هذه المرَّة قدمنَّاه وأخرناك .. !!


..... أبدأ حديثي بتلك العبارة التي لطالما طرقت آذآن الكثيرين منَّا ..! لكنَّها ما هزَّت
قلوبهم ، ولا إرتعدت لحقيقتها فرائسهم ، ولا إستوقفت مدامعها غيهَّم ... وتماديهم ..!!
نعم .. " هذه المرَّة قدمنَّاه وأخرنَّاك " هذه العباره المتكرَّرة ، العبارة التي تشكل حقيقة
مُرَّة ، .. حقيقة لا بًدَّ وأن يعيشها كل واحدٍ منَّا ...شاء أم أبى ، ..ألم يخاطب " المولى "
حبيبه " المُصطفى " ، وهو النبي المجتبى ..ويقول له : " إنَّك ميَّت وإنهَّم ميتَّون "
لقد أكد ربنا تبارك وتعالى تلك الحقيقة ، .. مرَّات ، ومرات ، وفي كثير من " الايآت "
لكننَّا غافلون ، لاهون ، منشغلون ، .... وكأننا مخلدوَّن ..! وغاب عن أذهاننا قوله :
" أفأن مِت أفهم الخالدون " ... إنها مشيئة الله يتقدَّم البعض ويتأخر الأخرون ..!!
بينما الإنسان يسأل .... عن أخيه ، قيل مات
أين من كان يفخر .... بالجيـــــاد الصافنات
سار عنها رغم أنف .... للقبور الموحشات
....... ها هو الموت يأتي على عائلةٍ ....! لم ينجو منها إلا " رضيع " ..! لم يتجاوز
عمره الشهر ، ..إنها مشيئة القدر ، تقدمَّت تلك العائلة لحتفها ... وتأخر ذاك الرضيع !
... ها هم الأحبَّة يجتمعون ، ويحتضنون ، ويلتفَّون حول ذاك الحبيب ..!! وقد إستفحل
الداء فيه ، .. " وحار الطَّب " ...! والكل ينظر إليه ، " لا حول لهم ولا قوَّة " يودوَّن
أن يقدمَّوا له كل ما يستطيعون .! ولكَّن هيهات ، هيهات .! لا بدَّ من مفارقة " الحياة "
لقد تقدَّم ذاك الحبيب وتأخر الباقون ....!!!

ها هي الحافلة تسير ..... تقَّل ما شاء لها أن تقَّل من أناس ، وإذا هي تصطدم بجدار..!
أو تهوي من على منحدر ... أو تصيبها مصيبة من مصيبات القدر ..!! فيموت الكل ..
وينجو واحد ....!!! ...لقد تقدموَّا كلهم لتلك الحقيقة ، وتخلَّف عنها واحد ..!
... وبعدها يطلق " ظالمٌ " ...." براميل " من حقدٍ وبغضٍ وكراهيةٍ ، على أبرياء عزَّل..!
فيصيب من يصيب ، وتعلوا الأصوات ... وينطلق النحيب ..! وإذا بحيَّ كامل قد أبيد ...!
لكَّن ذاك الطفل تأخر عنهم ...! ولم يصيبه ما أصابهم ..! ونجى من " الموت" بأعجوبة !
بالرغم من تواجده بينهم ..! ــ سبحان الله ـــ تقدم الحي بالكامل لتلك الحقيقة ـــ وتخلف
ذاك عنهم ....!!!!
أما آن لنا أن نعي تلك الرسائل المتلاحقة ...؟!!! تلك الرسائل التي نقرأ سطورها كل يوم !
أنظن أنفسنا بأننا حين نحمل تلك الألواح التي يُزجي عليها حبيب ، أو صديق ، أو قريب ،
بأننا في منأى عن أن نكون عليها في يومٍ من الأيام ، أو لحظة من اللحظات ...؟!!!
... غريبٌ أمرنا ..!! نعلم بأن " الموت حق " ... ونحيد عن تلك الحقيقة ، ونغفل عنها ،
وكأننا في حلٍ منها ..! ولم نعي بأنه في كل مرَّةٍ يتقدَّم أحدنا لتلك الحقيقة ويتأخر واحدٌ منَّا .

.... حقيقةٌ ثابتة ..! مداخلها متعدَّدة ...!! والنتيجة واحدة ... ، وفي كل لحظة نعيش
تلك الحقيقة ، ونقرأ ذاك العنوان ...! " هذه المرَّة قدمنَّاه وأخرناك "
ليتنا نعي هذا العنوان !!! ونستفيد من ذاك التأخير ، ونأخذ العبرة من ذاك الذي تقدَّم ،
ليتنا .... ليتنا ..... ليتنا

نايف سماره



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات