العدائية الإعلامية


في مسيرة البحث عن واقع الاعلام العربي في زمن الربيع ومن خلال ما يتم طرحه من دراسات وابحاث علمية وليس مجرد تداعيات وانطباعات شخصية لأشخاص ملكوا مهارة الكلام ومنطق التحاور من أجل التحاور ، وجدت أن الذي ينطبق على واقع هذه الاعلام هو ما يطلق عليه نظرية العدائية الاعلامية وهذه النظرية تستند على أن أنصار قضية ما يجدون في وسيلة إعلامية ما تحيز ضد قضيتهم وبالتالي ضد آرائهم بغض النظر عن الواقع الفعلي للأحداث المغطاة إعلاميا وبكافة السوائل الاعلامية ,
وتاخذ هذه النظرية جوانبها المعرفية من نظرية تعود للدراسات الاعلامية في فترة الستينيات من القرن الماضي وهي تقول أن الفرد يمارس التذكر الإنتقائي ويتبعه بالإدراك الإنتقائي ويأتي بعهدهما التعرض الانتقائي من قبل الفرد لوسائل الاعلام مما يحقق له رضى ذاتي عن الفكر الذي يمثله ويسعى لنشره لدى الأخرين ، وتشير الكثير من الدراسات الاعلامية الى الدور الكبير الذي يلعبه تكرار بث الرسالة على فهم وادراك المتلقي وبالتالي على اتجاهاته نحو تلك القضية المرسلة من خلال هذه الرسالة .
وبالعودة إلى واقع الاعلام العربي خلال آزمة الربيع العربي الأخيرة نجد أن العدائية الاعلامية التي تم ممارستها على كافة الأصعدة كانت هي العامل المسيطر على المحتوى الاعلامي ، مما حقق ما يطلق عليه إعلاميا بالفتور وعدم المبالات لدى المتلقي العربي نتيجة للتكرار المستمر والممل للأحداث وتقديم نفس وجهة النظر واستخدام كافة الأدوات الاعلامية من تنقينات وطواقم بشرية ومساندات من مثقفيين وباحثين لإيصال الرسالة لهذا المتلقي الذي ما زالت تلك الوسائل ومن يمتلكها يعتقدان أنه متلقي سلبي وليس له أي دور مؤثر في العملية الاتصالية .
ونتيجة للتطورات الكبيرة التي حدث في وسائل الاعلام والوسائط المتعددة وقدرة الفرد على التعرض الإختياري والمتعدد المصادر كانت النتيجة أن تحول هذه الفرد المتلقي إلى متلقي ذكي قادر على الحكم على المحتوى الاعلامي للرسالة وتحديد توجهات وأجندات من يعد الرسالة ، وهنا تكون العدائية الاعلامية في الفترات الأخيرة من الربيع العربي قد تركزت بين أنظمة سياسية بقياداتها وأجهزة أعلام تتغذى وتقتات على أموال تلك الأنظمة ، والنهاية أن تلك الأجهزة الأعلامية تحولت إلى ابواق وإن كانت تلك الأنظمة قد أضافت لصفوفها الكثير من الابواق لأفراد يعملون في الاعلام .
وللتأكد من حقيقة واقع هذا الاعلام العربي نجد أن هناك إلتقاء شبه عام بين المتلقين من الجمهور العربي من كافة الدول على مجموعة من البرامج الاعلامية الترفيهية ، والتي يجتمع بها الأفراد من كافة الدول العربية ويتفقون على تمضية أكثر من ساعة أمام شاشات التلفاز دون أن يشعروا بالملل أو أن هناك من يحاول أن يلعب معهم لعبة الاعلام العربي ويرجعهم إلى زمن أحمد سعيد واذاعة صوت العرب ، وفي النهاية تبقى العدائية الاعلامية متمثلة في مجالات محددة وداخلها وهي مجالات الأنظمة الحاكمة " الإقطاعيين " والنخب السياسية أو الاعلامية التي تدور في فلك تلك الإقطاعيات ومجموعة من رجال " دين السلطة " الذين يأخذون من القرأن كمقولة " ولاتقربوا الصلاة " ويلقون بالباقي من وراء ظهورهم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات