جريمة الرابية وجرس الانذار!


جريمة منطقة الرابية، جريمة بشعة تهز الضمير الإنساني، وهي تستثير الانتباه إلى ازدياد عدد الجرائم الجماعية التي تستهدف أفراد الأسرة من أصول وفروع وتتوج أكثرها بلجوء الجاني إلى الانتحار.

لا نستطيع أن نقول إن تلك الجرائم وصلت إلى مستوى الظاهرة، ولكن هذا لا يمنع أن نطالب بصوت مسموع المؤسسات الاجتماعية والجامعات والمعاهد ومراكز البحوث المتخصصة والأكاديميين من المتخصصين بعلم النفس وعلم الاجتماع والطب النفسي بالالتفات لمثل هذه الجرائم ودراستها دراسة متأنية للوقوف عند أسبابها ودواعيها والتعرف على ظروفها، ومن ثم تقديم الوسائل التي تتكفل بالعلاج، لوقفها أو الحد منها أو حتى انقاذ ما يمكن انقاذه.

جريمة الرابية التي وقعت أمس الأول لا يمكن تفسير أسبابها ودواعيها بما درجنا عليه من عوامل كالفقر أو البطالة أو سوء الوضع الاقتصادي، مثلا، فالرجل الذي انتحر بعد أن أقدم على قتل ولديه وزوجته، وحاول قتل ابنته التي نجت من الموت؛ ولكنها مصابة برصاصتين في يدها وقدمها.. هذا الرجل يعمل صيدلانيا.. ويسكن في شقة متوسطة مستأجرة بتسعة آلاف دينار سنويا، وقد عادت العائلة مؤخرا من اجازة قصيرة قضتها في تركيا، وهذا يعني ان الوضع الاقتصادي لهذه العائلة ميسورا، وأن الفقر أو الحاجة أو البطالة ليست سبب الجريمة. وهنا لا بد من البحث عن أسباب أخرى. ولا نريد ان نستبق التحقيق الذي تجريه الأجهزة الأمنية، فقد يكشف أسبابا أخرى غير تلك التي قد تتبادر إلى الذهن عند التحليل المتسرع.

هذه الجريمة التي هزت الوجدان الفردي والاجتماعي تضاف إلى جرائم عديدة جرت خلال السنوات الأخيرة في المملكة، ويجمع بينها خيط واحد هو انها استهدفت أفرادا في الأسرة الواحدة، أو الأسرة كلها، وأن الجاني وهو الأب أو الأخ، قد أغلق جريمته. كما انها تضاف إلى جرائم الانتحار الفردي التي أجهز فيها الجاني على نفسه، أو تلك التي فشل في الوصول الى هدفه، او انثنى عنه بالاقناع او الخوف او التراجع الذاتي.

علماء النفس والاجتماع والمتخصصون الأكاديميون والأطباء مطالبون بالتحري والدراسة والكشف عن الدوافع والأسباب ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني مدعوة الى معالجتها للحد منها او القضاء على مسبباتها، غير ان مسؤولية المجتمع المتكاملة لا تقف عند هذا الحد، بل لا بد من ان تنهض اجهزة الاعلام والصحافة بدورها في التوعية والتثقيف، وهذا يرتب مسؤولية مماثلة على وزارات مثل الثقافة والتنمية الاجتماعية والصحة والمؤسسات التطوعية الانسانية الاخرى، بل لا نغفل هنا عن دور المسجد والكنيسة والمؤسسات الدينية.

مثل هذه الجريمة لا يجوز لنا ان نصرف النظر عنها، وان يبقى امر التحقيق في اسبابها مقتصرا على الاجهزة الامنية التي نثق بقدرتها على الوصول الى الحقيقة، بل لا بد من البحث فيما وراء اسبابها المباشرة للوصول الى العلاج الشافي، فلا يكفي ان نقول ان وراءها الاكتئاب او الفقر او البطالة او الحالة النفسية او العاطفية المضطربة، ونغلق الملفات.

وللتذكير فقد وقعت على مدى السنوات الماضية عدة جرائم مماثلة منها جريمة في ابو علندا في ايار 2008 التي اقدم فيها اب على قتل اولاده الثلاثة ثم جارته وطفليها، ولاذ بالفرار ليعترف - هاتفيا - بجريمته لزوجته الثانية، وهناك جريمة اخرى وقعت في عمان اقدمت فيها المجرمة على قتل حماتها ثم ابنتها خشية ان تكشف امرها، كما اقدم شاب في منطقة اخرى على اطلاق النار على والديه واثنين من اشقائه واربع من شقيقاته وزوج احداهما وولديهما بالاضافة الى صديقه ليبلغ عددهم (12) شخصا، بسبب الضغوط التي زعم انها وقعت عليه اثر فشله في امتحان الثانوية العامة، وقد جرى تنفيذ حكم الاعدام فيه قبل خمس سنوات، وهناك جريمة اخرى نفذتها فتاة دست السم لافراد عائلتها بدعوى خلافات عائلية (راجع صحف امس)، وهناك العديد من الجرائم التي تعزى اسبابها الى دواعي الحفاظ على الشرف.

إن تعداد الجرائم يطول، لكن الهدف هو التذكير بانها متعددة، وان لكل اسبابها، وان هناك قواسم مشتركة بينها، وان المسؤولية المجتمعية عنها ستظل قائمة، وإن جرس الانذار يطرق اسماعنا كل حين!! ولا يجوز ان نظل نصم اذاننا، لنقول: يكفيك من شر سماعه.

د. محمد ناجي عمايرة



تعليقات القراء

العمري
كل العتب على الجراسا اللي شالت الخبر نهائيا من صفحتها مع انه كل اخبارهم بتظل ليومين واسبوع واكثر بدنا نسالكوا يا جراسا ليش خبر جريمة الرابيه شلتوه عن صفحات جراسا انا بالنسبه اللي سمعة انه اهل الشاب متنفذين وطلبوا من كل الصحف تهمل الخبر بدنا ردكوا يا جراسا بس من باب الاطمئنان انه انتوا بتشروا الحقائق لمين ما كانت ونريد اجابه مع كل الاحترام واشكر

جراسا نيوز: الخبر لا زال موجودا ولا ندري عما تقوله ومن أين جئت به.. ونرحب بك دائما

http://www.gerasanews.com/web/?c=117&a=15167
12-08-2009 05:15 PM
العمري
والله منا عارف وين الخبر موجود يا جراسا ما هاي انا بكتب على الموقع اللي انتوا فيه ما فيه الخبر
12-08-2009 10:45 PM
العمري
كل اشكر والتقدير للدكتور محمد العمايره على ما تفضل به من تحليل لهذه الجريمه البشعه ولغيرها من الجرائم التي تهز المشاعر ومن وجهة نضري ان اسباب هذه الجريمه مع وجهة نضر الدكتور العمايره لا بد من وجود اسباب غير الفقر والبطاله وفي تقديري ان اي شخص يقوم بهذا العمل لا يمكن ان يكون في كامل قواه العقليه فتعاطي المخدرات مثلا احد اهم الاسباب وفي اخبار الصحف ان المجرم كانت سيجاره لا تزال في يده عند حضور الاجهزه الامنيه المختصه ولا نعلم ماذا كانت تحوي هذه السيجاره حتى الان هل هي سيجاره عاديه ام انها تحوي ماده مخدره تذهب العقل فقتل اطفال بهذا العمر وقتل الزوجه والانتحار بهذه الطريقه نعم انها من ابشع الجرائم وافضعها وقد اصاب الحقيقه بعينها الدكتور العمايره عندما قال انها تدق جرس الانذار وان الجرائم في ازدياد ولا بد من تفضل اهل العلم من دكاتره واساتذه وخبراء في هذا المجال للتعاون من اجل الوقوف على الاسباب الموديه الى هذه الجرائم البشعه واذا كان بالامكان عمل لجنه تطوعيه من اهل الخبره لمشاركة الاجهزه الامنيه حال وقوع الجريمه للاطلاع على التفاصيل الدقيقه لهكذا جرائم حتى يصار الى ايجاد الحلول ان امكن وتوعية الناس وبيان الحكم الشرعي لمثل هذه الجرائم كل الشكر للدكتور العمايره على هذه الكلمه الطيبه التي تنبع من اردني اصيل تربى في هذا البلد الطيب فكما هو نحن تربينا في مدرسة الهاشميين العظيمه تحت رايتهم اهل همه وعزم فكل يوم نتاكد من وجود اردنيين كبار همهم الوطن والمصلحه العامه الى الامام دكتور انشاء الله بالتوفيق والله يديم الاردن الغالي في ضل سيدنا ابو حسين ويديم نعمة الامن والامان في هذا البلد ولا ننسا الجراسا من الشكر على الاهتمام في كل المجالات
13-08-2009 08:31 AM
نن
>-(:-(
27-10-2010 11:08 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات