النصرة على خطى داعش .. والبداية من درعا


رغم خصوصية منطقة درعا في الأزمة السورية باعتبارها مهد الانتفاضة السورية، إلا أن الجبهة الجنوبية بدأت على ما يبدو تشهد صراعاً على النفوذ في المناطق التي تم السيطرة عليها من قبل عناصر الجيش الحر والتنظيمات والكتائب المقاتلة الأخرى، وعلى رأسها جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.

اعتقال أحمد النعمة القائد السابق للمجلس العسكري في درعا مع خمس قادة ميدانيين، من قبل جبهة النصرة وتسليمه للمحكمة الشرعية هناك، بتهمة السرقة والخيانة، يشير الى وجود تغيير طرأ على سياسة جبهة النصرة في التعامل مع الفصائل الأخرى وتحديداً الجيش الحر، خاصة أن هذا التحول يأتي بعد امتثال الجبهة لدعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظوهري بوقف القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" واكتفاء الجبهة بالدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء قد يحصل من قبل داعش.

اعتقال "النعمة" وآخرين يأتي أيضاً بعد تشكيله جبهة ثوار جنوب سوريا، لا سيما أن جبهة النصرة حذرت في وقت سابق الكتائب والفصائل الإسلامية في درعا من الانضمام الى هذا التشكيل، ما يكشف مخاوفها من تواجد أي فصيل مقاتل قد يكون أكثر قوة ونفوذاً منها، بالإضافة الى عدم رغبتها من وجود شريك يقاسمها الغنائم من الأسلحة والذخائر التي تخلفها قوات الأسد ورائها بعد هزيمتها في المعارك.

بدء "النصرة" في قتال فصائل أخرى واعتقال القادة، والتحكم في أعناق البشر، وإنشاء محاكم شرعية، يعيد للأذهان بدايات "داعش" في الرقة ودير الزور، وينبىء كذلك بمرحلة بالغة الخطورة، في حال تمردت الجبهة، وزاد تطرف عناصرها، خاصة أنها تحمل ذات الأيدولوجيا التي يحملها "داعش" الإبن العاق للقاعدة في سوريا.

قتال الفصائل المروسة بالطابع الإسلامي فيما بينها في سوريا، يشبه إلى حد ما قتال الفصائل الإسلامية في أفغانستان إبان الحرب على الاتحاد السوفييتي، إذ لم تكن الفصائل المقاتلة في أفغانستان تتبع فصيلاً واحداً، بل قاتلت السوفييت في جماعات مختلفة، ولم تكن جهودها مركزة ضد السوفييت فقط، بل كانت تتقاتل فيما بينها في ذات الوقت، وكل فصيل كان يحاول إضعاف الآخر، وتدخل وكالة المخابرات الأمريكية في الصراع آنذاك، زاد من الشقاق والخلافات بين تلك الفصائل.

لكن يبدو أن التجربة الأفغانية لم تلقى أذاناً صاغية لدى المعارضة السورية، ويبدو أن سوريا سوف تشرب من ذات الكأس الذي شرب منه الشعب الأفغاني، وأعاد فغانستان عصوراً الى الوراء بعد حكم طالبان، في ظل معارضة سياسية هزيلة تلهث وراء مصالحها الشخصية، وعدم توفر دعم دولي كاف للفصائل المعتدلة، في حين يتوفر دعم مالي وعتاد للفصائل المتطرفة من "داعش" و"النصرة" وغيرها، وسط تدخل غربي غير مباشر زاد من الشقاق، فيما لم تعد قوات الأسد قادرة على خوض المعارك، وتوكيل المهمة للميليشيات المتطرفة من حزب الله وأهل الحق وأبو الفضل العباس وغيرها.

جبهة النصرة التي يشكل الأجانب خمسة وثلاثين بالمئة تقريباً من عناصرها، التي تقل أعمارهم عن خمسة وعشرين عاماً، ولا يحملون أي فكر غير الثأر لعائلاتهم، قرروا البيعة للجولاني، والمضي قدماً على مبدأ "العدو القريب أولى بالقتال من العدو البعيد"، في إشارة الى أولوية قتال كل من رفض البيعة للجولاني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات