حرب لخلق عالم جديد


قيل لنا، أو هكذا لقنا، أن الحرب العالمية الأولى والثانية، قامت، واعلنت، بدات وانتهت، لأنها موجهة صوب رجل أوروبا المريض (الخلافة العثمانية ) ضمنياً يعني أن الخلافة الأسلامية العثمانية، كانت اوروبية الهوى لا آسيوية. هذا أولاً

ثانياً، يطل علينا المحللين، حاصرين نتائج الحروبين في حيز واحد، لا أكثر، وهو المؤامرة الكونية، ضد الإسلام والمسلمين.

ولم يقل احد من هؤلاء، أن الحرب قامت، واعلنت، وبدأت، وانتهت، لأنها كانت حرباً بين اضداد، بين أقوياء، بين أفكار، وايدلوجيات، كلاً يريد الإنتصار على الأخر، بمعنى أن الحربين قامتا فعلياً بين امريكا والمانيا، لاقتسام تركة رجل أوروبا المريض الحقيقي المترهل، وهنا أقصد بريطانيا العظمى، في سيطرتها على العالم.

نتيجة الحربين، خصوصاً الثانية منها، كانت بلا شك انتصار، يقوم على الاستبدال، إذ تراجعت بريطانيا، وتقلص نفوذها، وتقدمت الولايات المتحدة، واتسعت سيطرتها.

أما بالنسبة للدولة العثمانية، ومن دار في فُلكها، فقد كانت حطبٌ لحروب الأقوياء، تفتيتها وسيلة لا غاية، وشرذمتها تحصيل حاصل، وتقسيمها، واقع ثانوي، لحقيقية كبرى، تكللت بإنتاج قوة كبرى ممثلة بولادة امريكا

قد يقول البعض، أن سيايكس بيكو، واخواتها، عملت على تقسيم بلادنا الإسلامية والعربية إلى دول، متصارعة، وهويات متعاديه، إلى هؤلاء نقول: اعطوني دولة واحدة في العالم لم ينتجها الاستعمار، ولم يحدد مساحاتها وحدوها، كم دولة في أوروبا اضمحلت وإنتهت، وكم دولة في آسيا ذهبت، وكم دولة في افريقيا طمست، وتشكلت.

المحزن، أن ه٫ه الفئات، لم تكتف بتزوير تاريخنا العربي الإسلامي الحقيقي فقط، بل امتدت أيادهم إلى تاريخ العالم، ليثبتو لشعوبنا المقطوعة الإتصال بالتاريخ، والتواصل معه، أن رؤيتها هي الصحيحية، لكنهم دوماً نسوا او تناسو أن ثمة رواية أصح، يمكن أن تلغي ما سبقها.

عين الأمر يتكرر حالياً، مع انتشار الحركات الإنفصالية، وتغيير الحدود الدولية، لا العربية فقط، ليس على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم. لننظر مثلاً إلى معضلة اوكرانيا، إلى مشاكل الصين، إلى طموحات كوريا الشمالية، إلى تحفز اليابان، لا بل لننظر إلى الحركات الانفصالية المتكاثرة في أوروبا، في اسبانيا، وبريطانيا، لننظر إلى ما يعتمل في داخل اليونان !

لكن يبقى السؤال، أن كان العالم في القرن الماضي تنافس فيه الكبار فيما بينهم على ورقة بريطانيا، يا ترى على ماذا يتنافسون اليوم ؟ ومن ذا الذي ستوزع تركة ممتلكاته ؟ وهل نحن امام تشكيل جديد، أم امام إعادة انتاج قوى عظمى جديدة ؟




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات