ديفيد كيرباتريك والاستخفاف بالعقل العربي
خاص - كتب إسلام صوالحة - تنظر بعض الأطراف العربية والإقليمية للعدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة المحاصر، على أنه حصان طروادة الذي سيمكنهم من تمرير مخططاتهم المشبوهة لاستهداف خصومهم السياسيين .
إذ تصدرت حملات التضليل الاعلامي ضد بعض الدول العربية ومن بينها الاردن، الصحف والمواقع الاخبارية المحلية والعربية والعالمية بصورة غير مسبوقة، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي على انها حقائق منزلة، وقامت بعض الجهات والدول بتجنيد كتاب ومحللين ومثقفين يحظون بمتابعة عالية من القراء، وضخت بواسطة أقلامهم الشائعات والأخبار المفبركة، بقدر ما ضخت في جيوبهم الأموال.
ولأن ذاكرة القارئ العربي ، للاسف، كذاكرة السمك، غُيب الوعي كما غُيبت الذاكرة، إذ تغاضى بعض ممن يتناقلون الأخبار المفبركة والاتهامات المعلبة والمعدة سلفا للظروف المماثلة، الخلفية الفكرية والسياسية لمن يختلقون تلك الاخبار، وكذلك الخلفية التمويلية والجهات الراعية لبعض وسائل الإعلام التي تحولت لماكنات إعلامية تحركها بعض الدول والأطراف السياسية.
وقد تصدينا مسبقا وتحصنا من عدوى الشائعات التي يكثر تناقلها في مثل هذه الظروف والأحداث، ولإدراكنا بأن الحرب الإعلامية أشد أنواع الحروب خطرا ، وأن المتصيدين والموتورين يتكاثرون في موسم الحروب، ارتأينا في "جراسا" التريث قبل نشر أو نقل أي معلومة أو خبر، وقراءة ما بين السطور والتحقق من مصدر المعلومة بدقة لكي لا نتحول وسيلة لتحقيق أهداف مشبوهة ومسمومة.
ما دفعني لهذا الحديث ، تقرير تداولته اليوم الخميس، صحف ومواقع عربية ومحلية ، بصم كثير ممن تداوله على صدقيته كونه صادر عن صحيفة عالمية يشهدون لها بالدقة والمهنية وهي صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، ويتحدث التقرير عن ' قصة الحلف السعودي الاماراتي الاردني الامريكي الاسرائيلي ضد حماس '، وهو عنوان كافٍ لدغدغة مشاعر وعواطف القارئ العربي المشحون سلفا بسخط واستياء وغضب وحنق على الحكومات العربية لصمتها على ما يعانيه الشعب الفلسطيني جراء العدوان الهمجي في غزة.
كاتب التقرير هو ديفيد كيرباتريك مراسل صحيفة نيويورك تايمز في مصر وفي الشرق الاوسط، نجح في اختراق ومخاطبة العاطفة الجمعية لدى القارئ العربي الذي يبحث عن 'شماعة' يعلق عليها عجزه وقلة حيلته أمام مشاهد الدمار والقتل والاجرام والمجازر في غزة، فيلقي بها على كتف الأنظمة العربية 'المتخاذلة والعميلة والمتآمرة على الامة ..الخ من تهم معلبة'.
إلا أن مراجعة بسيطة لتقارير كتبها كيرباتريك عن الشرق الأوسط تكفي لنسف روايته بالكامل، يقول كيرباتريك في تقريره “بعد الانقلاب العسكري على الحكومة الإسلامية في القاهرة العام الماضي تقود مصر تحالفا جديدا من الدول العربية- يضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، وقف بشكل فعلي مع إسرائيل ضد حماس، الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة، وهو ما أسهم في فشل اللاعبين في الحرب للتوصل لوقف إطلاق النار بعد أكثر من 3 أسابيع من الحمام الدموي".
بداية، نذكر القارئ الأردني بتخاريف كيرباتريك التي حاول تسويقها في الاردن، ففي كانون ثاني من عام 2012 انتشر تقرير كتبه مراسل نيويورك تايمز ذاته، تحت عنوان 'المتظاهرون الأردنيون يحلمون بالتغيير نحو أخ الملك'، وهو تقرير تبين أنه مدفوع الثمن من أطراف عربية سعت لاثارة الفتنة داخل العائلة المالكة من جهة وإثارة البلبلة في الداخل الأردني في أوج الاعتصامات والتظاهرات في سياق ما يسمى بالربيع العربي.
أما عربيا، فلا يخفي كيرباتريك تعاطفه مع تيار الاسلام السياسي ، إذ كتب في المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الاخوان في مصر ومهندس الجماعة، في 2012 ما لم يكتبه مالك في الخمر، فنشر تقريرا مطولا تغزل فيه بالشاطر واشاد بحنكته وبرجاحة عقله وذكائه حيث وصفه بأنه الرجل ذو الصوت الأكثر حسما في مصر وبأنه سيكون رجل مصر القوي، وهناك العديد من التقارير التي أعدها كيرباتريك تنتقد النظام المصري الحالي وتهاجم السيسي وتسخر من الانتخابات الرئاسية وتحذر الإدارة الأمريكية من امكانية إندلاع ثورة نتيجة المشاركة الضعيفة، على حد زعمه، في الإنتخابات التي فاز فيها السيسي على منافسه حمدين صباحي باكتساح .
اذاً، وبقراءة متأنية لأرشيف الصحفي الأمريكي ديفيد كيرباتريك نستطيع أن نجزم بأن الرجل جزء من لعبة دمى تمسك بخيوطها أطراف سياسية وتحركها كما تشاء ، وضد من تشاء، ضمن حملة مسعورة تستهدف تغييب المشاهد العربي وتحريف بوصلته الفكرية وتلويثها وغرس الإحباط والحقد داخلهم، في استثمار رخيص لدماء الشهداء وآلام الجرحى الذين يتسقاطون بالمئات في غزة وفي العالم العربي، والهدف إنتاج جيل من المتطرفين والحاقدين على مجتمعهم ودولهم وأمتهم.
نقف لحظة بلحظة مع غزة ، مع أطفالها ونسائها وشيوخها وأقدام مقاوميها...لكن لا نقبل أن يتم اغتصاب العقل العربي من أصحاب أجندات معروفة، همهم الوحيد الوصول للسلطة وتصفية حساباتهم مع خصومهم و لو كان الثمن شلالات الدماء الفلسطينية النقية!
خاص - كتب إسلام صوالحة - تنظر بعض الأطراف العربية والإقليمية للعدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة المحاصر، على أنه حصان طروادة الذي سيمكنهم من تمرير مخططاتهم المشبوهة لاستهداف خصومهم السياسيين .
إذ تصدرت حملات التضليل الاعلامي ضد بعض الدول العربية ومن بينها الاردن، الصحف والمواقع الاخبارية المحلية والعربية والعالمية بصورة غير مسبوقة، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي على انها حقائق منزلة، وقامت بعض الجهات والدول بتجنيد كتاب ومحللين ومثقفين يحظون بمتابعة عالية من القراء، وضخت بواسطة أقلامهم الشائعات والأخبار المفبركة، بقدر ما ضخت في جيوبهم الأموال.
ولأن ذاكرة القارئ العربي ، للاسف، كذاكرة السمك، غُيب الوعي كما غُيبت الذاكرة، إذ تغاضى بعض ممن يتناقلون الأخبار المفبركة والاتهامات المعلبة والمعدة سلفا للظروف المماثلة، الخلفية الفكرية والسياسية لمن يختلقون تلك الاخبار، وكذلك الخلفية التمويلية والجهات الراعية لبعض وسائل الإعلام التي تحولت لماكنات إعلامية تحركها بعض الدول والأطراف السياسية.
وقد تصدينا مسبقا وتحصنا من عدوى الشائعات التي يكثر تناقلها في مثل هذه الظروف والأحداث، ولإدراكنا بأن الحرب الإعلامية أشد أنواع الحروب خطرا ، وأن المتصيدين والموتورين يتكاثرون في موسم الحروب، ارتأينا في "جراسا" التريث قبل نشر أو نقل أي معلومة أو خبر، وقراءة ما بين السطور والتحقق من مصدر المعلومة بدقة لكي لا نتحول وسيلة لتحقيق أهداف مشبوهة ومسمومة.
ما دفعني لهذا الحديث ، تقرير تداولته اليوم الخميس، صحف ومواقع عربية ومحلية ، بصم كثير ممن تداوله على صدقيته كونه صادر عن صحيفة عالمية يشهدون لها بالدقة والمهنية وهي صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، ويتحدث التقرير عن ' قصة الحلف السعودي الاماراتي الاردني الامريكي الاسرائيلي ضد حماس '، وهو عنوان كافٍ لدغدغة مشاعر وعواطف القارئ العربي المشحون سلفا بسخط واستياء وغضب وحنق على الحكومات العربية لصمتها على ما يعانيه الشعب الفلسطيني جراء العدوان الهمجي في غزة.
كاتب التقرير هو ديفيد كيرباتريك مراسل صحيفة نيويورك تايمز في مصر وفي الشرق الاوسط، نجح في اختراق ومخاطبة العاطفة الجمعية لدى القارئ العربي الذي يبحث عن 'شماعة' يعلق عليها عجزه وقلة حيلته أمام مشاهد الدمار والقتل والاجرام والمجازر في غزة، فيلقي بها على كتف الأنظمة العربية 'المتخاذلة والعميلة والمتآمرة على الامة ..الخ من تهم معلبة'.
إلا أن مراجعة بسيطة لتقارير كتبها كيرباتريك عن الشرق الأوسط تكفي لنسف روايته بالكامل، يقول كيرباتريك في تقريره “بعد الانقلاب العسكري على الحكومة الإسلامية في القاهرة العام الماضي تقود مصر تحالفا جديدا من الدول العربية- يضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، وقف بشكل فعلي مع إسرائيل ضد حماس، الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة، وهو ما أسهم في فشل اللاعبين في الحرب للتوصل لوقف إطلاق النار بعد أكثر من 3 أسابيع من الحمام الدموي".
بداية، نذكر القارئ الأردني بتخاريف كيرباتريك التي حاول تسويقها في الاردن، ففي كانون ثاني من عام 2012 انتشر تقرير كتبه مراسل نيويورك تايمز ذاته، تحت عنوان 'المتظاهرون الأردنيون يحلمون بالتغيير نحو أخ الملك'، وهو تقرير تبين أنه مدفوع الثمن من أطراف عربية سعت لاثارة الفتنة داخل العائلة المالكة من جهة وإثارة البلبلة في الداخل الأردني في أوج الاعتصامات والتظاهرات في سياق ما يسمى بالربيع العربي.
أما عربيا، فلا يخفي كيرباتريك تعاطفه مع تيار الاسلام السياسي ، إذ كتب في المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الاخوان في مصر ومهندس الجماعة، في 2012 ما لم يكتبه مالك في الخمر، فنشر تقريرا مطولا تغزل فيه بالشاطر واشاد بحنكته وبرجاحة عقله وذكائه حيث وصفه بأنه الرجل ذو الصوت الأكثر حسما في مصر وبأنه سيكون رجل مصر القوي، وهناك العديد من التقارير التي أعدها كيرباتريك تنتقد النظام المصري الحالي وتهاجم السيسي وتسخر من الانتخابات الرئاسية وتحذر الإدارة الأمريكية من امكانية إندلاع ثورة نتيجة المشاركة الضعيفة، على حد زعمه، في الإنتخابات التي فاز فيها السيسي على منافسه حمدين صباحي باكتساح .
اذاً، وبقراءة متأنية لأرشيف الصحفي الأمريكي ديفيد كيرباتريك نستطيع أن نجزم بأن الرجل جزء من لعبة دمى تمسك بخيوطها أطراف سياسية وتحركها كما تشاء ، وضد من تشاء، ضمن حملة مسعورة تستهدف تغييب المشاهد العربي وتحريف بوصلته الفكرية وتلويثها وغرس الإحباط والحقد داخلهم، في استثمار رخيص لدماء الشهداء وآلام الجرحى الذين يتسقاطون بالمئات في غزة وفي العالم العربي، والهدف إنتاج جيل من المتطرفين والحاقدين على مجتمعهم ودولهم وأمتهم.
نقف لحظة بلحظة مع غزة ، مع أطفالها ونسائها وشيوخها وأقدام مقاوميها...لكن لا نقبل أن يتم اغتصاب العقل العربي من أصحاب أجندات معروفة، همهم الوحيد الوصول للسلطة وتصفية حساباتهم مع خصومهم و لو كان الثمن شلالات الدماء الفلسطينية النقية!
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
ولكن انا هنا ضد ما كتب في هذا المقال. يا اخي الواقع جلي ولايحتاج اي توضيح او دسيسه من اي جانب ان كان من نيويورك تايمز او غيرها. نحن لم نرى اي تحرك من اي رئيس دوله عربية. غير من تركيا ًدول امريكا الاتينيه حيث والله اعتقدنا انهم عرب. ولكن لأنهم غير عرب فهم شعر في مصيبة غزة مع انهم لا يعلمون اين هذه غزة. ونحن هنا أهلنا واقاربنا غزة ولكن حتى كلمة حق لم تخرج. الله يعينا على هيك أنظمة
فهل وصل التفكير في حصار اهل غزه ان تمنع الحكومات الثلاث الدعاء ان يصل الى رب غزه خشيه ان يستجيب لدعوه صادقه تدمر عروشهم