وزير الخارجية الأردني وخطّة أوباما !


والخلافات الأمريكية – الأمريكية !

الى ماذا يشي هذا الحراك الدبلوماسي الأمريكي المكثف الجاري في المنطقة بشكل عام  وعلى خط واشنطون – تل أبيب بشكل خاص؟ زيارة جورج ميتشل الى سوريا واسرائيل ومصر ..زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي الى اسرائيل , جيمس جونز ... زيارة الروبرت غيتز الى عمان والعراق واقليم كردستان العراق ؟ هل يشي الى التوصل الى حل وسط حول أزمة المستوطنات بحيث يقبل الطرفان الأمريكي والأسرائيلي قيام تل أبيب بتوسع استيطاني محدود ؟ أم يشي الى التفاهم حول امكانية صفقة مع العرب تقوم على أساس مقايضة التوسع الأستيطاني بالتطبيع معهم ؟ أو يشي الى ترتيب السعي الأمريكي لجهة الضغط على دول الخليج من أجل القبول بصفقة وقف الأستيطان مقابل التطبيع ؟ وما هي الأهداف غير المعلنة لزيارة الروبرت غيتز الى العراق مؤخراً ؟ .

زيارة المسؤولين الأمريكيين الثلاث : جورج ميتشل , روبرت غيتس , جيمس جونز الأخيرة الى المنطقة مع زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأردني الى واشنطون أيضاً هذا الأسبوع ....زيارات لها العديد من الأهداف الفرعية , ولكن الهدف الرئيس الذي يجمع كل هذه الزيارات وأي نشاط أمريكي – دبلوماسي لاحق في المنطقة هو : الملف الأيراني ... حيث زيارة الروبرت غيتس هي الزيارة الرئيسية , وباقي الزيارات تتفرع منها وتصب في مجراها نتائج باقي الزيارات .

ما تم التفاهم حوله بين اسرائيل و واشنطون هو نظام العقوبات المسشدّدة والذي ستقوم واشنطون بطرحه في قمة مجموعة الثماني المزمع عقدها في بتسبرغ ... حيث بات الأمر واضحاً لواشنطون أنّ ايران لن توافق على المطالب الأمريكية , لا بحلول نهاية أيلول القادم ولا حتّى بعده , حيث سيتم توحيد مواقف الدول الكبرى ثم طرح هذه العقوبات في الأمم المتحدة .

يذهب جانب من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط , أن سعي واشنطون المكثف للأتفاق مع اسرائيل حول ملف العقوبات على ايران الهدف منه , هو دفع اسرائيل لتقديم تنازلات بما يتيح استمرار ما تسمى بعملية السلام , التي توقفت تماماً بسبب ملف الأستيطان , وعليه فانّ واشنطون صارت الآن أكثر اهتماماً بالرهان على أن النجاح في مقايضة وقف الأستيطان بالتطبيع مع الدول العربية وخاصةً الخليجية سيكون هو المفتاح الوحيد لتحريك ملف التسوية في الشرق الأوسط .... وهنا تتناقض هذه الرؤية الأمريكية مع ما سرّبته من معلومات مقصودة  وكالة المخابرات الأمريكية  الى وسائل الميديا العالمية مؤخراً كخيار - تعلم السي آي ايه أنّه فاشل وهدفه فقط هو بروبوغندا اعلامية وملهاة للعرب -  والذي تمثل عن سعي حثيث لواشنطون لعقد ما يسمى بالمؤتمر الدولي للسلام في المنطقة يشمل المسار السوري واللبناني بالأضافة الى الفلسطيني ... وهذا المبتدىء بالعمل السياسي يرى فيه هروباً الى الأمام .... فعادةً تكون المؤتمرات الناجحة بعد حرب اقليمية أو دولية  والأمثلة على ذلك في التاريخ العربي عديدة .. آخرها حرب الخليج الثانية بعد دخول العراق للكويت ... كان مؤتمر مدريد .

أمّا ملف ايران ككل , فهو سيدفع اسرائيل باتجاه القبول بالصفقة ولتخفيف ضغوط اللوبي الأسرائيلي على الكونغرس والأدارة الأمريكية الديمقراطية ... وتقول المعلومات الأستخبارية في وسائل الميديا العالمية : أنّ العديد من بنود ادارة أوباما صارت معطلة بسبب تعنت مواقف حلفاء اسرائيل داخل الكونغرس والحزب الديمقراطي , كذلك وجود مرافقين من وزارة الخزانة الأمريكية في لقاء مستشار الأمن القومي الأمريكي جيمس جونز مع نظيره الأسرائيلي هو أمر مربوط يتنسيق التفاهم حول مبلغ 3 مليارات $ , حيث تقدمت ادارة أوباما الديمقراطي بطلب للجنة الميزانية بالكونغرس للموافقة عليها , وذلك لمساعدة اسرائيل في تطوير شبكة الدفاع الصاروخي الخاص بها , بعد فشل تجارب الدفاع الصاروخي الأمريكية – الأسرائيلية المشتركة التي تمت قبل بضعة أيام .

وتقول المعلومات الأستخبارية أيضاً هناك خلاف اسرائيلي – أمريكي حول رغبة واشنطون في نشر قواتها النووية في الخليج العربي لحماية حلفائها العرب ولموازنة القدرات النووية الأيرانية -  راجع مقالتنا : كلنتون وايران وحكاية المظلة الدفاعية - اذا أصبحت أمراً واقعاً , فالأسرائليون يرفضون بشدة النوايا الأمريكية ويقولون أنها تشي الى رغبة أمريكية بالتعايش مع ايران نووية المرفوضة اسرائلياً .... لذلك ولحل هذا الخلاف تريد واشنطون أن تقدم الأغراءات المالية لأسرائيل  وكذلك دفع دول الخليج العربي الى التطبيع والأعتراف باسرائيل , وقيام اسرائيل بدور في نشر القدرات العسكرية النووية الأمريكية في الخليج , كذلك اقامة اتفاقية تعاون عسكري دفاعي بينها ودول الخليج  لمواجهة التهديدات الأستراتيجية الخارجية لأمن الخليج وهي من الزاوية الأمريكية – الأسرائلية , بالأساس ايرانية صرفة .

واليوم نسمع أصوات كثيرة في الكونغرس وفي الأدارة الأمريكية و وزارة الخارجية و وزارة البنتاغون تدعو العرب بشكل عام ودول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية للتطبيع مع اسرائيل والأعتراف بها مقابل وقف الأستيطان وهذا ما هو متحمس له وزير الخارجية الأردني كونه وزملاؤه العرب يريدون دعم خطة أوباما لحل الصراع العربي – الأسرائيلي , وتشي كل المعلومات الأستخبارية وغيرها بأنّها ستكون خطة لتصفية القضية الفلسطينية ليس الاّ بكل اسف وكما يصرح بصورة غير مباشرة لعدد محدود من الكتاب المحترمين والذي ينبري البعض منهم لترويج أفكاره ... فقد ذهب أحدهم الى الدعوة الى التطبيع التدريجي فرد عليه آخر بمقال في ذات الصحيفة برفضه للتطبيع المبكر  .... ونعتقد أنّ زيارة وزير الخارجية الأردني الى واشنطون  ولقائه وزيرة خارجية أوباما هذا الأسبوع  تأتي في هذا السياق الدبلوماسي المكثف لأدارة أوباما وتتساوق مع المعلن وغير المعلن من الأهداف ... والمخفي أعظم .

لقد حاول الروبرت غيتز وزير الدفاع الأمريكي في زيارته الأخيرة الى العراق , الأطمئنان على أنّ السلاح والعتاد الأمريكي الذي في طريقه الى العراق قريباً , سوف لن يقع في يد ايران .... وتقول المعلومات الأستخبارية أنّ هناك خلافات امريكية – أمريكية في مطبخ القرار الأمني والسياسي وفي مجلس الأمن القومي الأمريكي , حيث يرى البعض منهم أن تزويد العراق بالأسلحة والعتاد الأمريكي المتطور هو أمر يجب عدم الخوف منه طالما انّ الآلاف من العراقيين الأمريكيين سيظلون موجودين في العراق تحت غطاء الأتفاقية الأمنية الأمريكية – العراقية , اضافةً الى وجود هذا العتاد والسلاح وعلى وجه الخصوص طائرات اف-16 سيلعب دوراً هاماً في ردع ايران من مغبة التمادي في محاولات السيطرة على العراق , اضافةً الى ذلك يرى هؤلاء المسؤولين الأمريكيين , انّه وبرغم أنّ الشيعة العراقيين يشكلون 75 % من اجمالي السكّان فانّ سيطرة حلفاء ايران على السلطة في بغداد ما تزال ضئيلة .... بالمقابل يرى البعض الآخر من المسؤولين الأمريكيين في عدم تزويد العراق بالعتاد الأمريكي المتطور مع ضرورة الأكتفاء في الوقت الراهن بالتلويح بأنّ أمريكا تريد وترغب في القيام بذلك .

والقول انّ الخلاف حول دبلوماسية الشرق الأوسط هو خلاف جمهموري – ديمقراطي صحيح الى حد ما , الاّ أنّه يوجد الكثير من الخلافات الفرعية الخاصة بدبلوماسية الشرق الوسط , فهناك خلاف جمهوري – جمهوري , أي بين أجنحة الحزب الجمهوري من محافظيين تقليديين يقودهم جورج بوش الأب رغم كبر سنه وجيمس بيكر , والمحافظين الجدد الذين يقودهم ديك تشيني وابليوت ابراهام .... كما يوجد خلاف ديمقراطي – ديمقراطي بين أجنحة الحزب نفسه , فهناك جناح المحافظين الجدد الذي يقوده دينس روس والذي تم ابعاده مؤخراً عن وزارة الخارجية وجو ليبرمان , وجناح يقوده جون كيري وجناح يقوده مارتن أنديك وريتشارد هاس .... الخ .

وبالرغم من أن جميع هذه الأجنحة بشقيها الديمقراطي والجمهوري تهدف الى شيء واحد , هو السيطرة الأمريكية على المنطقة , فانها تختلف حول الكيفية التي يمكن أن تحقق بها واشنطون الهدف وقد بات ذلك واضحاً من خلال الرهانات التالية :

المراهنون على دبلوماسية التفهم والتعامل مع سوريا وايران وحلفائهما , أكدوا على أن التعامل والتفاهم يساعد واشنطون في اقناع هذه الأطراف ودفعها وحثها على التعاون وتليين مواقفها .... في حين المراهنون على عزل سوريا وايران وحلفائهما أكدوا على أنّ الضغوط هي الوسيلة الفاعلة في ردع هذه الأطراف ودفعها الى القبول والأستجابة.

انّ هذا الخلاف حول جدوى دبلوماسية التفاهم والتعامل مع سوريا وايران , ودبلوماسية القطيعة والعزل كان موضوعاً لمواجهة سياسية كبيرة داخل الأدارة الأمريكية والكونغرس وداخل الحزبيين الأمريكيين الرئيسيين برمزيهما الفيل والحمار هذا وقد لعبت وسائل الميديا الأمريكية ومراكز الدراسات الأمريكية دوراً بارزاً في هذه المواجهة , وقد أدى صعود خيار التفاهم والتعامل مع سوريا وايران الى حركة صعود وهبوط داخل أروقة الأدارة الأمريكية , فلم تكتفي وزارة الخارجية الأمريكية وبدعم من اوباما وجيمس جونز , باخراج دينيس روس عرّاب دبلوماسية العزل , من الأدارة الأمريكية , بل هاهي تمضي في تفكيك شبكته التي ما يزال عناصرها يمارسون دوراً فاعلاً في صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق الأوسطية من خلال سيطرتهم على بعض المواقع الرئيسية في مجلس الأمن القومي و وزارة الخارجية بالأضافة الى لجان العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس .

mohd_ahamd2003@yahoo.com
* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية * 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات