قدّر الخبير الاقتصادي الأردني الدكتور محمد الحلايقة أنّ الدول النفطية العربية خسرت في الأيام الماضية نحو سبعمائة وخمسين مليار دولار ، وقالت "سي ان ان" إنّ مئة وخمسين مليار دولار من أموال العرب تبخّرت في يوم واحد ، وفي تعليق ساخر يقول الدكتور جوناثان سباير من جامعة هيرتسيليا في مقالته المنشورة في "جيروسالم بوست": لقد ضخّت سلطة الاستثمار الكويتية في السنة الماضية مليارين من الدولارات للاستثمار في "ميريل لينش" ، وفي حينها بدا الأمر مأموناً ، ولكنّ "ميريل لينش" بالطبع ليست موجودة اليوم"،

وإلى ذلك ، فيسخر سباير من طرق الاستثمار العربية النفطية ، ويسخر أكثر من طرق الصرف الأقرب إلى السفاهة حيث القصور والإستهلاك البالغ في الترف ، على حساب الاستثمار في التعليم والصناعة ، وهو في حقيقية الأمر مصيب للأسف ، فنحن نقرأ في هذه اللحظة عن شراء ناقة عذراء بمبلغ زاد على المليون وربع المليون من الدولارات الخضراء،

فقراء العرب يستطيعون هذه الأيام أن يفرّغوا من وقتهم بضع ساعات ليعرفوا من شاشات التلفزيونات العالمية المدى الذي كانت بلغته سفاهة معظم أغنياء العرب ، ونحن هنا لا نتحدّث عن علاقات الأغنياء والفقراء العرب البينية بين الدول ، بل في الدولة نفسها ، ففي كلّ الدول النفطية العربية فقراء ، وهناك تمييز ، والسؤال الذي لا بدّ أن يُطرح في كلّ مجلس: ماذا لو استثمرت تلك الأموال في بلادها ، وبين أهلها ، وبالطرق السليمة؟

الكثير من جلد الذات سيخرج إلى العلن في المستقبل القريب ، ولكنّ الأسئلة الصعبة لن تجد أجوبة ، وفي تقديرنا فإنّ هذه الأنظمة العربية ستهرب إلى الأمام ، وستوجّه اللوم للخارج ، والمؤامرات ، وقد تزيد من قمعها لمواطنيها بدعوى السيطرة على حالة طارئة ، وفي حالات الربح الفقراء هم الخاسرون ، وفي حالات الخسارة فالفقراء هم الخاسرون أيضاً.