أزمة النظام البرلماني الأردني


كثرت الحلول والاقتراحات في الآونة الأخيرة , ومعظمها يرسم نهجاً أو مخططاً للسياسة الأردنية في الداخل والخارج، وتؤكد أن أزمة الأردن هي سياسية في الدرجة الأولى، وتكمن في بعض المبادىء التي يقوم عليها نظامه البرلماني، وفي قانوني الانتخاب والأحزاب المدرجين على جداول جلسات مجلس النواب الحالي، ويجمع المواطنون على عدم وجود أحزاب سياسية منظمة قادرة على المنافسة.

ويعتبرون أن الشرط الأول للاصلاح السياسي هو فصل السلطات، وعدم تغول إحداها على الأخرى،وتبني النظام الديمقراطي الذي يسمح لكل محافظة بتبني نظام حكم ذاتي خاص بها،إن من أسباب تعثر النظام البرلماني هو عدم توفر الشرط الأساسي لنجاحه، ونعني به عدم وجود أحزاب قادرة وفاعلة. فالنظام البرلماني لم يترعرع ويلاق نجاحاً وانتشاراً إلا في البلاد التي يتنافس فيها حزبان أو ثلاثة تنافساً شريفاً نزيهاً، وإن تعدد الأحزاب وانقسامها على بعضها ، وفقدان روح التنظيم الحزبي فيها، هي التي سببت إضعافها وعدم قدرتها على التمثيل النيابي .

إن الأحزاب المنظمة، هي بمثابة العمود الفقري بالنسبة للنظام البرلماني ، ولعل أكبر خدمة يمكن أن تقدمها للوطن هي تجميعها للمواطنين من مختلف المشارب، وتوحيدهم وتمكينهم من الالتقاء فوق صعيد واحد من الوطنية ، وإذا كنا نوجه بعض الانتقادات إلى النظام البرلماني الحالي، فالاعتقاد بأن الانتقاد النزيه الحر هو خير طريق للاصلاح ، وخير طريق لتنبيه المسؤولين والرأي العام إلى الأخطاء المرتكبة في كيفية تطبيق النظام البرلماني.

تحتم النظرية البرلمانية تطبيق مبدأ فصل السلطات. وأثبتت التجارب أنه لايزال الحقيقة الأولى المستمرة حتى الآن ، وإذا ما تجمعت السلطة بيد شخص واحد كان طغيان وتعسف، ولا فرق في ذلك بين كون الشخص واحداً أو جماعة.

إن الحكومة البرلمانية لاتقضي بفصل السلطتين التنفيذية والتشريعية فصلاً تاماً ، كما انها لا تمزج بينهما، وإنما تقضي بتداخل متبادل بينهما فقط، لأن النظرية البرلمانية تفقد قيمتها اذا تجمعت كل السلطات في يد سلطة واحدة.

ولم تلق النظرية البرلمانية ، أي تطبيق صحيح ، فرؤساء الحكومات والوزراء ممن يُعينون تعيناً مباشراً، والتعديلات الدستورية التي تمت، كانت ترمي إلى إندماج السلطات، وتشابك بعضها ببعض وشلّ توافقها لصالح السلطة التنفيذية.

إن وجود مجلس نيابي ينتخبه الشعب ليمثله ويدافع عنه، عنصر مهم من عناصر النظام الديمقراطي. ومجلس الأمة يتكون من مجلسين ، أحدهما منتخب من مجموع الناخبين ، والآخر مشكل من قبل جلالة الملك. لقد تبنى الأردن نظام المجلسين في دستوره، ولايزال هذا الوضع قائماً. لقد عُلّقت الآمال على مجلس الأمة ، بإحداث الإصلاحات المنشودة في أجهزة السلطة، ولكن هذه الآمال لم تحقق الاصلاحات حتى الآن بسبب بعض القوانين المعّوقة وعلى رأسها قانون الانتخاب الحالي، وهو قانون الصوت الواحد الذي يعيق مسيرة الاصلاح السياسي في البلد.

تعتبر الانتخابات القاعدة الأساسية للحكومة الديمقراطية. وهي أسلوب الديمقراطية الحديثة لعملية اختيار الحكّام من قبل المحكومين . والانتخابات وسيلة يتم بواسطتها اختيار الأشخاص الذين يُعهد إليهم باتخاذ القرارات ورسم السياسة العامة في الدولة. وتأخذ الانتخابات أشكالاً مختلفة بحسب شكل النظام السياسي وأسلوب التنظيم الانتخابي المتبع.

ويمثل النائب داخل السلطة التشريعية الأشخاص الذين انتخبوه في دائرته الانتخابية كما يمثل الأمة بأكملها لأنه عضو في سلطتها التشريعية العامة. وتتراوح فترات أعضاء السلطة التشريعية في مختلف الدول بين سنتين وست سنوات. وفي النظام البرلماني فإن الأزمات السياسية قد تؤدي إلى تقديم موعد الانتخابات بحيث تجري قبل وقتها المحدد.

والانتخاب هو أفضل وسيلة عملية لأقامة حكومة ديمقراطية وهو الوسيلة الفعّالة لتوسيع نطاق المشاركة النيابية. فهي تعطي الفرصة لكل مواطن للمساهمة في عملية الممارسة السياسية والمشاركة في اختيار القيادات السياسية، والتأثير في رسم السياسة العامة للدولة. والانتخابات تمنح المواطن فرصة الافصاح عن رغبته في اختيار المسؤولين الذين يعتقد أنهم مناسبون للمراكز الحكومية . وهي الوسيلة لحث المسؤول الحكومي على أن يكون أهلاً للمسؤولية ، وأن يسعى بشكل جدي لإرضاء الأفراد الذين انتخبوه ، والذين يتوقف مستقبله السياسي على تقديرهم لجديته وإخلاصه وانتاجه واستجابته لمطالبهم.

تحتاج الدولة إلى أعمال التشريع والتنفيذ والقضاء، وليس القصد من توضيح تداخل السلطات تقليل أهمية مبدأ فصل السلطات، فإذا أملت ضرورة الممارسة الفعلية التوسع في تداخل السلطات فإن فصل السلطات لم يزل هو الأمر الذي يحدد جوهر الحكومات الديمقراطية التي تتميز تركيبة سلطاتها الثلاث وعلاقتها ببعضها البعض تبعاً للنظام القائم في كل منها، وفي ظل مبدأ فصل السلطات تتولى الهيئة التشريعية مهام التشريع وسن القوانين العامة في الدولة. وتكون الهيئة التشريعية سلطة تشريعية إذا استمدت حق التشريع من ذاتها، ولم تمارسه نيابة عن الهيئة التنفيذية.

وتختلف السلطة التشريعية سواءً في تركيبتها أو أعمالها التي تقوم بها من دولة ديمقراطية إلى أخرى. وتأخذ من حيث التركيب إما نموذج المجلسين أو نموذج المجلس الواحد، ومعظم الدول تأخذ بنمط المجلسين التشريعيين.

ويرجع انتشار نموذج المجلسين إلى أسباب عملية تتحدد في ضرورة وجود المجلسين، وضمانة صدور تشريعات أكثر ملائمة للدولة ومدروسة بشكل جيد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات