المواطن المقهور


بالأمس استمعت لحديث مواطن أردني يعمل في مهنة البناء ويتخصص في البلاط ، كان يذكر ما يواجهه هذا المواطن من قهر وظلم على يد الأشقاء الضيوف الوافدين بسبب ظروف بلادهم ، ويقسم انه لم يحرك حجر منذ عدة شهور ولم يدخل جيبه " مليما " واحد بسبب مزاحمة الإخوة ضيوف البلد في نفس المهنة التي يعمل بها منذ عشرين عاما ونيف ، ويؤكد انه حاول ولعدة مرات تقديم أسعار تفضيلية قد لا تعادل نفقات العامل المساعد له في عدة مبان ومنشآت تعاقد على تأدية العمل بها ، ليفاجأ في اليوم التالي تنصل صاحب العمل من الاتفاق والسبب تقدم مواطن عربي يعمل بنفس المهنة بعرض اقل بكثير مما قدمه .

الرجل وبعد أن دعا الله بالفرج وإزالة الغم طالب الدولة بتنظيم سوق العمل ومراقبة السوق أكثر ، فالوافد إلى الأردن لا يكلف بدفع رسوم بدل تصريح عمل او غيرها ، باعتباره لاجئ إنساني ، ولكنه يعمل ويزاحم العامل الأردني في كل المهن رغم انه يتلقى دعما كبيرا من منظمات دولية تغطي بدل الإيجار والنفقات وغيرها .

ويواصل الرجل سرد معاناته وهو يقسم بالله انه لم يعمل منذ عدة شهور ،ويدعو الله ثانية بالفرج او الموت لأن الضغوطات تراكمت عليه سواء في السوق او بسبب سياسات الحكومة الأخيرة ورفع الأسعار وحرمان الناس من حقوقها حتى في دعم محروقات حيث أبطلت شروط الدعم الجديدة حقه في الحصول عليها لأب له ستة من الأبناء .

احد الحضور تحدث بمرارة وهو يروي قصة معاناته لتركيب جهاز تقويم أسنان لابنته التي راجع بها مستشفى البشير ليفاجأ بموعد بعد عام ونصف ، ويؤكد ان الوافد الضيف يمنح موعدا لا يزيد عن أسبوع ، ناهيك عن فقدان غالبية الأدوية بالنسبة للمواطن الذي يدفع بدل تأمين صحي وينتظر ساعات كي يدخل الى الطبيب ،وشكاوي الأطباء أيضا من تعاظم أعداد المراجعين وغالبيتهم من تلك الدولة ..
الدولة الأردنية استطاعت الحيلولة أمنيا من حماية الوطن من تداعيات الأزمة السورية ، لكنها فشلت فشلا ذريعا في منع تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية ، وبات المواطن الأردني هو الذي يدفع ثمنا غاليا بسبب الأزمة دون أي ذنب يرتكبه ! وتساءل احد الإخوة في الجلسة عن سبب إهمال الدولة لمواطنيها وترك الأزمة تتعاظم على مواطنها دون تدخل ..

قصص وروايات تقال هنا ولا تنشر أيضا ، تجاوزات اجتماعية وأخلاقية وإنسانية بلغت ذروتها بسبب الأزمة ، والمواطن الفقير الضعيف من يتحمل وحده النتائج ..

النظام او الدولة متهمة بالتجارة في كل أزمة ، ولديها الخبرة في ان تتحول إلى سمسار حروب وأزمات كي تلتهم ما تلتهمه من عوائد استقبال ضيوف البلد دون تنظيم وعلى حساب المواطن الذي زادت أعبائه بسبب تلك السياسات في تحول الأردن لمستودع أزمات تضاف إلى أزماته المزمنة .

ونحن هنا نكرر نفس أسئلة الإخوة المتضررين ، لماذا لا يصار إلى تنظيم سوق العمل بالنسبة لأولئك الضيوف او منعهم من العمل ! ولماذا لا يخصص لهم مدارس ومستشفيات ومراكز صحية تلتزم بها المنظمات الدولية وعرب النفط الذين كانوا ورطوا الشعب السوري بهذه المعركة !! فالخدمات التي كانت تغطي " بالعافية " احتياجات مواطننا لم تتطور ولم تتوسع لاستقبال الضيوف الذين صعدوا بإيجارات المنازل إلى أرقام خيالية حالت دون إقبال الكثير من شبابنا على الزواج ، فمن هو الشاب الذي يستطيع دفع مبلغ 300 دينار بدل إيجار شقة صغيرة وراتبه لا يتعدى أل 300 أصلا ! فهل فكرت الدولة " القاهرة موطنيها " بتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على مواطنيها !!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات