لا فتح .. لا حماس .. لا جهاد .. بل مقاومة وطنية فلسطينية واحدة


كل شيء مستهدف في غزة، البشر والشجر والبحر، لكن، ثمة تكاتف أخوي ما بين كافة حركات المقاومة والناس، وهذا ما يشعل نيران الحقد في قلوب الأخرين ممن ينظرون للمقاومة كخطر على مصائرهم.

الصور والمشاهد القادمة تقول ذلك، صورة مجتمعية مفرحة، غاية في الروعة والرقي، فالتعاضد والتكاتف والترابط اظهرت سمات الجسد الواحد، والروح الواحدة لشعب يرفض الإنكسار. هؤلاء جميعاً شكلوا مقاومة فلسطينية وطنية حقيقية أذلت إسرائيل، وافشلت مخططاتها، ومن حالفها من الصهاينة العرب !

فالذي يحمل سلاحاً لا يقل أهمية عما سواه، الرجل في بيته، في مشفاه، في مخبزه، في الشارع، مقاوم ومرابط، والجميع شركاء في الفعل، ومن الاستحالة بمكان تجيير النتائج، وحصرها لصالح طرف واحد، دون الآخر.

مقابل هذه المشاهدت تصعق، وتصاب بالرعب من الخلافات التي تعصف بأتباع الحركات المقاومة على الفضائيات، إذ يقسمون المقاومة حسب الأجندة والمحاور، والمصالح، والمكاسب، وبما تهوى أنفسهم، وبدل العرب تصير أعراب، وبدل المقاومة تصير مقاومات، كلًا يريد أخذ النتائج له، ولتنظيمه وحصره به. هذا يقول إن حماس تابعة لسوريا، وأخر يعتبر الجهاد الإسلامي يد إيران في فلسطين، مع أن هؤلاء جميعاً يشكلون المقاومة الفلسطينية الوطنية الشعبية.

سيما وإن المقاومة ورجالاتها لا يعتبرون تقديم الدعم لأي حركة من أي دولة، إعلان تبعية، وسيطرة لهذه الدولة على أفكارها وتوجهاتها مع لحظات الواقع الحقيقية، فالمال وحده لا يصنع مقاومة، تواجه عدواً بهذه الغطرسة اللاخلاقية واللانسانية.

لنفترض جدلاً أن إيران طلبت من حركة الجهاد الإسلامي زمن المقاومة تسليم السلاح، هل يرضى رمضان شلح بذلك، لنفترض أن قطر التي تعتبر لدى البعض الداعم الرئيسي لحركة حماس اليوم، طلبت تسليم خرائط الأنفاق الجهادية، وتفكيك اسلحتها، هل يرضى خالد مشعل بذلك ؟

قبل أيام تابعت أحدى هذه المسخرات، ثلاثة ضيوف في برنامج الجزيرة الفضائية ما راء الخبر، ضيف من بيروت وآخر من عمان وثالث من تونس، لا يجمع بينهم رابط، مختلفون ( هذا حقهم ) في كل شيء، الجميع يخون بعضه البعض، فهذا يقول أن المقاومة تنحصر بحماس دون سواها، وهي صاحبة الفضل، والاخر يقول حماس ليست إلا منظمة أرهابية تابعة لإخوان المسلمين اهلكت الشعب، وثالث يعتبرها حركة مقاومة حققية اسهمت في الدفاع عن الأرض، على الرغم من شح الامكانيات.

بالمقابل، عندما تتابع الإعلام لاسرائيلي لا تجد هذه التقسيمات، مثلاً لا يمكن أن ترى أحد يقول: إن الجيش الإسرائيلي خاضع لإرادة الحركات الدينية اليهودية، او العلمانية، أو يتبع حزب الليكود، أو كاديما، أو العمل، فالجميع يعتبر جيش الدفاع – المشكل من العصابات أسست الكيان - وحدة واحدة، ذو هدف واحد، لا يخضع للإرادة الفردية، بل الإرادة الجماعية التشاركية.

البعض يرى أن حماس هي من تقود المقاومة الفلسطينية اليوم، والبعض الأخر يرى أبداع حركة الجهاد الإسلامي، وسواهم يرون ان كتائب مثل أحمد أبو الريش، وأبو علي مصطفى، لها دور كبير في بهدلة العدو الصهيوني.

بالمحصلة هؤلاء جميعاً يشكلون المقاومة الوطنية الفلسطينية، وهدفهم واحد، بعيداً عن خزعبلات نجوم الفضائيات ودعاتها !

البعض يرى بحماس شيطاناً رجيماً، فقط، لاعتبارات تتعلق بتبعيتها للتنظيم الإخواني الدولي، لهذا البعض حرية الرأي، لكن في حالات السلم، لا في حالات الحرب، والعدو متربص، ومتحفز للإنقضاض على الشعب الفلسطيني، حماس في الأيام العادية جزء لا يتجزاء من التنظيم العالمي للاخوان المسلمي،ن وهذا من حق لهم لا يمكن مصادرته، لكنهم في الأزمات ليسوا إلا فصيلاً مقاتلاً يتم تعبئة كوادره لرد العدوان، والوقوف بوجهه اهدافه.

لذا اقول هنا، عزيزي القارئ، عزيزي المستمع، عزيزي المشاهد، اكره حماس الإخوانية كيفما أتفق، وشيطنها أن أردت في الاوقات العادية، لكن لا تجعل منها عدواً لك، وغريم، إن كان الذي تواجهه دولة الاحتلال الإسرائيلي.

بعد نهاية العدوان يمكن الجلوس لحماس ومحاورتها ومحاسبتها على أفعالها، لكن من العار أن يطالب البعض بمحاسبتها زمن المقاومة، ما ينطبق على حماس بالضرورة على باقي التنظيمات.

فإسرائيل لا تميز في قصفها أحد، ولا تستثني أحد، ولا تفرق بين أحد، الطائرة التي تحلق عالياً تقصف الجميع، فأبن حماس، وأبن الجهاد، وأبن فتح، وأبن الجبهة الشعبية، جميعهم أهداف مشروعة، يتوجب التخلص منها، هل من الممكن مثلا أن تجد جندياً صهونياً، يوجه بندقيته لصدر أبناء حماس، لكنه يمتنع عن توجيهها لصدر أبن الجهاد الإسلامي.

إسرائيل تنظر للجميع بإعتبارهم مكون واحد إسلامي عربي فلسطيني، يتوجب إنهاء حياته، وارضاخه، والسيطرة عليه، فلماذا ينظر بعض من يعتبرون أنفسهم قادة تيارات حزبية وشعبية ومفكرين، للمقاومة كفرقاء، لا شركاء، فرقاء يسيطر فيهم القوى على الضعيف.

الأصل في المقاومة الوحدة والعمل المشترك، ينضوي الجميع تحت سقفها، وقيادتها الموحدة. مثلاً هل كانت المقاومة الفرنسية للإحتلال الألمماني خلال الحرب العالمية الثانية، مقاومات، أم هي واحدة قادها ديغول، وفق نهج وهدف واحد تمثل في تحرير فرنسا، أكانت المقاومة البريطانية كذلك متعددة، ذات اهدف متعارضة، وقيادات متحاربة، أم واحدة تحت امرة تشرشل.

الضرورة التاريخية اليوم تتطلب تشكيل مجلس أعلى لحركات المقاومة، للتنسيق العمل الجمعي التشاركي فيما بينها، بحيث يمنع اخراج الأخبار والصور والفيديوهات العمليات الحربية، والتصريحات والبيانات، من التنظيمات المقاومة، كلاً على حدا، لأننا لسنا في مسابقة، يفوز فيها من يتصدر الإعلام أكثر، بل لابد أن يكون التنسيق موحداً، يعبر عن أفعال وأقول الحركات جميعها، دون استثناء.

ما نراه على الفضائيات من حروب اتباع الفصائل محزن ومؤسف، يدعونا للقلق، سيما وأن الولدنات هذه لا تخدم المقاومة الوطنية الفلسطينية، بقدر ما تخدم إسرائيل واجهزتها.

إن بقاء هذه الفئات متصدرة للمشهد الإعلامي العربي، وبهذه الصورة، بانتمائاتهم وبدفاعهم الساذجة، يجعلنا نقول أن خطر هؤلاء لا يقل عن خطر من يريد انهاء المقاومة من جذورها، لابل المضحك المبكي في هؤلاء أن اثاراهم أشد وأكثر خطر من اثار السافل توفيق عكاشة، والساذج وائل الأبراشي، ولميس الحديدي، وغيرهم غربان الاعلام المصري.

فهؤلاء اثرهم ساخر، ولا قيمة تذكر لدى المقاومة، لكن أثار هذه الفئات المجتمعية باق، وتهديمي لأنه يؤسس لمبدأ خطر يتمثل في تشريع الحرب فيما بعد بين الحركات.

الحقيقية على أرض الواقع بعيده عما يطرحه هؤلاء، ونحمد الله أنهم جميعاً بعيدين عن غزة، فالمقاومة في غزة، مترابطة ومتماسكة، لا تنظر إلى نعيقهم أصواتهم وفلذكاتهم ونظراتهم العنصرية الفصائلية.

فهل رحمتونا من صراخكم ومن صفحات وجوهكم، ومن أفكاركم الهدامة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات