مناهجنا في ضل العولمة


في ظل انضواء كل شيء تحت مظلة العولمة , والتي تسعى لتوحد فكري ثقافي واجتماعي , وسياسي , من خلال التركيز على البعد الثقافي , وتوظيف وسائل الاتصال الرقمية والإعلام لخدمة هذه الغايه , والتي لم يعد هناك وسيلة لتجاوزها .

بات من المحتم علينا إعداد أبناءنا معرفياً , وتحصينهم خلقياً لمواجهة هذا التحدي، لأن الواقع يظهر توجه لاستهلاك مفرط من قبل الشباب لكل جديد , دون تمييز لنوعية المادة التي يتعاطاها نتيجة الانبهار بما يقدم إعلامياً , والذي يثير حواس الشباب ومداركهم , ويلغي عقولهم , وبالتالي يصبحون مطية سهلة لتمثل الثقافة الغربية الوافدة , والتي تسعى لصهر هوية الشعوب وثقافتها , وهذا ما تسعى إليه قوى العولمة ، فالدور المنوط في مؤسساتنا بكل إشكالها , وعلى رأسها المؤسسة التعليمية تكمن في مواجهة هذا التحدي بدون إنغلاق، من خلال إعداد جيل من الشباب مسلح بعقلية انفتاحية على كل منجزات الفكر والعلم والتكنولوجيا محصن بقواعد وضوابط ديننا وثقافتنا ، فلا نخشى ونعادي كل ما هو وافد علينا , ولا ننصهر فيما يردنا بتأثير عقدة النقص تجاه كل ما هو أجنبي ، فالمطلوب الاستفادة من المعلومات والسعي للتغيير الذي لا يشوه ثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية بل ينهض بطاقاتنا وثرواتنا القومية نهضة حقيقية.

وهذه النهضة لا تتم بدون التعلم والتعليم وهذا يتطلب إعادة النظر في مناهجنا من حيث المحتوى والأهداف لأن التعلم هو السبيل لتمكين أبناءنا من مواجهة تحديات المستقبل باقتدار فالتقدم لأي مجتمع قرين العلم والمعرفة.

ورغم الجهود الطيبة والمبذولة من وزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج , وبالتالي تحسين مخرجاتها، فمناهجنا لا تزال بحاجة للمزيد من العناية كماً وكيفاً , والى تقييم دوري للوقوف على مدى تحقيق الأهداف المنشودة , فلا زلنا بحاجة لمنهاج يواكب التطورات السريعة في كل مناحي الحياة , ويستوعب الطفرات التعليمية , والمعرفية , ويوظف المعلومة بالشكل الأمثل , ويرسخ التمسك بهويتنا الدينية , والثقافية , والاجتماعية , وهذا يستدعي أيضاً تطوير الأساليب , ووسائل التعليم بحيث تواكب مقتضيات عصر العولمة بما فيها إعداد المعلم إعداداً صحيحاً , فنياً ومهنياً , ورفع شأنه وإعادة هيبته , وتوجيهه للإبداع والابتكار في تطبيق المنهاج , كونه القائم على التعليم ، وتفعيل الحوار بينه وبين المتعلم , بأسلوب بعيد عن التلقين بهدف تنمية التفكير الإبداعي , والناقد لدى المتعلم بحيث يكون قادراً على مواجهة مشكلاته الراهنة والمستقبلية بإيجاد الحلول والبدائل المناسبة ، وربط المناهج ببيئته ومجتمعه لمساعدته على التكيف السليم , والعمل على تنمية شخصيته , وصقل مواهبه من خلال توظيف النشاط المدرسي والإفادة من مصادر التعلم المتوفرة في بيئته.

وأن يعمل المعلم من خلال المنهاج على التعرض للمتغيرات السريعة التي تحدث والاتجاهات العالمية السائدة , وإثارة حوار مع الطلبة لتنويرهم بما يدور من حولهم واستقراء ردود أفعالهم , وتوجيههم التوجيه الصحيح في كيفية التعامل مع هذه المتغيرات , بما يصون هويتهم الوطنية , وثقافتهم ، بحيث يخلق العقلية الناقدة عند المتعلم , ليستطيع مواجهة التحديات الحضارية والانفتاح العالمي الذي يتعرض له الشباب , من خلال وسائل الاتصال المتاحة ، وهذا ما يسمى عصرنه التعلم بما يوافق الزمان والمكان.

فتشكيل أبناءنا وإعدادهم للمستقبل متسلحين بالعلم والمعرفة المتقدمة , وإكسابهم مهارات حل المشكلات , والتعليم الذاتي , وأساليب التفكير الناقد , وتنمية وعيهم بقيمهم وثقافتهم , والتي تمكنهم من التمحيص والاختيار السليم بما يحفظ هويتهم الحضارية , والقومية ومواجهة تحديات العولمة ، كل هذا يتأتى من خلال منهاج نوعي , ونظام تعليمي معاصر يراعى متغيرات العصر.



تعليقات القراء

محمد صبره
يادكتور تقصد ظل وليس ضل
05-04-2014 12:33 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات