هل رُفع «الفيتو» الأمريكي عن «حوار الضرورة»؟


 كنا قد تساءلنا في هذه الزاوية بالذات قبل أقل من أسبوعين ، عمّا إذا كان رفع "الفيتو" الأمريكي عن طالبان ، قد يشكل سابقة لرفع "فيتو" أمريكي مماثل عن الحوار مع حركة "حماس" ، فإذا بالجواب يأتي بأسرع مما كنا نظن ، وبالإيجاب هذه المرة وفقا لمصادر عدة متطابقة ، تدعمها مؤشرات على الأرض ، بدأ دخانها الأبيض ينبعث من حوارات القاهرة.

البعض من الزملاء رد متسائلا عن "أصل حكاية الفيتو الأمريكي ومنشئها" ومن أين يأتي بها كتاب وسياسيون مثلنا ، لكأنه لم يسمع بالتصريحات المتكررة لرئيس كتلة فتح في "التشريعي" ورئيس وفدها المفاوض في "اتفاق صنعاء" ، الذي أكد "الفيتو" مثلما أكدته مصادر تشيني ورايس وعشرات المصادر الإسرائيلية والفلسطينية المتطابقة ، ويؤكده التحليل السياسي السليم الصادر عن العقل السياسي السليم.

أيا يكن من أمر ، فثمة ما يشير إلى أن "الفيتو" الأمريكي على الحوار والمصالحة قد رفع ، أو على الأقل لم يعد بتلك الحدة الجارحة ، وأن أطرافا عربية وإقليمية ودولية ، قد بدأت تعد العدة لحوارات واتصالات قادمة مع الحركة ، وأنها تنتظر ما يمكن أن تسفر عنها أولى جولات الحوار الوطني في القاهرة لتقرر - ربما - خطواتها القادمة.

لا بل أن بعض المصادر بدأ يسرب معلومات عن رسائل غربية متتالية وصلت إلى حماس ، وتلقفتها أطراف عربية وإقليمية ذات صلة ، وأن هذه المعلومات تتحدث عن "حوار الضرورة" الذي تمليه حاجة السلطة له في ضوء انسداد عملية السلام ، واقتراب بعض الاستحقاقات الانتخابية الفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية ، التي تضع الجميع في خانة "تقطيع الوقت" والعمل على استثماره في ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل.

لهذا السبب رأينا بعض الشروط الفتحاوية المسبقة تتهاوى تباعا ، ورأينا موقفا مصريا أكثر تفهما لمواقف حماس وسياساتها مما كان عليه من قبل ، فالقاهرة التي كانت تشحذ شفرة المقصلة لقطع رأس حركة حماس وأطرافها ، خرجت بعد أول جولة حوار معها ، موافقة على الحل الوسط بين حكومة التكنوقراط وحكومة الوحدة ، وهي - أي القاهرة - وافقت على استبدال القوات العربية بمراقبين وخبراء عرب ، وأنصتت لنداء "الصفقة الشاملة" بين فتح وحماس ، ونشّطت مفاوضات شاليط غير المباشرة ، وقيّدت حركة دحلان وهجومه الاعتراضي على الحوار وإرهاصات المصالحة.

لقد تحدثنا في مقال سابق عن إدراك الأطراف الفلسطينية والوسيط المصري الحاجة لإبرام صفقة بين فتح وحماس حتى وإن كانت بمستوى "تهدئة" وحكومة كونفدرالية بين الضفة والقطاع ، ولسنا نحسب أن الظرف قد نضج لما هو أبعد من ذلك ، على أننا اليوم نرى أن هذا الإدراك لم يعد يقتصر على الفلسطينيين والراعي المصري ، بل امتد ليشمل أطرافا دولية وإقليمية نافذة ، لا يبدو أن الولايات المتحدة بعيدة عنها ، وهذا تطور مهم.

وربما لهذا السبب تحركت "قوى الشد العكسي" الفلسطينية بسرعة ونشاط مكشوفين ، وهي التي أسميناها في مقال سابق ، باللاعب الجديد على ملعب الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، المدعوم من دايتون والمدرب على يديه ، فما حدث في الخليل وبغطاء سياسي من بعض السلطة وبعض المنظمة وبعض الأجهزة ، لا يمكن النظر إليه إلا كمحاولة لقطع الطريق على أجواء الحوارات الإيجابية ومناخات المصالحة التي بدأت تخيم في السماء الفلسطينية ، والمرجح أن "المريب" في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كاد يقول "خذوني" ، خصوصا عندما نفى أن يكون الكشف عن الخلية والاتهامات التي وجهت لأعضائها باستهداف السلطة ، قد جاء في سياق "تعطيل الحوار وإفساد المصالحة" ، وليس مستبعدا أبدا أن يطل علينا "الجنرالات الجدد" الذين أبدع في وصفهم عيسى قراقع بالأمس ، بأقوال وأفعال يراد بها تعطيل الوحدة الوطنية حتى لا تأخذ تنسيقهم الأمني مع الاحتلال على حين غرة ، وتدهمهم قبل أن يستكملوا أجندة التنسيق ولقاءات "بيت إيل".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات