اوكرانيا بانتظار "هتلر " جديد


بعد مرور اسبوع على الاحداث التي ادت الى انتزاع السلطة من الرئيس الشرعي للبلاد فيكتور يانوكوفيتش ، تشهد اوكرانيا تطورات دراماتيكية متسارعة تمثلت بتعيين رئيس البرلمان الكسندر تورتشينوف رئيسا للبلاد وتشكيل حكومة مؤقتة جديدة برئاسة احد اعضاء المعارضة البارزين الذين احتلوا وسط العاصمة كييف منذ بداية الاحداث في تشرين ثان الماضي آرسني باتسينوك تمهيدا لانتخابات برلمانية ورئاسية في ايار المقبل .التطورات المتسارعة هذه في المشهد الاوكراني لم تنه الازمة السياسية في اوكرانيا ، بل على العكس ساعدت على تفاقمها وتوتر الاوضاع بشكل واضح يؤرخ الى بداية فصل درامي جديد في ازمة تاخذ ابعادا سياسية واقتصادية واجتماعية ايضا ويؤسس الى صراع جديد من نوع اخر ، صراع على الهوية ما بين التوجه في الجزء الجنوبي والشرقي من اوكرانيا ومعه شبه جزيرة القرم ذات الاغلبية الروسية صوب روسيا الذي بدا واضحا في القرم بعد سيطرة مجموعة من المسلحين على مبنى البرلمان ومبان حكومية اخرى واليوم على المطار الرئيسي فيها لتامين اجتماعات المجلس الذي قرر اجراء استفتاء على توسيع صلاحيات الحكم الذاتي والانفصال عن اوكرانيا في الخامس والعشرين من ايار المقبل ، هذا التوجه يلقى استعدادا روسيا لتقديم المساعدات الانسانية والمالية الضرورية لاستمرار الحياة في شبه الجزيرة ، اما التوجه الاخر فهو غرب وشمال اوكرانيا صوب اوروبا وبدا واضحا بعد رفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع اوروبا الذي مهد الطريق للمعارضة بزعامة رئيس الوزراء الحالي زعيم حزب الوطن باتسينوك وثلة اخرى من المافيات السياسية والاجرامية المدعومة من بعض الدول الاوروبية منهم بطل الملاكمة فيتالي كليتشكو ويوليا تيموشينكو للنزول الى الساحات والشوارع وسط العاصمة كييف انتهت هذه الاحتجاجات والاعتصامات الى احتلال ساحة الاستقلال والانطلاق منها الى قصر الرئاسة ورئاسة الحكومة والبرلمان رافقها احداث عنف دموية سيطرت بعدها هذه العصابات المسلحة على المشهد السياسي لتتصدر قائمة الارهاب المدعوم غربيا. الصراع في اوكرانيا لم ولن ينتهي عند هذا الحد باختطاف السلطة بالقوة من قبل عصابة قومية متشددة تحمل الفكر النازي وتلجأ الى الممارسات الفاشية والنازية العنصرية التي شهدها العالم في الحرب العالمية الثانية والتي اكتوت اوروبا بنيرانها ، لاحظ المراقبون مختلف الرايات والاعلام في شوارع كييف ومنها ما يحمل الصليب المعقوف شعار الجيش الهتلري وراينا الضغوط والتهديد بالسلاح حتى في عملية التصويت التي تمت من قبل جمهور ميدان الاستقلال في اختيار الوزراء وهي بالمناسبة طريقة غريبة عجيبة لم يشهد مثلها التاريخ ، حيث تم تعيين الوزراء" بصراخ" وليس استفتاء الجماهير في الميدان ؟؟ فهل هؤلاء من يمثلون الشعب الاوكراني ؟ . فاذا اعتقد زعماء عصابة القوميين .. الفاشيين الجدد في اوكرانيا ان الستارة اسدلت على المسرحية الهزلية باختيارهم حكومة ورئيس نقول لهم بانكم مخطئون جدا فالصراع الثاني في اوكرانيا هو خارجي ما بين روسيا التي تعتبر اوكرانيا جزءا اصيلا من محيطها الحيوي وحائط صد لا يمكن التفريط به امام التوسع الغربي شرقا لمحاصرتها وتدفع بالرئيس الشرعي يانوكوفيتش بعد اعلانه امس عن انه هو الرئيس الشرعي للبلاد ، محذرا العصابة الجديدة من مغبة اتخاذ اي قرارات بشأن اوكرانيا تدفعه للعب دور في المحافظة على وحدة اراضي الدولة الاوكرانية وتماسك الشعب الاوكراني من مختلف القوميات ، وما بين اوروبا ومن ورائها الولايات المتحدة التي تسعئ لجذب اوكرانيا الى فضائها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، ومن هنا نستطيع القول بان احداث اوكرانيا ستزيد من حدة الصراع الروسي الاوروبي وزيادة الاستقطاب الداخلي خاصة بعد ظهور العديد من الاحتجاجات والمظاهرات في مدن شرق اوكرانيا ضد توجهات الحكومة العنصرية في كييف ويبدو ذلك بوضوح في شبه جزيرة القرم ذات الاغلبية الروسية التي بدأ برلمانها بالسيطرة على زمام الامور هناك واخضاع قوات الامن والمؤسسات الحكومية للبرلمان وليس الى سلطة المافيا في كييف ، واليوم تناقلت وسائل الاعلام المختلفة انباء عن سيطرة مسلحين على مطار العاصمة سمفروبل وسبق ذلك طلب رئيس البرلمان الذي تم اختياره امس رئيسا للوزراء المساعدات من روسيا التي بدورها استجابت لهذا الطلب مبدية استعدادها لتقديم العون للشعب في القرم ، للعلم هذه المنطقة انفصلت عن روسيا عام 1954 بقرار من نيكيتا خروتشوف وهو ما يعني انها روسية تاريخيا ويتحدث 97بالمائة من سكانها اللغة الروسية ويقطنها 60بالمائة من الروس ويرسو فيها جزء من الاسطول الروسي ، هذه الاحتجاجات تعني استمرار الصراع السياسي الداخلي في اوكرانيا ، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي في هذه الدولة التي يوجد في خزنتها الرسمية اربعة ملايين غريفن فقط اي اقل من نصف مليون دولار اليوم ومديونيتها تبلغ اكثر من 73مليار ، امريكا والغرب ابدى استعداده تقديم مليارين ونصف وهي لا تكفي لصرف رواتب العاملين والجيش لمدة شهر علما ان الموظفين لم يستلموا رواتب الشهر المنصرم بعد .لا اريد الخوض في الازمة الاقتصادية الحرجة التي تعيشها اوكرانيا ولكنها تلقي بظلالها على الاوضاع السياسية مستقبلا بلا شك ، ولكن ما يهمنا هنا هو ان العنف الشديد الذي تمارسة مجموعات المافيا السياسية والاضطهاد الممنهج ضد الناطقين بالروسية في اوكرانيا ولعل الكثير منا شاهد على شاشات التلفزة العالمية والروسية منها تركيع ضباط قوات البيركوت على ركبهم امام الجماهير في الساحات وكذلك المشهد المقزز لعنصر من عصابات المافيا النازية الجديدة يضرب احد القضاة في المحكمة على وجهه وبالفاظ لا تصدر الا عن مثل هؤلاء الرعاع الذين تعودوا السرقة والقتل والتهب والسلب ومع كل هذا وبالرغم من هذه الاحداث فان الصراع لم يصل بعد حد الحرب الاهلية ولكن من الممكن ان يتطور باتجاهين اما ان يمزق العنف الدولة الاوكرانية مثلما هو الوضع في سوريا او يوحد الدولة اذا تكاتف الاوكران كما حدث في جنوب افريقيا ،الا ان العنف والتهديدات للناطقين بالروسية بتحويلهم الى عبيد في اوكرانيا وما صاحب الانقلاب النازي على الشرعية من احداث يندى لها الجبين بحق معالم الثقافة وما تعرضت له تماثيل لابطال ساهموا بتحرير اوكرانيا من الفاشية وتمثال لينين في العديد من مدن غرب اوكرانيا من تدمير وتكسير ما هي الا مؤشرات على ولادة ونضوج الفكر القومي النازي المشابه لفكر النازية في المانيا الهتلرية سيواجه بالطبع بموقف في القرم حيث الغالبية الروسية والتتار المناهضة للانفصاليين الفاشيين الجدد التي تتحول تدريجيا الى مركز للمعارضة ضد السلطة العنصرية في كييف التي تنذر بظهور هتلر من جديد ولكن من اصل اوكراني .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات