عمان القديمة وذكرياتنا فيها – الجزء الرابع


لقد تحدثت في الأجزاء الثلاثة السابقة عن عمان القديمة وذكرياتنا فيها في القرن الماضي ، وأود أن اكمل الحديث في هذا الجزء الرابع .

في عام 1968م دارت معركة الكرامة وسجل الجيش الأردني بطولات وانتصارات على العدو الاسرائيلي ، وبعد أن انتهت المعركة أراد الجيش أن يتيح الفرصة لأهالي عمان بمشاهدة الدبابات والمدرعات الاسرائيلية التي دمرها واستولى عليها وأحضرها الى عمان على ظهر شاحنات الجيش الاردني لتخترق شوارع عمان التي غصت بالجماهير لتظل الصورة عالقة في أذهاننا كعلامة النصر على العدو ، وقد شاهدت بأمم عيني جثة محروقة للجندي الاسرائيلي داخل مدرعته فكان المنظر يبعث الأمل ويفرح النفس وقد تحقق النصر للبواسل من الجيش الأردني ، وهي لحظات تاريخية ناصعة سجلها أبطال الجيش الاردني ؛ فكانت أول معركة ينتصر فيها أحد الجيوش العربية على العدو الاسرائيلي ويعيد الكرامة للأمة.

لم يكن هناك شركات أمن وحماية في القرن الماضي (Security) وخاصة الشركات والبنوك فقد الشخص يدخل الى المكان دون وسائل التفتيش الحديثة من أجهزة مراقبة وكاميرات ، و كان المواطن الأردني باستطاعته أن يقابل أي وزير أو أي مسؤول بكل يسر وسهولة . حتى أنني أذكر أن رئيس الوزراء الشهيد وصفي التل كان يخصص أحد أيام الأسبوع لمقابلة الناس ليحل مشاكلهم أو تلبية طلباتهم أو الاستماع الى مظلمة أحدهم ويساعده بايجاد الحل بنفس اللحظة.

أما طلاب المدارس فقد كانوا في القرن الماضي يسيرون على الأقدام ذهابا وايابا الى مدارسهم والبعض منهم يستعمل الباص العمومي (النقل العام) ويدفع أجرة نصف قرش . كان الطلاب يقفون في طابور الصباح وينشدون الأناشيد الوطنية صباحا قبل الدخول الى الصفوف ، بالاضافة الى احترام الطالب للمعلم وعدم التطاول عليه أو الاعتداء عليه ، علما بأن الضرب في المدارس كان مسموحا آنذاك. وكان من ضمن المنهاج دروس التدريب العسكري ؛ فيتدرب الطلاب في ساحة المدرسة على الدروس النظرية والعملية على أيدي أفراد وضباط من الجيش الأردني ؛ فتخلق خدمة العلم في الطالب الانضباط والطاعة والاحترام.

لم يكن الخبز الجاهز متوفرا في الأفران كما هو الآن ؛ فقد كانت ربة البيت تقوم بعجن الطحين وتقطعه وتضعه على "الفرش الخشبي أو السدر" وترسله مع ولدها الى الفرن ويتم خبزه حيث يقف الزبائن لينتظر كل دوره في انضاج الخبز الخاص به ، وهذا أيضا ينسحب على الكعك خاصة حلويات العيد فعلى ربة البيت أن تصنع بنفسها الكعك أو الحلويات وترسلها الى الفرن مع أحد أولادها ؛ فلم تكن محلات الحلويات منتشرة كما هي الآن.

المواطنون وخاصة الشباب يقضون أوقات فراغهم بالذهاب الى المقاهي والسينما وذلك قبل انتشار أجهزة التفاز والمحطات التلفزيوينة. وكانت المقاهي المشهورة في عمان آنذاك هي: مقهى السنترال ومقهى الجامعة العربية ومقهى الاردن ومقهى حمدان وغيرها ومعظمها في وسط البلد .

اذا تحدثنا عن وقت الفراغ وكيف يشغل الانسان وقته وماهي وسائل الترفيه ؛ فنبدأ بالراديو ؛ فقد كان جهاز الراديو المسيطر في ذلك الزمن نظرا لعدم اختراع جهاز التلفاز بعد. جهاز الراديو عبارة عن جهاز كبير له أزرار تتنقل بها من محطة اذاعية الى أخرى ، وفي تلك الأيام كانت اذاعات عمان والقدس والقاهرة ولندن ودمشق وصوت العرب والشرق الأدنى ، ويستطيع الشخص الاستماع للمسلسلات والأغاني خاصة أغاني لمطربين كبار أمثال محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وفيروز ووديع الصافي وصباح وسميرة توفيق وفايزة أحمد وغيرهم من الفنانين والمطربين المشهورين . أما الاذاعة الأردنية فقد تمزت ببرامج كبرنامج "أخي المزارع" تقديم مازن القبج ومضافة ابومحمود ونشرات الأخبار عبر كبار المذيعين ابراهيم الذهبي وحيدر محمود. وعندما تم افتتاح محطة التلفزيون الأردني عام 1968 كان هناك برامج عديدة كبرنامج" فكر واربح" تقديم رافع شاهين وبرنامج آخر لعمر الخطيب ، بالاضافة الى نشرات الأخبار وخاصة نشرة الثامنة مساء عبر اطلالة مذيعين كبار أمثال سمير مطاوع وعدنان الزعبي وجبر حجات وسوسن تفاحة ومحمود ابوعبيد وغيرهم ، فكانت محطة تلفزيونية واحدة في الاردن كباقي الدول الأخرى فكان المشاهد ليس لديه خيارات وعليه أن يشاهد القناة الرسمية لدولته وخاصة في الدول العربية في القرن الماضي ، ولم تكن هناك فضائيات خاصة بعد كما هي منتشرة الآن في هذه الأيام .

أما عن دور السينما في عمان ؛ فقد كانت منتشرة في معظم المناطق ويرتادها الناس كوسيلة ترفيهية ويتابعون أحدث الأفلام العربية والأجنبية في القرن الماضي. كان من أشهر دور السينما في عمان سينما البترا التي أنشئت عام 1925 وموقعها كان بوسط البلد وسينما بسمان في شارع بسمان وسينما رغدان وسينما عمان وسينما الكواكب وسينما الحمرا على جسر الحمام وسينما دنيا بشارع طلال وسينما الخيام وسينما الحسين وسينما فلسطين وسينما زهران وستويو زهران وسينما الرينبو بشارع الرينبو بجبل عمان وسينما الأهلي عند جسر المحطة وسينما أمير بجبل الهاشمي الشمالي.



تعليقات القراء

متابعة
انا كبيرة السن اعدتني لايام شبابي -في عام 68كنت معلمة وكان الضرب ممنوعا ولكن في هذه الايام اصبح هناك تشديدا على الضرب كما ان التلفاز كان معروفا وبندرة وبالامكان مشاهدة دمشق ولبنان ومصر ولكن لم تكن الرؤية واضحة وتوجه الناس كان نحو المحطة المحلية--اخي الكاتب اعدتني واعدت الكثيرين لايام الشباب--ليتها تعود
05-03-2014 04:04 PM
نضار سالم الكلالده
ايا ليت الزمان يعود ويقراء من جديد
06-03-2014 10:50 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات