التطرّف .. اصوله واسبابه


يبحث الإنسان وبالفطرة دوماً عن الأمان والدفيء والحنان بجميع النواحي , الإجتماعية منها والإقتصادية التي تعتبر الرئيس المنبثق منها الحاجة للإستمرارية في الحياة الجسدية والمعنوية المؤثر المركزي على ما يسمى الكرامة وعزة النفس .

في العصور القديمة وقبل الديانات السماوية كان الإنسان يبتكر ويصنع الألهة الخاصه وبجميع الأشكال والتهيئات للجوء اليها كمكان آمن يطمئن اليه ويجد به ملاذه وبجميع مناحي حياته من أمنٍ وسلامة وحتى مصدر رزقه الذي يعتمد عليه اولاً , كما تستعمل الكائنات الحية ومنها الإنسان اسلوب التكتل والتجمع لذوات الصفات المشتركة ليمنحها ذلك القوة اللازمة لمواجهة الصعوبات الإجتماعية والإقتصادية وشعورها بلأمن والآمان في حالة تعرضها لمشاكل طبيعية او اعتداءات من تكتلات اخرى , تطورت ونمت هكذا تكتلات حتى اضحت تسمى في العصور الحديثه بالقبائل والعشائر والتي كانت ولفترة ليست ببعيدة صمام الأمان الإجتماعي لهذه المجاميع التي تشكل الأوطان في مجتمعاتنا العربية , وذلك بعدالة شيوخها في توزيع الثروات بين ابناء تلك القبائل والمساواة في الحقوق والواجبات .

وجاءت الديانات السماوية لتعطي الأمن والأمان المطلق للإنسان الذي بفطرته يبحث دوماً عن ذاك الملجأ .

ان التغيّر في نمط الحياة وتأثير التقدم التكنولوجي وخاصة التقدم السريع في وسائل الإتصال وما له من تأثير كبير على اختلاط وتواصل بين الثقافات المختلفه ادّى بالكثير من المجتمعات وخاصة العربية منها الى الإبتعاد وبدرجات مختلفه عن التكتلات ( العشائرية ) وحتى الدين في بعض الحالات وانشغالها بتقليد قشور ثقافات اخرى مع ان تلك الثقافات تمسكت بتكتلاتها بشكل آخر تطلق عليه تسمية الأحزاب او بعض الأحيان المافيات او المنظمات .

في العقدين الماضيين وصل الإنسان خاصة العربي الى مرحلة الإبتعاد عن التكتلات العشائرية وحتى عن الإلتزام بتعاليم الديانات السماوية ولم يصل الى جوهر الثقافات الأخرى سواء كان ذلك بإرادته او بتوجيهات مدروسة بعناية , مع عدم وجود بديل لشيخ القبيلة وانظمة حكم لا تمنحه الأمن والعداله الإجتماعية والإقتصادية , فوجدت مجموعة ان عليها العودة السريعه الى التكتلات القبلية وبطرق غير مدروسه متمسكين بقشورها وما يمكن ان يحصلوا عليه غير أبهين للبحث عن ايجابيات تلك التكتلات , مما ادّى الى تمسك البعض بسلبيات تلك التكتلات وما ينتج عنها من مشاكل مجتمعيه , وتوجه فئة اخرى الى الدين بمعايير ومقاييس مختلفه حتى في بعض حالاتها لا تقترب من تعاليم الديانات السماوية.



تعليقات القراء

من جامعة اليرموك
تحليل منطقي وواقعي , ابدعت استاذ كالعاده , نأمل المزيد .
22-06-2014 12:05 PM
د. محمود الأحمد
الهروب الى الأمل , ابدعت واصبت كبد الحقيقه , اين مختفي منذ فتره استاذنا الحبيب .
22-06-2014 12:17 PM
محمد نصير
مقال رائع
22-06-2014 04:43 PM
منى الغبين
نشكرك استاذ مازن موضوع شيق ومنطقي.
تقديرنا واحترامنا اخي ابو عمر .
22-06-2014 06:05 PM
ابو يزن
ابدعت ابو عمر تحليل جميل ويستحق ان نعتبره دراسة وليس مقال
23-06-2014 11:09 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات