ربيع اوكرانيا الدموي تتوجه انتخابات رئاسية " مهزلة"


ظل الوضع الاوكراني في بؤرة الاحداث على مدى الشهور الثلاث الاخيرة الماضية وطغت الازمة السياسية في اوكرانيا وتبعاتها الدولية والاقليمية على مجمل الاحداث العالمية وذلك لاهمية هذه البلاد والتي تقع في قلب اوروبا ،ولان المشاركين في الصراع هناك هم اللاعبون الرئيسيون في العالم ، وتطورات الاحداث في اوكرانيا لا شك قد يؤدي الى اعادة بناء وهيكلة العالم جيوسياسيا في خارطة جغرافية سياسية جديدة تؤسس الى نموذج جديد في العلاقات الدولية للقرن الحادي والعشرين مثلما جاءت الثورة الاشتراكية في بدايات القرن الماضي ورسمت الملامح الاساسية للمجتمع الدولي بعد انقسامه الى معسكر رأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الاميركية وآخر اشتراكي يتزعمه الاتحاد السوفياتي واستمر حوالي سبعين عاما .
الاحداث التي شهدتها اوكرانيا منذ انطلاق ما يسمى بالاحتجاجات الشعبية ضد سياسة الرئيس يانوكوفيتش في تشرين ثان العام الماضي والتي ادت في النهاية الى انقلاب غير قانوني على السلطة الشرعية وحمل مجموعات الميدان في العاصمة كييف الى سدة الحكم برعاية ودعم اميركي واوروبي واضح وما تشهده اليوم من اراقة للدماء في مناطق واقاليم مختلفة من البلاد تندرج كلها في اطار السياسة المريضة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والناتو في الابقاء على سياسة القطب الواحد والتفرد الاميركي في ادارة العالم والتي تحرص على تقويض الانظمة التي من شأنها عرقلة هذه السياسة والعمل على اضعاف قدرات روسيا التي أخذت في السنوات الاخيرة من حكم الرئيس بوتين بالخروج من ازمتها السياسية والاقتصادية لتقف منافسا قويا للولايات المتحدة والناتو ليس فقط في اوروبا وفي الجانب العسكري ، لا بل في العديد من الملفات الدولية والاقليمية مثل الملف الايراني والسوري وبعض دول امريكا اللاتينية التي راحت موسكو تعزز علاقاتها معها مثل فنزويلا وكوبا الحليف التقليدي لها في الكاريبي .الصعود الروسي عالميا واستعادة روسيا مكانتها الدولية كوريث للاتحاد السوفياتي وعلى كافة الصعد لم يرق للساسة الاميركيين وقادة الناتو الذين بدأوا بالتفكير بشكل جدي باشعال " ربيع اوكراني" في هذه البلد الجار الاقرب لروسيا فأطاحت بالرئيس الشرعي وجاءت بعصابة من الفاشيين والنازيين من جماعات " بونديرا " في الغرب الاوكراني المعروفين بولائهم وتعاونهم مع الجيش الالماني النازي في الحرب العالمية الثانية ، باختصار اعادة استنساخ نموذج جديد من الفاشية ولكن في هذه المرة على ارض اوكرانيا وليس المانيا ولكن بدعم غربي اميركي مطلق ظنا منهم بانهم يهددون موسكو بعقوبات لا تغني ولا تسمن من جوع ترتد الى نحورهم قبل ان تعطي اي نتائج على الاقتصاد الروسي القوي. هذا الربيع الذي لا يختلف في ادواته عن " الربيع العربي " بشيئ جاء فوضى خلاقة وزعزعة لامن واستقرار وحتى امكانية انهيار الدولة الاوكرانية التي نرى انها اليوم منهارة ،وتعجلت الادارة الاميركية في خطوة احترازية على حث السلطات الجديدة في كييف لعقد انتخابات رئاسية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري اي بعد اقل من خمسة ايام بهدف منح هذه الطغمة النازية صفة الشرعية ؟؟.
منذ الثاني والعشرين من شباط الماضي بعد الاستيلاء على السلطة في كييف بالقوة والبلاد تشهد ربيعا دمويا لا يختلف بلونه ونكهته عن الخريف العربي فالدم هنا وهناك احمر والرعاية في الحالتين اميركية وغربية وها هي سوريا ماثلة للعيان ، حيث سارع برلمان جمهورية شبه جزيرة القرم باجراء استفتاء شعبي في السادس عشر من آذار الماضي اظهرت نتائجة عزم السكان هناك بالعودة الى الوطن الام روسيا وهو ما تم مباشرة دون اراقة نقطة دم واحدة ورفع العلم الروسي على المباني الحكومية ليصبح القرم اقليما روسيا كما كان قبل ضمه الى اوكرانيا في عهد الزعيم خروتشوف في منتصف الخمسينات من القرن الماضي ، هذه الخطوة دفعت سكان المناطق جنوب شرق اوكرانيا وهم من الغالبية الروسية للمطالبة بصلاحيات فيدرالية واعلان بعض المحافظات مثل دانيتسك ولوغانسك وماريوبل جمهوريات شعبية اعلنت الاستفتاء الشعبي في الحادي عشر من ايار الجاري الذي اظهر نسبة تفوق ال 90بالمائة قالت نعم للانفصال عن اوكرانيا واعلنت ولادة جمهورية " نوفو روسيا" اي روسيا الجديدة وللعلم فان هذه المناطق تمتلك المقومات الاساسية الكبيرة للاقتصاد الاوكراني حيث المصانع الضخمة والمناجم والمؤسسات الانتاجية التي يذهب معظم انتاجها الى السوق الروسية وكانت تدر دخلا كبيرا في موازنة الدولة . وبالرغم من موقف روسيا الذي جاء على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف والدعوات التي وجهها الرئيس فلاديمير بوتين للولايات المتحدة والدول الغربية بالضغط على سلطات كييف الجديدة لمحاورة سكان الاقاليم جنوب شرق اوكرانيا الا انها لم تجد الاذن الصاغية حتى قرارات السابع عشر من نيسان في مؤتمر جنيف لم تلق الارادة السياسية للتطبيق ، بحيث يستمر الغرب والولايات المتحدة بدعم الطغمة الفاشية في كييف ضاربين عرض الحائط بالمطالب الشعبية في جنوب شرق اوكرانيا ، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، لا بل راحت السلطات النازية في كييف وبعد ان اكملت الاحزاب الراديكالية المتطرفة الموسومة بالفاشية مثل " القطاع الايمن " اعداد جيوشها الخاصة بحيث اصبح لكل مرشح رئاسي يميني متطرف قواته الخاصة وجيوشهم التي لا تخضع لقيادة الجيش الاوكراني راحت سلطات كييف بتنظيم حملة تطهير عرقي عسكري تشارك فيها بالاضافة الى القوات البرية والجوية والخاصة المحمولة جيوش يارش وتيموسينكو وبوروشينكو وكل اصحاب السوابق في السجون الذين تم اطلاق سراحهم وتجنيدهم في هذه العصابات وارسالها الى مناطق جنوب شرق اوكرانيا ، وشاهد العالم بعض اعمال العنف ذات الطابع الفاشيستي الهتلري يوم الثاني من ايار في مبنى النقابات في مدينة اوديسا على البحر الاسود عندما قامت مجموعات من هذه العصابات وبالتعاون مع قادة الشرطة هناك بتجميع اكثر من مائتي شخص في المبنى واحراقهم احياء بهدف دب الذعر والخوف في نفوس المواطنين في خطوة لم يشاهدها العالم الا على ايدي القوات النازية الهتلرية ضد اليهود والبولنديين والسوفيات في الحرب العظمى ، واليوم هاهي تلك القوات تتوافد من الغرب والوسط لمحاصرة سلافيانسك وكراماتورسك في دانيتسك وتدك البيوت بالقذائف وتمطر المواطنين بالصواريخ وزخات الرصاص من الاسلحة الاتوماتيكية وبمساندة بعض المرتزقة الذين يتحدثون الانجليزية ممن حاربوا في العراق وافغانستان بحجة محاربة الارهاب والانفصاليين .جمهوريات جنوب شرق اوكرانيا ماضية في طريق الانفصال ومنها من اعلن دستورا جديدا للبلاد والآخر على الطريق وباقي المحافظات مثل اوديسا وخيرسون ونيكولاييف وماريوبل كلها تستعد لاعلان الانفصال والانضواء تحت راية جمهورية نوفوروسيا الجديدة لتشكل بمجموعها اكثر من عشرة ملايين نسمة اضافة الى مليونين ونصف المليون اعلنوا الانفصال عن اوكرانيا في القرم من اصل 45مليون نسمة عدد سكان اوكرانيا غالبيتهم من غير الاوكرانيين ففيها اليهود والارمن والهنغاريين والبولنديين والجورجيين والاذربيجان والمسلمين وغيرهم من القوميات والشعوب الاخرى . هذا هو المشهد الحالي في اوكرانيا قتال ومعارك في الجنوب الشرقي وانفصال في القرم وعدم الرغبة في الخروج والمشاركة في الانتخابات وعدم قبول من غالبية الاحزاب السياسية الاوكرانية ومنها الحزب الشيوعي الذي اعلن امينه العام سيمونينكو على الهواء مباشرة خلال مناظرة تلفزيونية اول امس انسحابه من سباق الرئاسة لعدم توفر الظروف الملائمة لاجراءها وسارع زعيم العصابة في كييف تورتشينوف بالطلب من البرلمان المصادقة على قانون حظر عمل الحزب في اوكرانيا اضف الى ذلك التواجد الكثيف للمحتجين في ميدان العاصمة وانتشار الاسلحة بشكل عشوائي بين الناس وارهاب تمارسه العصابات القومية وانقسامات كبيرة في الرأي وسط كل هذه الطروف المستعرة تصر واشنطن وعواصم الغرب الاوروبي على اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بالرغم من مخالفتها القانونية والدستورية؟؟؟ فأي انتخابات هذه التي لن يشارك فيها ملايين وربما نصف سكان البلاد ؟؟؟ انتخابات لا يمكن القول فيها الا بانها على طريقة الكابوي الاميركية التي تنظر اليها واشنطن على اعتبارها فيلم نهايته سعيدة بفوز باروتشينكو النازي النزعة وعلى قدر يد واشنطن . الا ان الواقع والمنطق يؤكدان بأن مثل هذه الانتخابات لا تعدو كونها مهزلة ديمقراطية على غرار مهازل امريكا في سيناريوهات العراق وليبيا وغيرها ولكن الامر هنا مختلف لان اللاعب الاخر هو روسيا العملاقة القوية التي لن تسمح بدخول حديقتها الخلفية اوكرانيا والشعب الاوكراني مدرك لالاعيب واشنطن وزبانيتها من النازيين الغرب اوكرانيين وانهم في الشرق الاوكراني قادرون على انهاء ثلاثة وعشرين عاما من التمييز والعنصرية البغيضة من سكان الغرب الاوكراني، التي تعرضوا لها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي لينهضوا بدولة جديدة تتحالف مع اصولها الروسية وتعود لاحضان الشرعية الدينية الارثوذكسية الروسية والحضارة والثقافة واللغة الام الروسية اما القتلة احفاد هتلر فلن ولا يمكن ان يكونوا ابطالا ولن يسمح لهم شعب اوكرانيا العظيم بالهرب او الانتحار على غرار ما فعل جدهم ومعلمهم وملهمهم هتلر ، بل سيقدمهم الى محاكم الشعب وينصب لهم اعواد المشانق على فعلتهم النكراء ليعودوا خاسرين كأجدادهم البانديرا وهتلر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات