الوضع الراهن للأحزاب


يمكن القول إن المتغيرات التي اجتاحت المنطقة بعد النكبة التي وقعت بالشعب الفلسطيني عام /1948/ قد تحققت عن طريق الانقلابات العسكرية، وأن الأحزاب لم تبدأ بتحسس أهميتها إلا بعد تلك المتغيرات ، برغم أن نشاطاتها الجماهيرية هي التي مهدت الأجواء للانقلابات العسكرية واستيلائها على السلطة.


لقد افتقرت الأحزاب التقدمية إلى الفعالية التنظيمية ، مما جعلها تفقد السيطرة على الأحداث والتطورات في اللحظات الحاسمة . وإن أوساطاً متعددة تعتبر أن تدخل الجيش في السياسة هو سبب الأزمة الراهنة. ولكن ليس الشكل الانقلابي العسكري هو وحده الذي يعبر عن الأزمة السياسية والتنظيمية للأحزاب ، فمع تعقد النضال العربي في المراحل الأخيرة، وارتفاع مستوى المهام التي تواجهها أدوات التغيير ، نلاحظ انقسام الأحزاب السياسية، وتبدو كأنها استنفدت مهمتها ، فوجدت نفسها وقد أصبحت وراءَ الأحداث لا أمامها.

وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الوضع ظهور تمايزات عميقة داخل الأحزاب أدت إلى انقسامها على نفسها ، وأنها فشلت في أن تتقدم بقضية الوحدة العربية لافتقارها إلى القدرة على تعبئة الجماهير باتجاه هذا الهدف.

لا يعتبر تعدد الآراء والاتجاهات بين الفصائل والقوى السياسية التي تناضل من أجل الاصلاح والتغيير وتعميق الثقافة الديمقراطية أمراً استثنائياً.

فالاتفاق بين هذه القوى القومية واليسارية والاسلامية حول أهداف بناء الدولة
إن المطلوب بعد التجارب المريرة التي مرت بها الأحزاب والقوى الوطنية هو أن لايدّعي أي طرف فيها احتكار الصواب , وأن الاقرار الواعي بالاعتراف بوجود القوى الأخرى أمر طبيعي . وليس من المرغوب فيه أن يتخلى الحزب عن هويته أو يتنازل عن مبادئه . وليس العمل الجبهوي المشترك إلا تعبيراً عن الاتفاق على برنامج عمل جبهوي.

إن البحث الجاد عن نقاط الالتقاء يعززه تقارب الأهداف السياسية التي تلتقي عليها الأحزاب والقوى الوطنية. ومن خلال توالي هذه المواقف تتسع دائرة الالتقاء بينها التي يمكن أن تتطور إلى بناء شكل تنظيمي جديد.

إن المطلوب اليوم هو تغيير صورة الأحزاب لدى الجماهير ، وترسيخ ممارساتها الديمقراطية داخلها ، وإن الوحدانية هي نقيض التعددية، وهي خطر قائم يهدد وحدة القوى السياسية المعارضة.

وفي ضوء الواقع السياسي الراهن يبقى الاقرار بأن معوّقات التطور السياسي تعود إلى عجز السلطة في تشريع القوانين التي تنهض بالعمل السياسي الوطني ، وإلى عجز الأحزاب السياسية في التخلص من جمودها وتطوير برامجها التنظيمية والسياسية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات