صراع الثقافات في ظل العولمة


إن مسار العلاقات الثقافية بين العرب والغرب في ظل العولمة، اصطدم بواقع الحياة الثقافية لكلا الطرفين، والذي أثرت فيه العولمة بشكل مباشر من خلال طغيانها على الكثير من الأفكار في عقول المفكرين العرب، حيث ظلت أفكارهم طريقها ما بين الالتزام ولواقعية الحتمية التي يعيشها الكثير من المفكرين العرب. وقد نتج عن ذلك أيضا أزمة من الانتقال العالمي من نظام إلى نظام جديد أساسه الاقتصاد المهيمن على العالم، والذي يسعى إليه الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية في ظل نظام عربي اتسعت فيه قاعدة الصراع العربي بين الساسة والمفكرين العرب رغبة منهم في إثبات الذات، مما أدى إلى انحلال الروابط الداخلية والخارجية بشكل أسهم في تنافر قوى الشد والجذب العربي في تيارات فكريه متعددة الانتماءات. فكثير ما نسمع عن الفرق بين الشرق والغرب، الشمال والجنوب ،العالم الأول والعالم الثالث، فما هو الأصل لهذه التسميات في ظل عالم يعتمد في برامجه الخطط الخمسية والعشرية وما إلى ذلك، فأين الحل وأين يكمن الخلل، وهنا يروق لي طرح بعض التساؤلات هل الإنسان في أمريكيا أو أوروبا يختلف عن الإنسان في لوطن العربي؟ وهل يمتلك ذلك الإنسان أجزاء في جسده غير متوفرة في الإنسان العربي؟ وهل الأنظمة التي يستوردها العالم العربي من الخارج عاجزة عن تلبية طموحات الإنسان العربي؟.

إن ما نراه من سياسة العولمة التي تضغط بجميع ما أوتيت من قوة لتنمية اقتصاد يخدم الكبار، ووراء ذلك ما يفعل الصغار الذين يدورون في فلك مفرغ من الحقيقة فلك يعوزه الدقة والمصداقية، إلى متى تبقى هذه المسميات في عالمنا العربي،(جيوب فقر، اقتصاد وضعي، سياسة التقشف، المناطق الأقل حظ) ونحن تمتلك اغني ثروات العالم ونستطيع أن نتسيد العالم كعرب ومسلمين كما كان في عصور سابقة. وعند مقارنة الحياة الاجتماعية في المجتمع العربي والغربي نجد اختلاف في تكوين كلا المجتمعات، فالمجتمعات الغربية فردانية تأسست على حرية المبادرة وروح الابتكار والمغامرة في الاقتصاد، والتربية على الحرية في السلوك، وإقامة المجتمع السياسي على التعاقد بين إرادات أفراد أحرار. في حين نجد أن المجتمعات العربية هي مجتمعات جمعانية تربطهم علاقات على أساس روابط الدم. ومما أسهم ويسهم في إيجاد صعوبة كبرى في استيعاب مبدأ الحضارة الصحيحة.

ويزداد التاريخ الثقافي العربي ابتعادا عن الغرب سنة بعد أخرى والذي ساهم في ذلك، انبهار العرب بالحضارة الغربية ومحاولة تقليدها، حتى أصبحت مظهرا حضاريا ورمزا للتمدن والتطور. وان الملاحظ للساحة العربية وما يجري فيها من صراعات بينية جعلت الساسة العرب يحلقون وراء الغرب مرتمين في أحضانه، لتحقيق مصالحهم. وحتى السياسة النفطية وان جاز لنا التعبير فبفضل الأسعار المتدنية للنفط في العقود السابقة مكنت الدول الصناعية من الحصول على هذه المادة الإستراتيجية بأسعار زهيدة، مكنت المجتمعات الغربية من بناء قطاع صناعي عريض ومتطور. في حين افتقرت إليه الدول المنتجة لتلك السلعة.فكان الأجدر أن لا ننسى كعرب الأداء الشامل للمنظومة الاقتصادية العربية القائمة على أساس التشاركية العدلية في الموارد، لضمان حاضر ومستقبل عربي متغير ويواكب الحضارات العالمية. إن موضوع التوعية بهذه الإخطار أو إدراكها بواقع ومنطقية حتمية قد يساهم في ردم أجزاء واسعة من الفجوة الحضارية التفافية في عالمنا العربي المعاصر، حيث أن الإدارة الثقافية لم تعد عملية ارتجالية تعتمد في منهجها جزيئات من العمل الثقافي، بل هي جهد منظم ومنمق يعطي الأهداف الثقافية درجة عالية من الأهمية مع اخذ بأهمية الوقت وتسارعه نحو المزيد من الفجوة سواء في الثقافة أو الحضارة. ويجدر بنا طرح التساؤل الأتي: ما الذي أوصل الإنسان العربي إلى هذا الحد ؟ إن الإجابة على مثل هذا التساؤل يقودنا إلى موضوع التنمية المتكاملة، فإذا كان الوعي بخطورة الأوضاع العربية محصورا في نوعية وفاعلية التطور فهل وصل إلى التطور المنشود في ظل الإمكانات المتوافرة؟ فمن الصعب إنكار المبدأ الذي يعتمده الإنسان العربي والذي ورث مفهوما يرتكز على الماضي، في كيفية فهمة لعالم عربي إسلامي كان سباقا إلى اكتشاف المعرفة والتوصل إليها في زمن السبات وعصور الظلمة في أوروبا، ولكن ماذا كانت النتيجة في النهاية انه اقتصادُ يغدق فقرا ويزداد يوما بعد يوم. حتى لو تم تناول موضوع الحريات العربية والتي تتسلم بالاكتئاب السياسي والذي عماده الشعور باللامبالاة ومن ثم ابتعاد المواطنين عن المشاركة في إحداث التغيير المنشود. وعلى ذلك فان النظر في مستقبل لا يرتكز على رؤية واضحة للواقع العربي يقود إلى التخلص من مبدأ الوصاية. وان مصير الإنسان العربي لا يمكن أن يترك في أيدي من امتلاك اللمسة السحرية والمقصود هنا أقطاب السياسة والاقتصاد العالمي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات