قتل الاب


تحفل الحقول الانثروبولوجية المختلفة بقراءات غنية حول قتل الاب من قبل الابناء, او قتل الابن من قبل الاب, او قتل الاشقاء, او قتل العم.. الخ, ومن الحالات المعروفة على هذا الصعيد:

1- بعض الاسقاطات او التأويلات التي ترى في صلب المسيح وهو صلب قرباني في المسيحية التموزية, ظاهرة تنسب الى الحالة الثانية.. قتل الابن فداءً للبشر, ومثلها قرار ملك مؤاب "ميشع" قتل ابنه ليكسب رضا الاله الوثني كموش ليساعده في معركته لتحرير مؤاب من اليهود, ومثلها قرار الملك الاغريقي اغامنون بافتداء ابنته يفغيني حتى تواتي الريح اسطوله نحو طرواده, حيث نعرف في مفارقة تذكرنا بالكبش واسماعيل ان الآلهة استبدلوها بصورة رمزية..

2- صراع الاخوة قابيل وهابيل, وقتل العم في اكثر من مسرحية عالمية على غرار هملت عند شكسبير..

3- اما قتل الاب التي حولتها التوراة الى صراع معه في مخاضات يبوق »سيل جرش - الزرقاء« القديم »تفسير التوراة لحكاية يعقوب مع يهوه«.. فهو ظاهرة انثروبولوجية تعود الى ما كتبه فرويد في عمله المهم »الطوطم والتابو« واعتبرها حالة من الصراع بين الابناء والاباء على القطعان والنساء ترتبت عليها, اي على حادثة القتل تلك ايديولوجيا الندم والخطيئة والاحتفاء السنوي بها عبر اشكال مختلفة من الاديان والقطوس..

وهو ما رأيناه بتجليات اخرى عند دوستويفسكي في »الاخوة كارامازوف« وفي عمل سوفوكليس »اوديب ملكا« حيث تحولت الظاهرة الطوطمية الى ما بات يعرف بالقدر الاغريقي.

وبعد.. وعلى نحو كوميدي, فالتاريخ حسب هيغل- ماركس يكرر نفسه على هذا النحو. فان قتل الاب يعود او يتجلى بصور جديدة حتى لو كان مستواها ضحلا للغاية, وتعود هذه الصور الباهتة الى تكتيك ضباط المخابرات البريطانية في البلدان التي استعمروها ردحا من الزمن, حيث نصحوا الحكومات العميلة التي نصبوها باغتيال الاباء المعارضين معنويا عن طريق شراء اولادهم بالمناصب والولاء للاب الحكومي البديل.

ولو دقق اي منا بمصير كثير من ابناء المعارضين في اي بلد استعمره الانجليز لاكتشف كم كان فرويد مصيبا من جهة ومخطئا من جهة ثانية.. مصيبا في حديثه عن تكالب الابناء على القطعان ومخطئا في حديثه عن الندم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات