ذكاء أمني أم آزمة مجتمع ؟


خلال اربع وعشرونن ساعة تم ضبط أكثر من خمسة عشر مروج للمخدرات في الزرقاء ويضاف اليهم ثلاثون متعاطيا ، ومضافا لكل ذلك اثنان واربعون كيلو من الحشيش في مدينة الزرقاء ، والسؤال الذي يطرح ومباشرة هنا هل ما تم هو ذكاء أمني أم آزمة مجتمع في الأردن ؟ .

وفي البداية اعتادت الأجهزة الأمنية أن تقوم بالاعلان عن أية حالة يتم فيها ضبط مخدرات أو ترويجها ، وكان التركيز الجغرافي لهذه الحالات على المناطق الحدودية سواء الشمالية منها أو الشرقية ، ويتم الإعلان على أن الأردن هو بوابة التهريب لدول الخليج وفي نفس الوقت هو صمام الأمان لهذه الدول ، وأطلق مصطلح أننا دولة عبور للمخدرات ليست دولة إستهلاك .

ويبدو أن هذه القصة قد إنتهت وأصبحنا دولة إستهلاك ، وهنا نؤكد على أن الذكاء الأمني والشفافيىة قد وجد في كل من الحالتين السابقة والحالية ، والحقيقة الوحيدة هنا أننا نعيش آزمة مجتمع أصبحت فيه المخدرات منتشرة " للتعاطي" وبين فئات مختلفة منه ولاتقتصر على الشباب الذكور منهم بل تجاوزت هذه الحدود واتسعت الفئات العمرية ومتغير الجنس في تعاطي المخدرات .

وكل هذه الحقائق والمعلومات التي يتعامل معها الجهاز الأمني بكل شفافية لاتحرك ساكنا لدى طبقة الأكاديمين في المجتمع للبحث عن الأسباب الفعلية التي جعلتنا نتحول من دولة عبور للمخدرات إلى دولة إستهلاكية ، وفي نفس الوقت تبقى الحكومة تتعامل مع تطور هذه الظاهرة كبقية الظواهر التي تبعت اللجوء السوري والفوضى التي تعم حدودنا الشمالية ، وتنتظر أن تصبح أمام بابها مباشرة كي تعلن حالة الطوارىء وتعترف بحقيقة حجم التغيرات التي أصابت المجتمع الأردني نتيجة لتواجد أكثر من ثلاثة ملايين مواطن عربي ما بين مقيم وعامل ولاجىء ، وفي مجتمع لايتجاوز عدد سكانه الفعلي السبع ملايين أي ما يقارب نصف عدد السكان .

وهناك مدن أردنية أصبحت ونتيجة للتطورات الناتجة عن القضية السورية بؤر للعبور وللتعاطي ، وهي مدن كانت تعاني أصلا من آزمات سكانية ويلحقها آزمات اجتماعية اقتصادية وتلك الجوانب توفر بيئة خصبة لتحقيق جانبي العملية " العبور للداخل والتعاطي في الداخل " ، وإذا ما إستمرت الحكومة في التعامل مع هذه المشكلة الاجتماعية كبقية مشاكل تبعات موجات اللجوء الأخيرة فسوف نجد أنفسنا أمام مجتمع يمثل بيئة خصبة لتواجد مافيات المخدرات الكبار الذين سوف يفرضون وجودهم على كافة مفاصل الحياة لدينا ، وعندها سوف لن ينفع الندم كما حدث في الكثير من تأثيرات اللجوء الأخيرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات