المواطن .. اردني


حادثة القاضي على معبر الكرامة استفزت مشاعرنا واشعرتنا بالهوان من عدو لا يتورع عن فعل أي شيء طالما يستشعر انه الأقوى في محيطه ولا يمكن بحال أن يخضع لمعادلات الرد عليه بالمثل وبنفس الطريقة أو الخضوع لمعايير العدالة أو حتى مجرد التهديد بأن علاقاته مع جيرانه ستتعرض جديا للمراجعة بإلغاء معاهدة أو وقف مفاوضات بل أن مجرد استدعاء سفير أو طرد سفير هي من المسلمات غير الواردة في حسابه.
الاستفزاز الإسرائيلي يكاد يكون يوميا في الداخل الفلسطيني أو الخارج وفي ظل هجمة سلام محمومة يفترض خلالها محاولة بناء الثقة مع الجميع من خلال إجراءات مثل التوقف عن القتل او وقف القصف هنا وهناك او وقف الاستيطان أو إطلاق الاسرى لكنه لا يجد من يردعه.
المهم ان الحادثة التي وقعت لقيت تعاطفا من كل فئات الشعب الأردني على اختلاف توجهاته وادانها الجميع برد فعل قوي وثار بركان غضب على رأس الحكومة التي تصرفت بما ينطوي عليه موقف الامة من ضعف وخنوع فليس هناك أكثر من العمل الدبلوماسي وطلب التحقيق الذي سينتهي بقبول المجاملات من أسف واعتذار.
الاعتداءات الإسرائيلية على الامة ومنذ زمن تجاوزت كل الحدود وفي جميع الاتجاهات وقامت بكل ذلك بيقين أنها لن تواجه رداً أو عقاب.
فقد هاجمت العراق بعيدا هناك في الشرق وذهبت تقصف غربا في تونس ولم يسلم منها السودان جنوبا والغارات على لبنان وسوريا الأسد او سوريا الثورة لا تتوقف والقتل في غزة يوميا ولكن من يجرؤ الرد على كل هذه الصفاقة؟
ففي اجتماع لوزراء الخارجية العرب خلال العدوان على غزة في تشرين2/ 2012 قال وزير الخارجية القطري السابق مخاطبا نظرائه: ان الذئاب تأكل النعاج وهم للأسف ليسوا بذئاب لكن اغلبنا نعاج.
في ظل التشتت العربي الحالي لا يتصور أحد ان تقوم الحكومة الأردنية برد غير مألوف طالما أنها تدرك غياب السند القومي وهكذا يكون الأمر عندما يتكرر الموقف بين إسرائيل وأي دولة عربية.
المهم ما اثار الاهتمام أيضاً هو الارتباك الإعلامي في نقل تفاصيل الحادث ففي البداية تحدثت وكالة بترا الإخبارية الرسمية الأردنية عن قتيل فلسطيني على المعبر لتعود بعدها وتقول أن قاضيا اردنيا هو المقصود امّا الاعلام الفلسطيني فقد تحدث عن مقيم فلسطيني في الأردن لكنه يحمل الجنسية الأردنية جاء قادما من الشقيقة عمان الى ارض الوطن امّا منظمات حقوق الانسان في تقاريرها فبقيت تتحدث عن قتيل فلسطيني على ايدي الجيش الإسرائيلي لكن الرواية الإسرائيلية لم تهتم بهذه التفاصيل وحبكت قصتها بأن "إرهابي أردني" هاجم الجنود على المعبر.
وبتدقيق الروايات المختلفة يتضح أن القاضي هو أردني من حملة البطاقة الصفراء ويحق له الإقامة في الضفة الفلسطينية حتى في ظل الاحتلال لكنه يحمل الجنسية الأردنية ويمكن أن يوصف بأنه مقيم فلسطيني على الأرض الأردنية.
وعلى الرغم من التعاطف الشعبي الكبير مع الحدث والضغط على الحكومة نجد أن أصحاب الأجندة المشبوهة والناصبين من أنفسهم ناطقا باسم المكّون ووصيا على حقوقه المسلوبة لدينا لا عند الاحتلال وقبل أن يجف دم الشهيد يجيّرون الحادثة بخبثهم المعتاد للنيل من الدولة الأردنية بالغمز أن مواطنة القاضي غير كاملة ولو كان أردنيا حقيقيا لربما أعلنت الحكومة الحرب فورا على إسرائيل بل يذهبون أبعد من ذلك عندما يدّعون أن إسرائيل ربما قامت بذلك لتختبر مدى تمييز الدولة الأردنية بين مواطنيها.
"الليكود الأردني" بكل فئاته والمتقاعدين العسكريين "العنصريين" اول من ادانوا ما حدث بل أن مطالبهم في الرد تقدمت على الجميع لكن روّاد المواطنة المختزلة بجواز سفر ودفع ضريبة هم اقل من أن يعرفوا معنى الوطن أو قيمته ولا هم لهم الا أن يسيئوا لهذا البلد وصل الحقد بأبواقهم المأجورة أن تدافع عن المحتل مغتصب الحقوق في وجه ما يدّعون أنه وطنهم الا ساء ما يصنعون!
ان تعاطفنا وغضبنا في قضية القاضي الشهيد لا تتأثر بما يحمل من وثائق وسواء لدينا أردنيا كان ام فلسطينيا ورد الشعب الأردني برهن على ذلك لكن أصحاب الفكر المسموم والاقلام الرخيصة لا يجيدون ما يثير شجونهم غير بكاء مواطنة "المكّون" وحقوقه لدينا لا عند الاحتلال.
وردا على هؤلاء نقول إن قول الفصل يتمثل في الصراحة والوضوح وهو مطلب شعبي في مصلحة الجميع وأن مفاهيم المواطنة لدينا لا توجد عند غيرنا وأن البطاقات وألوانها هي بدعة لا يمكن أن تفسر شيئا او تقنع أحدا ولا يوجد لاجئ "مواطن" او مواطن "لاجئ" وكل هذا يخدم طرفا واحدا هو المحتل ويضعف مطالبتنا امامه وامام المؤسسات الدولية فإبراز هوية الشعبين وانهاء التشابك في المواطنة هو هدف كل غيور على وطنه وهويته امّا الراقصون على كل الحبال فمصيرهم – لا محالة -السقوط.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات