استغفار الملائكة لأهل الأرض


قال تعالى :
"تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ". (الشورى:الآية:5).

يقول المفسرون :
" تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ " : يتشققن. " مِن فَوْقِهِنَّ " : بعضها فوق بعض من هيبة الرحمن. ويقال : من مقالة اليهود.
" وَالْمَلَائِكَةُ " : في السماء. " يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ " : يصلون بأمر ربهم.
" وَيَسْتَغْفِرُونَ " : يدعون بالمغفرة. " لِمَن فِي الْأَرْضِ " : من المؤمنين المخلصين. _ويقال لعامة العباد_ " أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " : لمن تاب . الرحيم : لمن مات على التوبة.
(تنوير المقياس من تفسير ابن عباس:ج1/ص406).

والسماوات التي لا نحيط ولا نرى من ضخامتها واتساعها إلا الجزء اليسير الدقيق مع أتساع وضخامة الذي نراه منها .. تكاد هذه السماوات يتفطرن ويتشققن من فوقهن .. من خشية الله ومن هيبته وعلوه, ومن خروج أهل الأرض عن النهج القويم وافتراءهم على الرحمن من قول الشرك والبهتان, وغفلتهم عما يحسه وجدان الكون من هذه الهيبة والعظمة ..
قال تعالى :
"( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً) 88)) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91 )". (مريم:الآيات:88_91).
والملائكة هم أهل طاعة دائبة مستمرة يستشعرون هيبة وعظمة ربهم ويسبحون بحمده وينزهونه عما لا يليق به, وهم يرون كفر أهل الأرض ويشهدون شركهم ومعصيتهم ويسمعون قولهم الشنيع, ومع هذا يخشون عليهم من عاقبة ذلك كله, ويشفقون عليهم من غضب الله فيستغفرون لهم بالسعي فيما يستدعي مغفرتهم من الشفاعة, والإلهام, والأسباب المقربة الى الطاعة, واستدعاء تأخير العقوبة .. طمعاً في إيمان كافرهم وتوبة فاسقهم.
ويقبل الله تعالى لكمال قدسه وعظيم غفرانه ورحمته استغفار ملائكته ويزيدهم على ما طلبوه من المغفرة رحمة.
قال أبو السعود في التفسير :
وهذا يعم المؤمن والكافر .. وأن ترك معالجتهم بالعقاب على تلك الكلمة الشنعاء بسبب استغفار الملائكة وفرط غفرانه ورحمته ففيها رمز إلى أنه تعالى يقبل استغفارهم ويزيدهم على ما طلبوه من المغفرة رحمة. (تفسير أبي السعود:ج8/22).
ولذا فقد قيل : أن تأخير عقوبة الكفار والعصاة نوع من أنواع مغفرة ورحمة الله سبحانه وتعالى.
وكذلك علم وتيقن المرسلون عليهم السلام فطلبوا المغفرة لقومهم ولم يستعجلوا لهم العذاب, فقد صح أن النبي e قال يوم أحد حين كسروا رباعيته وشجوا وجهه : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ". ومن قول نوح عليه السلام كما روى مسلم عن عبد الله قال : كأني أنظر إلى النبي e يحكي :" أن نبياً من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". (تفسير القرطبي :ج8/ص273).
(عن كتاب الأدعية في القرآن الكريم/تفسيرها ومعانيها _ص362/بكر عبد الحافظ الخليفات/ دار الكتب العلمية_ بيروت).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات