ولائم النواب والوزراء


كل يومين ، يقيم نائب ، او وزير ، عشاء او غداء ، فيدعو الصحفيين ، بالعشرات ، او اقل ، ومثل النواب ، يدعوك الوزراء لشرح استراتيجية الوزارة ، ولا ينسى "مستشار الوزير" ان يقول لك... "هناك غداء بعد اللقاء".

لا احد يعرف من اين جاءت فكرة ان الكاتب الصحفي ، او الصحفي ، سيسارع بالحضور الى أي مناسبة ، اذا كانت مرتبطة بغداء او عشاء ، غير ان القصة تتكرر يوميا ، ربما على قاعدة "اطعم الفم تستحي العين" ولا يجد النواب والوزراء ومدراء المؤسسات ، وسيلة لتجسير العلاقات مع الصحافة ، الا ولائم الطعام ، بشكل مباشر ، او ربط المناسبات ، بولائم الطعام ، وكأن الطعام هنا اغراء بحد ذاته ، على طريقة "التكايا الخيرية" التي كانت توزع اللحم والمرق والقمح المسلوق المضاف اليه السكر ، ابان العهد التركي ، للفقراء وعابري السبيل ، والمؤلفة قلوبهم ايضا.

زملاء المهنة ، أرفع شأنا ، من هكذا مشاهد ، يتباهى عبرها البعض ، بأنه نجح في حشد عشرة صحفيين ، او خمسين صحفيا ، من اجل تكريس قوته السياسية او النيابية او الاجتماعية او الاقتصادية ، خصوصا ، ان مثل هذه الولائم مرتبطة بأستحقاقات كثيرة ، على سبيل العلاقات العامة مع الوسط الصحفي ، واطفاء نار المعارضة ، والتحشيد لهذا الشخص او ذاك ، ولا انسى انني دعيت الى مناسبة هامة جدا ، للاستماع قبل اسابيع الى شرح عن واقع اقتصادي هام ، فاعتذرت لضيق وقتي في يوم المناسبة ، فقال الداعي "حسنا لا تحضر العرض ، تعال على الغداء بعد العرض مباشرة" وهو امر يثير الاستياء ، حقا ، فاذا لم اكن قادرا على حضور العرض ، فهل سوف آتي من اجل الغداء ، والقصة تؤشرعلى ان عقيدة الطعام والاطعام ، تبقى حاضرة في اذهان كثيرين.

ادارة القضايا العامة ، ووجود الانسان ايا كان موقعه ، وحل المشاكل عبر "المناسف" كما في قصص عديدة ، حدثت مؤخرا ، امر يجلب النقد الشديد ، فكل المعارك النيابية والثقافية والسياسية ، كانت تتخللها ، في مطلعها ، او بعد تقبيل الذقون ، والمصالحة مناسف ووجبات طعام مختلفة ، على سبيل ترطيب الحلوق ، ومن باب التواصل ، حتى رؤساء الحكومات الذين كانوا يقبلون دعوات شعبية ، لم يتم توفيرهم في وقت لاحق ، فقيل انهم كل يوم في بيت وكل يوم في مضارب ، ولايردون دعوة ، فتم أكل وجوههم اجتماعيا ، من جانب المتفرجين ، برغم انهم احترموا الدعوات واصحابها ، في حين ان الذين يرفضون الدعوات ايضا ، يتم سلقهم بألسن حداد ، لكونهم متكبرين ولا يجاملون ، وفي القصتين اثبات ان "تهمة الطعام" حاضرة لمن يلبي ولمن لا يلبي ، وبما انها كذلك فالافضل ان لا يلبي الانسان الدعوات .

الذي ينتقد مبدأ دعوات الطعام ، في بلد يتزايد فيه عدد الفقراء ، ويصل فيه كيلو اللحم البلدي الى عشرة دنانير ، يقال عنه انه يعترض لانه غير مدعو او لم يكن مدعوا ، وهي مفارقة اخرى في هذا المشهد ، من حيث تسفيه اي فكرة نبيلة ، والحث للارتقاء بمستوى الحوار اليومي ، يضيع امام حروب السكاكين والصحون والملاعق والايدي المغموسة في الثريد ، غير انها تبقى دعوة مفتوحة هنا الى النواب والوزراء ، ومدراء المؤسسات العامة والخاصة وشبه المستقلة ، لانفاق المال في محله الصحيح ، واحترام الوسط الصحفي ، بالتعامل معه بطريقة بعيدا عن الاعتقاد الباطني ، بأن كل صحافي عبارة عن "اشعب" صغير يأتي مع اغراء الطعام ، بطريقة اسرع ، كأرنب لاهث.

"الولائم" تذهب ويبقى فقط الاثر الحقيقي للنائب والوزير والمسؤول ، والصحفيون بخيرهم وشرهم ، أرفع شأنا من هكذا صورة انطباعية يسعى البعض لتكريسها ، للاضرار بهم بذريعة الاهتمام بهم ، واتفهم فقط الدعوات التي تجري بين ابناء الوسط الواحد ، لان لا احد يقدر على شراء الاخر ، من ذات وسطه المهني ، بوليمة.

اطعام "فقير مستحق" خير من الدنيا وما فيها.

mtair@addustour.com.jo



تعليقات القراء

نائب
اسال وزيرة السياحة تستبدل العزايم برحلات لارضاء النواب وتعال شوف هالرحلات وهي على راسها صوتها بجنن وقعدتها بتحيي ولابتيجي لهون ماحد بطال كشرتها سياحة شو بدنا نعمل عاد بس للامانه حرام تكون هون وزارة سياحة لازم يضموها لاربع وزارات مش ثلاثة لانها خربت السياحة وماظل سياح الا عندها وبره ياريت جوه احد الزملاء حدثني عن مادىة ببلدعربي فرشوها للوزيرة مثل الف ليله وليله غير الهداياا وضبط كم واحد من احاب المكاتب حاله بس الله يستر مايطلع واحد مثل رافت الهجان ويخرب بيتنا مشان تنبسط الووزيرة
07-08-2009 02:00 PM
111111111111
عمي خالي شعبك شغل طبايخ بتعزمه بحبك ما بتعزمه بكرهك
الله وكيلك اذا اهل الميت بالبلد ما عملوا مناسف ما حدا بجيئ عليه
07-09-2009 12:38 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات