سـن اليأس


بعد الاربعينات تحكم الاناث بما يسمى سن الياس ، وفي تفسير السيكولوجيين للسيء من اثاره ، ان واحدا من اهم اسباب الاكتئاب هو احساس المراة بانها اصبحت عاجزة عن الخصب . اما سمات هذه الاثار فهي - في اسواها : العصبية الفائقة وانعدام التركيز وتراجع القدرة الانتاجية ، مما يمكن ان يوقع في افدح الاخطاء . غير ان الحياة الحديثة قد تمكنت من ايجاد حلول لكل ذلك : بدءا من البيولوجيا التي تعالج بقرص دواء ووصولا الى السيكولوجيا التي تختلف كليا عندما تكون المراة مخصبة في مجال اخر من مجالات الحياة ، يتجاوز وظيفتها البيولوجية البحتة . فتتحول هذه السن - على عكس المالوف الى سن الاستقرار والعطاء الحكيم والانصراف الى تحقيق الذات والنجاح .

ولعله من المفارقة ان تكون حركة فتح قد بلغت الرابعة والاربعين من العمر ، وتقاربها المنظمات الفلسطينية الاخرى ، وان تكون كلها تحمل اسماء مؤنثة . لكن المفارقة الاخرى ان هذه لا تريد ان تدخل سن الياس ، بل تصر على ان تدخلنا كلنا اليه ، من عجائزنا حتى اطفالنا مرورا بشبابنا . فهل يمكن ان ينطبق على الشعوب ما ينطبق على الافراد من سيرورة الولادة والحياة والموت ؟

الجواب هو طبعا بالنفي ، لان هذا القانون الفردي يحكم الاشخاص ، بمن فيهم اولئك الذين يتصدون للقيادة ، وكثيرون منهم - وغالبيتهم عندما يكونون عربا - يصرون على تفصيل الاخرين على مقاسهم ، وتحميل الكل مشاعرهم وافكارهم .

لقد ضربت سن الياس كثيرا من القيادات الفلسطينية ، وتبدت ظواهرها فادحة وفاضحة ، من التوتر المشحون المدمر لكل شيء ، الى العصبية التي لا تبقي على عقل ولا على حكمة ، الى العقم المطلق والعجز عن اخصاب اي شيء ، الى انعدام التركيز والتخبط شمالا ويمينا ، الى اقتصار القدرة الانتاجية على انتاج الكلام الطنان المفرغ من كل معنى ، والاغراق في المظاهر الفارغة - بالونات ملونة منها الفاقع ومنها الباهت .

انه الياس الذي قال عنه جابوتنسكي في جدار الفولاذ :"سيظل هؤلاء الفلسطينيون يقاتلوننا كما يقاتل كل سكان اصليين من يحتلهم الى ان نتمكن من قتل اخر بارقة امل فيهم". فهل تحققت امنية القائد الصهيوني بعد وفاته بستين سنة ؟

هل سينجح هؤلاء الموتورون والمترهلون ، من كل الاطراف ، في ادخال الشعب كله ، فلسطيني وعربي الى دائرة الياس ، ام ان ثمة روح للشعوب لايمكن قتلها ، حتى لو كمنت لفترة ، لا تلبث بعدها ان تنتفض ؟

افلم يحذر باراك مسؤولي فتح المجتمعين في رام الله من الاكثار من التصريحات المعادية لاسرائيل لانها قد تفجر انتفاضة ثالثة ؟ صحيح انه تحذير استباقي ، وحك على جرب فريق من هؤلاء لدعمهم ضد الفريق الاخر . وصحيح ان مطلقي التصريحات الملتزمة لا ينطلقون كلهم من نية واحدة : فمنهم الصادق ومنهم من يهيء دعايته الانتخابية ومنهم يثير الغبار ليغطي على حقائق مزرية ، ولكن كل ذلك لا يمنع اسرائيل من ان تخاف من كل قشة كبريت لانها تعرف ان ثمة نارا تحت الرماد لا تحتاج للكثير كي تندلع . وجل امل اسرائيل ومخططاتها تحويل هذه النار من الاندلاع بوجه العدو المحتل الى الارتفاع بجنون بين الفريقين الفلسطينيين ، لتحرق الاخضر واليابس دون ان يلفح لهيبها اية يد اسرائيلية .

لا نريد ان ندخل سن الياس ، ولا نريد ان نقتنع بان ارثا من النضالات سيذهب هباء ، وتظل عيننا على الشعب الفلسطيني لكي نراه يجترح معجزة مفاجاة ، كما كانت فتح يوم تاسيسها .



تعليقات القراء

مالك جبريل
هل سينجح هؤلاء الموتورون والمترهلون ، من كل الاطراف ، في ادخال الشعب كله ، فلسطيني وعربي الى دائرة الياس ، ام ان ثمة روح للشعوب لايمكن قتلها ،
الكاتيه الرائعه حباة انت دائما تعبريين عن نبض الشارع العربي ايتها المناضله الكبيره انت تناضليين بالكلمه -----------الحرة الصادقه لك كل الاحترام والتقدير-----عن القراء ستار تريك
06-08-2009 03:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات