نحن بحاجة لثورة فكرية ثقافية


قبل أن يفكر أي شعب بقيام ثورة على حكامهم وحكوماتهم وأنظمتهم، وهم على دراية تامة بعاقبة هذه الثورات من قتل وتشريد ودمار ، يجب أن يقوم هذا الشعب بثورة فكرية ثقافية على نفسه ،،، كيف ؟
دعونا ننظر ماذا حل بنا وبعادتنا وتقاليدنا في هذا الزمان ، والحجة أن لكل مرحلة استحقاقها وان متطلبات العصر هكذا تتطلب ، لكن من وضع هذه الحجج نسي بأن السير مع متطلبات العصر ربما تفقدنا شيء من أخلاقنا أو أنها قد تمس شيء من الكرامة .
مرورا ببعض ما أحدثه السير مع متطلبات العصر ومستجداته ، بالسابق عندما يموت احد أفراد البلدة ( ذكرا كان أم أنثى ، صغيرا أم كبيرا، غني أم فقير) يخيّم على البلدة وأهلها لباس الحزن على فقيدها ، فمن كان له فرح وقته قريب قام على تأجيله أو جعله سرا دون غناء ، حتى أن والدي كان يمنع عنا التلفاز في البيت رغم طفولتنا ، لكن وللأسف الشديد في هذه الأيام وفي نفس البلدة نرى خروج زفة العرس وخروج الجنازة في نفس الوقت ونفس الشارع والحي .
ولفتة سريعة إلى المدارس والجامعات ، كيف كانت ؟ وماذا حل بها هذه الأيام ؟ وكيف كان للمعلم والأستاذ الجامعي تلك الهيبة التي اكتسبها من علمه وتعليمه ، حتى أن طالب المدرسة والجامعة يحسب للأستاذ ألف حساب ، واليوم نرى ألاف الحالات من الاعتداء على المعلمين والاساتذه من هذه الأجيال التي لم تعرف ما قيمة المعلم ورسالته الشريفة ، حتى أن الاعتداء طال الأطباء وملائكة الرحمة في المستشفيات ، فهذا الجيل لم تختلط يداه بحصاد القمح العدس وقطاف الزيتون ، ولم ينزف عرقه فوق تراب الأرض الحمراء .
انظروا إلى الأجيال الجديدة من النساء وربات البيوت كيف يمضين معظم الأوقات في متابعة المسلسلات التركية والهندية الساقطة ، دون أن تفكر هذه المرأة بأن خلفها جيل سيحمل لواء المستقبل ، لتنكس راياته وتسقطها قبل نشأته.
والأدهى والأمر هي لغتنا العربية التي غمسوها بلغات أخرى ، فيتحدث الشباب والبنات متباهين بلغات عدة كلمة عربية وكلمة فرنسية وأخرى تركية و انجليزية ، حتى تصبح الجملة بحاجة إلى ترجمان كي يفسرها .
هذا كله ولن نتطرق إلى التباهي في فعل المنكرات والفواحش جهارا نهارا ، وبعد ذلك يطالبوا بالقضاء على الفساد والمفسدين ، الم يقل الله عزوجل : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) وقول رسولنا الكريم : ( كما تكونوا يولى عليكم )
فأولى بنا أن نقوم بثورة فكرية ثقافية لسلوكنا وأخلاقنا ومشاعرنا وأحاسيسنا وعلاقتنا مع خالقنا ومع الناس ، فهذه الثورة لا ينزف فيها دم احد ، ولا يهدم فيها بيت احد .






تعليقات القراء

د. رائد انور الشبول
ابن العم العزيز مقالك رائع وينم عن واقعنا المرير للأسف ....أحسن الله حالنا...وسلمت يداك.
17-03-2014 11:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات