول الإقليم المركزية، التي تبحث عن الاستقرار، سيما مع تواجد أعداء جدد لا يؤمنون بالحدود، أضحو يمثلون تهديداً حقيقياً لدول الإقليم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات