هل يدرك الاوروبيون وامريكا طبيعة الدببه؟


تحاول الدول الاوربية ومن ورائها الولايات المتحدة الامريكية تفسير الوضع في اوكرانيا اليوم على انه " اعتداء" روسي عليها وعلى الديمقراطية في هذا البلد ، ويلوحون بتهديدات تارة اقتصادية واخرى سياسية وعسكرية الى مقاطعة لقاء الثماني المزمع عقده في روسيا في حزيران المقبل ، واعادة النظر في تأشيرات الدخول وما الى ذلك من تصريحات هزيلة لا تخيف احدا في روسيا .

المهم هنا ان نعرف انهم هم انفسهم الاوروبيون وامريكا من شجع ويشجع بشكل ممنهج واضح رفض الحوار في اوكرانيا ، كما شجعوا وما زالوا على قيام هذا الاستقطاب في المجتمع الاوكراني ، وهم انفسهم من يحاول اللعب بورقة الاقليمية والعنصرية من خلال الدعم السابق واللاحق للمجموعات القومية المتطرفة من عناصر الاحزاب النازية الجدد التي تتغذى على الفكر الهتلري الفاشي ، هي نفسها امريكا التي ربحت الورقة في جورجيا عندما اطاحت بسياسي ماكر مثل ادوارد شيفرنادزه تعتقد انه آن الاوان اليوم ان تجرب في اوكرانيا ، وهي نفسها ذات القوى التي عملت على تسخين رأس ساكاشفيلي عام 2008 وحرضته على اعلان الحرب على جنوب اسيتيا وارتكاب ابشع المجازر بحق سكانها ، وهي ذاتها امريكا التي شجعت على تأزيم الوضع في بردينستروفيا في مولدافيا بدايات التسعينات ، هي التي تعمل اليوم على تسخين الرؤوس الفاشية الجديدة في الغرب الاوكراني والدفع بهم الى كراسي السلطة استعدادا لمواجهة عالمية واسعة خاسرة ان لاوكرانيا او الدول الاوروبية وامريكا نفسها ، هي امريكا التي ما تزال تدعم المتشددين والمتطرفين القادمين من الميدان وسط العاصمة كييف واستولوا بانقلاب غير دستوري وبالقوة على السلطة ونصبوهم زعامات على الشعب الاوكراني الذي لا يريد العيش في ظل نظام عنصري فاشي ، والا كيف نفسر خيانة الدول الغربية ممثلة بوزراء خارجية فرنسا والمانيا وبولندا الذين تدخلوا وسطاء بين الرئيس الاوكراني وزعما المعارضة في الحادي والعشرين من شباط الماضي وتوصلوا لتوقيع اتفاق استجاب فيه يانوكوفيتش الى كافة مطالب المعارضة ولم يلتزموا به ، هم انفسهم يتوافدون اليوم الى العاصمة كييف يعقدون اللقاءات مع قادة هذا الانقلاب النازي ، هم انفسهم من يصافح الايدي الملطخة بدماء رجال الامن وافراد الشعب الاوكراني ويقدمون لهم التباريك والتهاني بتشكيل حكومتهم المهزلة التي عوضا عن تشكيلها حكومة وطنية اسماها الراديكاليون ارباب الغرب وامريكا بحكومة " منتصرين " في قرار اتخذ من البرلمان للحد من حقوق الاقليات اللغوية , فبدل ان تبدي اوروبا وامريكا مسؤولياتها تجاه مصالح الشعب الاوكراني تستمر في تغذية اعمال العنف ويقوم ممثلوها وقادتها السياسين بزيارات الى الميدان ولقاء القتلة واللصوص والمجرمين ، يؤكدون دعمهم للاعمال والممارسات العدوانية التي يمارسها قطاع الطرق من عصابات الاجرام الفاشي في مختلف المناطق الاوكرانية ، ويكفي النظر الى التهديدات المتكرره التي يقوم بها اذناب المجرمين في كييف ضد السكان في مختلف مناطق الشرق الاوكراني والجنوب ولعل محاولاتهم تسيير ما اسموه قطارات " الصداقة " الى القرم ومحاولة السيطرة على مبنى البرلمان هناك خير دليل على الحماقة والغباء السياسي الذي تمارسه هذه المجموعات التي تقف الولايات المتحدة خلفها ، وتابعت هذه المجموعات مناوراتها في مدن خاركوف ودانيتسك ولوغانسك ذات الاغلبية الروسية ، ولكن القوى الشعبية في هذه المناطق وقفت لهم بالمرصاد.

التهديدات المتكررة بالعنف التي صدرت عن عصابة القتل في كييف شكلت خطرا حقيقيا على حياة الروس والشعوب الناطقة باللغة الروسية كما طالت مصالح روسيا الحيوية التي تعتبر اوكرانيا حديقتها الخلفية ، الامر الذي دفع بالمسؤولين في هذه المناطق لاتخاذ كافة التدابير الضرورية وخاصة في شبه جزيرة القرم حيث يرسو الاسطول الروسي في سيفاستوبل لتشكيل مجموعات دفاع ذاتية وتسييرها الى جانب قوات الامن لبسط الهدوء ، كما سارع برلمان القرم ذاتي الحكم وفي ضوء هذه التهديدات لعقد اجتماع طارىء اتخذ خلاله قرارا بتكليف سيرغي اوكسيونوف رئيسا للوزراء والاعلان عن موعد لاجراء استفتاء عن وضع الجمهورية بشكل عام ربما ان يكون قبل الثلاثين من اذار الجاري ، وتوجه اوكسونوف بطلب الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يناشده التدخل العسكري لاستعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي في شبه الجزيرة ، اضافة الى الطلب الذي توجه به الرئيس الاوكراني يانوكوفيتش الى بوتين لاستعادة الاستقرار في كل اوكرانيا وهو ما يتفق تماما مع المعايير الدولية والدستور الروسي لنرى بعد ذلك توجه الرئيس بوتين الى مجلس الشيوخ الروسي للحصول على تفويض له باستخدم القوات المسلحة في الازمة الاوكرانية حماية للسكان الروس على الاراضي الاوكرانية واسنجابة للنداءات المتكررة من القيادات الاوكرانية والشعب في الجنوب والشرق الاوكراني .

الموقف الامريكي والاوروبي هو من دفع بهذه الشعوب لتوجيه النداءات الى روسيا لحمايتهم من اعتداءات المتطرفين ممثلي الطغمة الفاشية الجديدة في كييف ، هم انفسهم الامريكان والاوروبين المتباكين على اوكرانيا يحفرون قبورا لهم ولاوكرانيا الفاشية في هذه البلاد وهم من يرى الامور بعين واحدة عين المصالح المادية بعكس روسيا ورئيسها بوتين الذي دعا اليوم خلال اللقاء الصحفي جميع الاطراف الى اتخاذ موقف مسؤول من الازمة الاوكرانية والتخلي عن المصالح الجيوسياسية ، ووضع مصالح الشعب الاوكراني في الصدارة من خلال تنفيذ الالتزامات التي نص عليها اتفاق شباط بين المعارضة والرئيس يانوكوفيتش بما فيها عملية الاصلاح الدستوري بمشاركة سكان كل المناطق الاوكرانية وطرحها لاستفتاء شعبي . بوتين بعكس الاوروبيين وامريكا تحدث وكشف بان من يحاول وصف الوضع القائم في اوكرانيا بالعدوان ويهدد بفرض عقوبات ومقاطعة وغيرها هم شركاء روسيا الذين قاموا بتشجيع القوى المتطرفة القريبة منهم في اوكرانيا برفض الحوار وتجاهل مصالح المناطق الجنوبية والشرقية من اوكرانيا وهو ما اثار استياء سكان هذه المناطق ودفعهم للتوجه صوب روسيا وهم من دفع بروسيا لاتخاذ قرار بامكانية استخدام القوات المسلحة في حال الحاجة اليها .

الا ان روسيا وبالرغم من جاهزية قواتها وعدم اذعانها للتصريحات والتهديدات بالعقوبات والمقاطعة لانها تدرك ان مثل هذه الخطوات لا تعود على هذه الدول بالمنفعة بقدر ما تسببه من صعوبات اقتصادية وسياسية لاوكرانيا والدول الغربية الاخرى لارتباطات اقتصادية وتداخلات المصالح الاوروبية والامريكية الروسية ، ولأن روسيا تدرك بان العام الماضي سجلت فيه العديد من الانتصارات مثل الملف السوري والبرنامج النووي الايراني وبروزها كقوة مؤثرة في العالم تفضل ممارسة الدبلوماسية الناعمة والهادئة في التعامل مع الملف الاوكراني فنرى تحركات وزير الخارجية سيرغي لافروف المتواصلة بلقاءات مع الامين العام للامم المتحدة ومفوضة الاتحاد الاوروبي آشتون ووزراء خارجية العديد من الدول الاوروبية ، اضافة الى اتصالات الرئيس بوتين مع قادة العالم من اوباما الى ميركل واردوغان ونزارباييف ولوكاشينكو في روسيا البيضاء كلها تؤشر على رغبة روسية في التوصل الى حل سياسي بعيدا عن العنف والتدخلات العسكرية وبنفس الوقت عدم اسقاط خيار القوة اذا لزم الامر .

هذه الخطوات الروسية يقابلها تحرك اوروبي ايضا وتفهم من بعض الزعماء الغربيين بان الوقت لم بفت بعد لحل الازمة بالحوار وان ما تلوح به امريكا من خطوات تصعيدية في علاقاتها مع روسيا لا يخدم المصالح الاوروبية ، حيث بدأت اشارات عدة تطفو على السطح وتصدر من عواصم اوروبية لحل الازمة واهمها تكليف الرئيس الروسي بوتين الحكومة لتشكيل لجنة حكومية للتباحث مع نظرائهم في اوكرانيا للتوصل الى اتفاق يرضى به جميع الاوكرانيين ، ولا تخفي المستشارة الالمانية وشركاءها في الاتحاد الاوروبي رغبتها في دعم هذه الطرق ، وفي البرلمان الاوكراني تجري استعدادات لتشكيل لجنة من البرلمانيين لمقابلة نظرائهم في مجلس الدوما الروسي لنفس الغرض ، كما عرضت ميركل مؤخرا تشكيل " بعثة تحقيق "بادارة منظمة الامن والتعاون في اوروبا الى القرم وقبل بها الرئيس بوتين ووافق ايضا على العرض الالماني بتشكيل " مجموعة اتصال "للبدء بحوار سياسي حول اوكرانيا مما يمهد الطريق الى التوصل الى حلحلة الازمة على اساس اتفاق شباط. وفي ضوء ذلك اكرر السؤال هل ادرك الاوروبيون وامريكا طبيعة الدب الروسي وهل فهموا حقيقة الدببة؟؟؟؟.



تعليقات القراء

Adel
تسلم يا دكتور ويسلم لسانك هذة هي الحقيقة لمن لايعرف .
06-03-2014 08:33 AM
ويكيليكس-- روسيا دولة ارهابية هي وايران وهما العدو الاول للعالم والي مش عاجبو لعمرو لاعجبو
انا لاارى اي داعي لخلافات الاشقاء بدول مجلس التعاون لان ايران والنظام الارهابي السوري وحزب الله القذر باعلامهم المسموم يفعلون هذه الازمة وغيرها ويركزون على كل نقطة خلاف بين الخليجين لاثارة الفتنة وتمكين السيطرة اكثر اما قطر فهي دولة جيدة السياسة ولاارى مشكلة في محاولة تسيس نفسها وتسيس المنطقة بما ينسجم مع الواقع ولاارى مشكلة في دعمها للاخوان طالما ان هناك عدو عالمي هو ايران وحزب الله والظوارهري والقاعدة الممولة ايرانيا وارى ضرورة ردم كل مشكلة بين الخليجين لعدم اتاحة اي فرصة للعدو الايراني بالاستفادة من الانشقاقات ولااعتقد ان قطر تدعم الحوثين ولااي جماعة موالية لايران بالوقت الحالي بل ان ايران وكلابها هم من يدعم الجماعات المخربة بالبحرين واليمن والعراق وكل مكان ولكن ايران تتعمد قلب الصورة وعكس الحقائق باعلامها المسموم وارجو النشر شكرا جزيلا
07-03-2014 04:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات