أشرف الخمايسة .. الفارق بين التربية والتعليم


ما فعله الشاب الشهم أشرف الخمايسة عندما تحمل فورا مسؤولية إنقاذ حياة 23 شخصا في الباص الذي فقد مكابحه بفعل سوء الصيانة وفقد سائقه بفعل سوء الأمانة لم يكن فقط إنقاذ حياة المواطنين بل أنه أنقذ فينا الإيمان الذي كدنا نفقده في إمكانية وجود أبطال حقيقيين في هذا الزمان يؤثرون التضحية على المصلحة.

يستحق اشرف كل ما يمكن أن يكتب عنه من مديح وأكثر من ذلك بل يستحق أن تقوم الدولة والمجتمع بفتح بعض الفرص أمامه والتي أغلقتها ظروف الحياة. أشرف يقوم بممارسة مهنة الكونترول منذ 10 سنوات أي أنه لم يحظ بالقسط الكافي من التعليم ربما بسبب ظروف مالية أو عائلية وضعته في مسار العمل المبكر بدلا من التعليم. ولكن أشرف حظي بعائلة تمكنت من أن تزرع في إبنها قيم الشهامة والتضحية ، لأن تحمل مسؤولية إنقاذ الناس في هذا الظرف الصعب لا يحتاج إلى شهادة من جامعة هارفارد أو جورجتاون بل إلى أخلاق رفيعة المستوى وشهامة وتضحية أصبحت عملة نادرة في حياتنا المعاصرة.

دائما كنا نقول أن هناك فارقا شاسعا ما بين التربية والتعليم وأن النظام التعليمي في الأردن في السنوات الماضية نسي التربية وركز على التعليم وأصبحت مؤشرات التعليم الحديث والمحوسب تجتاح مناهجنا وتقاريرنا التقييمية ومشاريعنا الدولية ، بينما بقيت التصرفات السلوكية السيئة من نسبة كبيرة من الطلاب سواء في المدارس أو الجامعات لا تحظى بالقدر الكافي من المعالجة ولا حتى التشخيص الملائم.

النظام التعليمي الأردني أو حتى الخارجي والذي يقدم الشهادات العليا التي تحكم وتتحكم بمستقبل الشاب الأردني في فرص العمل ما عاد يوفر المنظومة التربوية الكافية ، وكثير من المتعلمين الذي حصلوا على فرص عظيمة في التعليم بفعل المهارة أحيانا والمال في معظم الأحيان ليس من الضرورة أن يكونوا قد حظوا بمنظومة تربوية تجعلهم قادرين على تحمل مسؤولية عامة بنفس روح التضحية والشجاعة التي اظهرها اشرف الخمايسة ، وهذا هو أهم الأسباب في تراجع بعض مظاهر ومؤشرات الإنتاجية والأداء في قطاعات مختلفة من الدولة.

الطموح الذي عبر عنه الخمايسة كان امتلاك رخصة قيادة باص ، ولكن أعتقد أن هذا الشاب يستحق ما هو أهم من ذلك. ليس من المبالغ به توفير فرصة جديدة له لإكمال تعليمه وبناء حياة جديدة في مهنة مختلفة قد تدر عليه دخلا أفضل واستقرارا عائليا وتكون بمثابة مكافأة حقيقية ومستحقة لهذا العمل البطولي ، فلا يوجد في أي بلد ومنها الأردن إلا عدد قليل من الأشخاص الذين يمكن أن يوضع في سيرتهم الذاتية أنهم أنقذوا 23 شخصا من الخطر الداهم بفضل شجاعة باهرة وإحساس كبير بالمسؤولية ، وهذا قد يكون أهم من كافة الشهادات الجامعية.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

المفتش كرومبو
احسنت بارك الله فيك
28-07-2009 02:26 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات