برقش : كذبة أخرى !


عالميا: غابات الدنيا كبرت أم صغرت، يتم التعامل معها باعتبارها أرثا وطنيا لا يتم التفريط به، أو التعدي عليه، بأي حال من الأحوال، ولنا في غابات الامازن مثلا يحكي .

عربيا : تجربة لبنان غاية في الرقي والأهمية من جانب الاهتمام الكبير بالثروة الحرجية، ما جعلها قبلة للسواح وارضية خصبة للاستثمار، مرتبط بطبيعة الغابات، باستخدام وسائل تزيد من جمالية المكان مثل تليفريك، مخيمات طبيعية، والمحميات الطبيعية .

أردنيا : القصة تختلف، الغابات تهدد بالاجتثاث من جذورها، بحجة الاستثمار، وكأن الاستثمار لا تقوم له قائمة إلا من خلال القضاء على رئة الأردن المحدودة .


برقش قصتنا لا بل مأساتنا الرابعة، بعد دبين ورميمين وسلحوب، برقش التي يراد اغتصابها كما الاخريات لبناء كلية عسكرية في وسط قلبها، على الرغم من معارضة الشديدة لها، كونها - أي برقش - تشكل متنفسا ورئة للشعب، فهي ليست حق حصري لأهل المنطقة، فقط، بقدر ما هي حق لكافة أبناء الأردن .

تبلغ مساحة غابات برقش ما يقارب 20 ألف دونم، وتضم في جناباتها أكثر من مليوني شجرة، يصل عمر بعضها إلى 500 عام، كما يوجد فيها مغارة عمرها أكثر من 4 ملايين عام، توصف عالمياً بأنها الأهم من حيث التركيب الجيولوجي (صواعد ونوازل)، وأجمل من مغارة جعيتا اللبنانية الشهيرة، تقدر مساحتها - أي المغارة - بأكثر من 4 الاف متر مربع، كما تعد الغابة مأوي لمئات الحيوانات النادرة، والإعشاب بكافة أنواعها .


برقش للذي لا يعرفها، أو لم يزرها من قبل، تشكل فيها الكثافة الشجرية ما نسبته 90%، ومع هذا فهي مهملة منذ عقود، ولو ان الحكومات المتعاقبة عملت على استغلال جمالية المكان واهميته، لأسهمت الغابات بموقعها وجغرافيتها برفد خزينة الدولة بملايين الدنانير، ولبعثت المنطقة من ركام الاهمال.

المراقب لكافة التصريحات التي يطل بها المسؤولين، يجدها تعتمد مبدأ ارضاخ الشعب لسياسة الأمر الواقع، لفكرة إنشاء كلية عسكرية، بحجة إعادة إحياء المنطقة، وكأن الشعب يعارض إنشاء الكلية بالأصل !!

اختيار برقش لا يتفق مع القوانين الأردنية من قانون الزراعة الذي يمنع قطع الأشجار، إلى قانون الحراج الذي يمنع تفويض الأراضي ذات الكثافة الحرجية لأي كان، إلى قانون البيئة الذي يحتم الحفاظ على الثروة الحرجية وحمايتها.


الحقيقية تقول: إن الرأي العام لا يعارض فكرة الكلية العسكرية بعينها، بل يعارض اختيار برقش، كموقع لها مع أنه يوجد الكثير من المناطق التي يمكن استغلالها انشاء الكلية على اراضيها.

فيما يتعلق بالأصوات الضاغطة باتجاه إقامة الكلية، هؤلاء على الأغلب من ملاك الأراضي وأصحاب رؤوس الأموال في المنطقة، تتحكم بهم وتقودهم مصالحهم ومكاسبهم الشخصية ترتفع برتفاع اسعار الاراضي في المنطقة، لا رغبة في التطوير،

هذا السيناريو نجح سابقا السطيرة على اراضي غابات دبين قبل سنوات، إذ استفاد تجار الإقطاعيين وتجار الأراضي بعد ارتفاع أسعارها، بالمقابل غابت الفائدة عن عموم المجتمع المدني .

عطفاً على الموضوع، قبل سنوات حصلت ذات القصص في رميمين ودبين حيث تم اغتصاب الأشجار وقتلها على مذبح الاستثمار، بمقابل استبدالها بمبان لم تضف شيئا للمنطقة، بل أسهمت في تشويه صورة المكان وجماليته، وحرمت الشعب من التمتع بفضاءها.


السؤال المطروح، لمَ يتم التركيز على جعل المناطق الحرجية بمثابة مناطق عسكرية أمنية، هل ثمة سر وراء الأكمة لا يريد أحد البوح به؟

وهل ثمة علاقة بين انشاء الكلية العسكرية في برقش، وتلك الاتفاقيات التي وقعت مع شركة بلاكووتر قبل سنوات، لا احد يعرف ماهيتها؟

من الأهمية ربط كافة التفاصيل بعضها البعض، علنا نصل إلى جواب شافي يهدي من روعنا وخوفنا.

من الأهمية بمكان، إعادة النظر في اقرار مكان المشروع، خاصة وان لدي الحكومة عدد من الخيارات المتنوعة، أهمها نقل المشروع إلى قاعدة الأمير محمد الجوية المهجورة منذ عشرات السنين في أعالي سقف عجلون، مما يكون له كبير الأثر في إعادة تفعيلها، وقد يقلل من كلف انشاء الكلية العسكرية، ويحول دون قتل الرقعة الخضراء المتبقية كبسمة في وجه الوطن الغالي . هل تذكرون قاعدة الامير محمد الجوية ؟

بالأمس كانت دبين، من ثم لحقت بها ارميمين وسلحوب، بين هذه وتلك ذهبت العقبة والديسي، بحجة الاستثمار وخلق فرص جديدة لأبناء المنطقة، النتيجة كانت دوم تقول: ان المشاريع التي تبجحت بها الحكومات كانت غير ذي صله بالواقع الفعلي، كون الفائدة المرجوة لم تتحقق بالشكل المتوقع، لا للمناطق التي تم انشاء المشاريع فيها، ولا لأهلها، ولا حتى للحكومة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات