مشروع قانون "اللامركزية" لا علاقة له باللامركزية


يقصد المشرع القانوني بمفهوم اللامركزية هو قيام الحكومة بتوزيع الوظيفة الادارية بين الاجهزة الحكومية وبين مجالس او هيئات محلية اقليمية او مرفقية تكون هذه المجالس منتخبة محليا لها شخصيتها الاعتبارية (المعنوية )واستقلالها المالي وذمتها المالية من خلال مواردها المحلية الذاتية من رسوم وضرائب وعوائد استثمار وخلافة.

وتخضع هذه المجالس الى رقابة الحكومة المركزية .ومن مزايا مفهوم اللامركزية قيام المجالس المحلية بالعمل على حمل اعباء العمل المحلي وتخفيف ذلك عن كاهل الحكومة المركزية المثقلة بالواجبات والمهمات كما ان من هذه المزايا سرعة الاستجابة الى المطالب المحلية والتناغم معها وتجنب الروتين والبيروقراطية في تلبية الاحتياجات علاوة على ان اللامركزية في هذا العصر هي ضرورة ديمقراطية – فاذا كان الشعب يشرف على شؤونه العامة من خلال البرلمان فانة من الاجدر ان يشرف على حاجاته المحلية من خلال المجالس المحلية المنتخبة محليا .

ومن مثالب اللامركزية - قيام الاعضاء المنتخبون بالحرص على اعادة انتخابهم اكثرمن الحرص على خدمة الصالح العام وضعف الانتاجية لقاء محدودية الخبرة المحلية احيانا .

ونظرة اولية الى نص مشروع قانون اللامركزية لمجالس المحافظات والمقر من الحكومة الحالية يتبين ان هذا المشروع لايرقى الى ابسط مفاهيم اللامركزية وذلك لان هذا المشروع وبمفاهيمة المبهمة ليس له علاقة باللامركزية الادارية ولايدخل من باب الاصلاح الاداري بل هو عبء اداري ومالي جديد على خزينة الدولة ودافعي الضرائب لا مبرر له كونه لايحقق الغاية منه مادام المشروع يتكلم عن اللامركزية ويتجاهل ابسط اركان وعناصر اللامركزية المتعارف عليها قانونيا ومن هذه العناصر – وجود الشخصية الاعتبارية (المعنوية ) لمجلس المحافظة المنتخب –وجود الذمة المالية ومصادر الدخل المحلية علاوة على الهيئة المحلية المنتخبة والرقابة الحكومية – فأين موقع مجالس المحافظات من هذه العناصر ؟! ثم كيف لمجلس لايحظى بالشخصية الاعتبارية ان يتعامل مع قضايا المواطن ؟ التي فيها قضاء وتقاضي – مثال : انا مواطن لدي اعتراض على قرارات مجلس المحافظة كيف لي ان اقاضي المجلس ؟ والمجلس ليس له صفة اعتبارية - قولوا لي - الى اي محكمة الجأ اليها ؟ وكيف اعنون هذه الشكوى ؟ وكيف سيحصل المجلس على حقوقه من الافراد والمؤسسات ؟

مشروع القانون هذا ليس له علاقة باللامركزية لامن قريب اوبعيد بل هو جزء لايتجزء من مفهوم المركزية والتي يطلق عليها - المشرع القانوني - عدم التركيز الاداري وشتان بين مصطلح اللامركزية وعدم التركيز الاداري فالاول يمثل الديمقراطية بانقى صورها في الادارة والثاني يمثل السلطوية والمركزية الادارية المفرطة بابشع صورها في هذا العصر الذي ينشد فيه المواطن العربي الديمقراطية والمشاركة الشعبية في كل المجالات .لهذا فان هذا - المشروع المسمى بقانون اللامركزية لمجالس المحافظات باللامركزية - قد مات في رحم الام قبل ان يرى النور لانه مشروع غير قابل للحياة بهذه الصياغة وبهذه المفاهيم المبهمة .

• مستشار امين عمان لشؤون الادارة المحلية والتنمية (سابقا )



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات