وتغلب العقل في ازمة الحكومة والبرلمان


التصويت الذي جرى اليوم في مجلس النواب على تجديد الثقة بحكومة الدكتور عبدالله النسور يعتبر حدثا تاريخيا في الحياة السياسية الاردنية وانتصارا لصوت العقل في المجلس . فبالرغم من تحفظاتنا الكبيرة على اداء المجلس السابع عشر خلال العام الماضي وبداية هذا العام الا انه من الانصاف والعدالة التاريخية نسجل للمجلس هذا الموقف الوطني ويحسب له في سلة حسناته. وذلك لان هذه الخطوة شكلت سابقة وتحديا للاخطار التي احدقت بالوطن وتهديد مصالحه العليا ، حيث شهدنا خلال الاسبوع الماضي وما بعده من ساعات وليالي وايام مشهدا نيابيا وصل حد الازمة ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية القت حادثة مقتل القاضي رائد زعيتربظلالها عليها و اججت فتيل الازمة على خلفية مطالبة النواب بطرد السفير الاسرائيلي من عمان وسحب سفيرنا من تل ابيب . هذه الحادثة التي الهبت مشاعر البعض في الشارع الاردني وخروج المسيرات وتنظيم الاعتصامات بالقرب من مبنى السفارة الاسرائيلية ومحاولة المواجهة مع قوات الامن والدرك انعكست على مواقف النواب وعملت على تسخين بعض الرؤس والتمسك والاصرار على مطلبهم هذا وسط تفهم حكومي للحادثة والدعوة الى التريث للوقوف على نتائج التحقيق .استمر النواب بموقفهم متأثرين بالحالة الشعبية في الشارع الذي حاول البعض منه توظيف القضية لحسابات شخصية و اجندة سياسية وبرامج حزبية منها الانتقام من الحكومة ورئيسها واشاعة الفوضى في الشارع ليخلو لهم الجو لاستعادة بعض امجادهم الغابرة فركبوا قضية زعيتر وجعلوا من طرد السفير الاسرائيلي ذريعة للتظاهر والضغط على مجلس النواب رافعين شعارات مختلفة ومتباينة احيانا ابرزها كرامة الاردنيين والسيادة الوطنية والدم الاردني المهدور وكلها شعارات تدغدغ العواطف والاحاسيس وتثير الحماس والحمية في خطوات تصعيدية لتقويض الحكومة . الاسبوع " المهلة " الذي منحه مجلس النواب للحكومة الثلاثاء الماضية لطرد السفير شهد بلا شك تحركات واتصالات حكومية برلمانية ولقاءات بين الرئيس النسور بعدد من النواب نقل اليهم صورة واضحة عن الوضع وما ستؤول له الامور ان اقدمت الحكومة على طرد سفير اسرائيل من عمان ، ولعل الرئيس نجح في اقناع النواب بضرورة التأني وانتظار التحقيق المشترك قبل تحمل تبعات مطالبة النواب .لا شك ان الرسالة وصلت بشكل صحيح والتقطها النواب بذكاء ووعي وهو ما مهد الى التهدئة المسبقة لحالة الغليان بين النواب ليأتي اليوم الثلاثاء والمجلس على اطلاع على حقيقة الامور وصعوبة طرد السفير الاسرائيلي وبالتالي جدد الثقة بالحكومة . الموقف النيابي كما اشرنا يسجل للنواب والمجلس ونتيجة التصويت جاءات معبرة بدون شك عن ارادة الغالبية الشعبية وانتصارا لصوت العقل وتغليب المصلحة العليا للوطن على المصالح الضيقة من استعراض حاول البعض اظهاره في فترة الازمة ليكسب المزيد من الشعبية التي افتقدها خلال عام . الموقف البرلماني اليوم اثبت للجميع ان السلطات في الاردن وان اختلفت الا انها تلتقي دائما على اولويات المصالح الوطنية ، والعلاقات مع اسرائيل هي مصلحة وطنية اسس لها المغفور له الملك الراحل الحسين بن طلال ، والغاء معاهدة السلام معها تعني وقبل كل شيء الاضرار بمصالح الاردن والاردنيين . يبقى ان نقول بانه في الوقت الذي صوت فيه مجلسي الدوما " النواب " والشيوخ الروسي اليوم لصالح قرار الرئيس بوتين نرى مجلس النواب الاردني يصوت لصالح الحكومة وتجديد الثقة فيها مما يؤكد الاصطفاف في كلا الحالتين على انتصار العقل على العواطف .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات