اللجوء بركان تحت الرماد


شهد الاردن على مدى اكثر من ستين عاما موجات وموجات من اللجوء والنزوح والهروب والجلوات وغيرها من المسميات التي لم ينزل بها سلطان والحجة الواهية دائما باننا في الاردن بلد المرابطين ، بلد الانصار والمهاجرين ، بلد يضطلع بدوره القومي العربي حتى وصل بنا الامر ان تغلبنا على اصحاب الشعارات الرنانة والطنانة من الاحزاب الثورتشية القومية العربية والتي تربعت ولا زال البعض منها يتربع على صدور ابناء شعبه بالقوة والحديد والنار يرفض السماح لاي لاجىء او نازح بالتمتع حتى بما برز مؤخرا لدينا في الاردن ببعض الميزات لابناء المتزوجات من اجانب . استوقفني قبل ايام قرار الدولة اللبنانية بعدم السماح للاجئين الفلسطينيين بالدخول الى الاراضي اللبنانية من سوريا ، وبالرغم مما اثاره هذا القرار لدى البعض الفلسطيني والذي عبر عن ذلك من خلال الاعتصام والاحتجاج بالقرب من مكاتب الاونروا الا ان السلطات اللبنانية ماضية في تنفيذ القرار تطبيقا للدستور ، كما اعجبني قرار رئيس الجمهورية قبل حوالي شهر بعدم توطين الفلسطينيين في لبنان وفقا للدستور اللبناني . ففي الوقت الذي تثير فيه قرارات الدولة اللبنانية اعجابنا يتبادر الى الذهن سؤال : هل الدستور الاردني يسمح بالتوطين وتجنيس كل شارد ووارد ولاجىء ومستثمر وراقصة تستثمر في النوادي الليلية ؟ وهل كتب علينا في الاردن ان نكون ضحية التهجير واللجوء العربي من اقصاه الى اقصاه ؟ اسئلة عابرة للتفكير تداهمني كما ملايين الناس في الاردن ونحن نشاهد وعلى مدى العقود الست الماضية حملات التجنيس والتوطين بدءا بالفلسطينيين الذين جاءوا الى الاردن لاجئين وفي بضعة اشهر وايام اصبحوا مواطنين ، لا ندري على اي اساس قانوني او دستوري تم ذلك ويتم اليوم حتى اصبحنا اليوم نواجه تحديا ديمغرافيا خطيرا ينذر اذا ما استمر الحال على هذا النحو بتلاشي الاردنيين من اصول غير فلسطينية في ظل تنامي ظاهرة التوطين والتجنيس للفلسطينيين في الاردن ؟، بحيث اصبح عددهم ضعف الشعب الاردني الاصلي والانكى من هذا وذاك ان هؤلاء الفلسطينيين وبالرغم من ان ابائهم مولودون في شرق الاردن ويتمتع اجدادهم بالجنسية الاردنية التي لا ازال اجهل الكيفية التي حصلوا فيها عليها الا ان العالبية منهم لا يعترفون باردنيتهم ويرفضون التعريف بانفسهم على اساس اردني الا اللهم بحملهم جواز السفر وعند المكاسب . قبلنا ذلك ام رفضناه فالواقع يحكي ذلك ويصور ذلك واجزم القول من خبراتي في العمل الحكومي الرسمي وفي التعامل في القطاع الخاص ايضا وفي كل حركة وعليكم النظر الى الفرق الرياضية التي تجسد الانقسام الشعبي الاردني وترسخ الجهوية غصبا عنا بعد كل مباراة او لقاء في كرة القدم ، ناهيك عن التصرفات والتعامل على الصعيد الفردي بين الناس والذي يتصف بالنفاق اذ يظهر كل طرف حرصه على ما يسمى بالوحدة الوطنية ولكن عندما يخلو بنفسه تبرز لديه النزعة الجهوية ، نعم هذا هو الواقع وهل يستطيع احد انكار ذلك ؟ ما كنت راغبا باستنهاض التاريخ والعود ة الى عام السبعين وما شهده من احداث اليمة انعكست بشكل واضح على التركيبة المجتمعية لا زلنا نعاني اثارها الى اليوم . بالرغم من كل الدروس التي تعلمناها من قضية اللجوء واللاجئين واحتضان المهاجرين والمهجرين الا اننا وعلى الصعيد الرسمي يبدو لا نزال نكرر الماضي ونفس الاخطاء باستيعاب موجات التدفق للاجئين سواء بعد حرب الخليج الاولى والثانية واستقبلنا مئات الالاف منهم وفتحنا لهم باب الدار على مصرعية وعانينا ونعاني اليوم من آثار هذا اللجوء الذي اضحى قنبلة في احضاننا تنفجر على كل الصعد حتى النقابية والحزبية ، وتوالت موجات اللجوء من العراق حتى اغرقت البلد واصبح الكثير من السارقين والمهربين اصحاب استثمارات التي بحجتها تمتعوا بالجنسية الاردنية فتملكوا الاراضي واقاموا العمارات والمولات والاسواق وهو ما دفع الى ارتفاع العقارات والبيوت اضعاف مضاعفة انعكست سلبا على الاردنيين الطبقة الكادحة من الموظفين وصغار التجار لنقف حيارى لا نملك الا النظر للاستثمار الاجنبي العراقي حتى في المولات الضخمة فمعضم روادها والمشترين هم من اللاجئين بينما يقف الاردني متفرجا فاتحا عينيه ، وجاءت الحرب السورية وراح الاردن يستقبل الالاف يوميا وكانت المخيمات معدة وكانما هناك علم باللجوء ، دخل الالاف الى الاردن وتباهت سلطاتنا الرسمية على لسان وزير الداخلية بان مخيم الزعتري خامس اكبر مدينة في الاردن وتكرر المشهد على غرار مخيم البقعة واربد وعزمي المفتي والعديد من مخيمات الفلسطينيين التي تحولت الى مدن اردنية يسكنها فلسطينيون بولاءات فلسطينية وهو للعلم حقهم ، وراحت الدولة تشيد المخيمات الجديدة للاجئين السوريين لاستيعاب الملايين على ما يبدو ، هل يعلم الاردنيون ان عدد اللاجئين السوريين وحدهم في محافظة المفرق تجاوز ضعف السكان الاصليين ؟ كل هذا يجري بمساندة ودعم رسمي والذريعة ان علينا حسب الاعراف والمواثيق الدولية استقبال اللاجئين من الجوار في حالة الحروب ، لنفترض ذلك او ليست لبنان والعراق وتركيا دول جوار ؟ واي حرب واي احتلال يدور في سوريا ؟ العالم بأسره يعترف ان ما يجري في سوريا هو عصابات مسلحة تسعى لتقويض النظام ، وليكن هذا اللجوء مشروعا ولكن السؤال لماذا نصيب الاردن يساوي نصيب باقي دول الجوار مجتمعة؟ ولماذا تسمح السلطات في الاردن للاجىء بالخروج من المخيم الذي انشىء له ليعمل في السوق الاردنية؟ ولماذا التباكي على ابناء مخيم اليرموك ؟ يبدو اننا بدأنا نضع الاصبع على الجرح خاصة بعد منع لبنان للفلسطينيين الدخول من سوريا الى اراضية ، اذ تقفز الى الذاكرة الاحاديث القديمة المتجددة حول النية الدولية بتوطين جميع الفلسطينيين في العالم العربي في الاردن ومن هنا يجري تجميعهم اليوم من كل مخيمات اللجوء العربي في الاردن للمضي قدما في مشروع او خطة كيري لان غالبية من لجأ الى الاردن من سوريا هم فلسطينيون. والسؤال الاخر الذي يولد في ضوء الاحداث التي تحيط بمخيم الزعتري للاجئين السوريين والتي تميزت بالفوضى واعمال العنف وحتى اطلاق النار والاشتباك مع قوات الامن العام والدرك وظهور الاسواق داخل المخيم وانتشار الرذيلة والمخدرات والاسلحة اضف الى ذلك ملايين قطع السلاح التي تم ويتم تهريبها الى الاردن والتقارير الرسمية الصادرة عن القيادة العامة تؤكد ذلك بقيام طائراتنا الاردنية بقصف سيارات محملة بالمخدرات والسلاح تحاول الدخول عبر الحدود الى الاردن واشتباكات شبه يوميه على الجبهة الشمالية بين حرس الحدود الاردني ومتسللين . في ظل هذه الظروف والخوف من تدفق عناصر اسلامية متطرفة في تنظيم النصرة وغيرها الى الاردن والتي لا نشك بوجودها خلايا نائمة على الاراضي الاردنية نستطيع التأكيد على ان اللجوء في الظاهر بكل اطيافه ومصادره وزمانه القديم منه والجديد ما هو الا بركان نائم تحت الرماد ويمكن ان ينفجر في اي وقت والدلائل كلها تشير الى ذلك ولنا في معان العبرة يا اولي الالباب .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات