الفعل الروسي والحياكة الأقليمية الأمريكية لقلب الشرق سورية


سورية بديكتاتورية جغرافيتها السياسية، وموردها البشري ونسقها السياسي وجوهره "توليفة" حكمها السياسي، تعد بالنسبة للغرب بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية وعبر حلف الناتو الحربي، المدخل الأستراتيجي للسيطرة وبتفوق على المنظومة العسكرية الأممية الجديدة المتشكّلة بفعل المسألة السورية، ولأحتواء الصعود المتفاقم للنفوذ الروسي الأممي، والساعي الى عالم متعدد الأقطاب عبر فعل ومفاعيل الحدث الدمشقي، وصلابة مؤسسات نواة الدولة الفدرالية الروسية ازاء ما يجري في الشام من صراع فيها وعليها وحولها، فالروس يصحون وينامون ويتسامرون على وقع أوتار ما يجري في سورية.

تقول المعلومات، بأنّ بعض العرب المرتهن(وهم معرفون للعامة من الناس)والمنخرط انخراطاً عاموديّاً وعرضياً، بمفاعيل وتفاعلات ورؤى محور - واشنطن تل أبيب - الغرب، يسعون الى استهدافات جديدة لبعض أشقائهم من الدول العربية، كما استهدفوا سورية قبل سنوات وما زالوا حتّى اللحظة ولم ينجحوا ولن ينجحوا، بفعل التماسك الدولاتي للجيش العربي السوري العقائدي وقطاعاته العسكرية، وتماسك مجتمع المخابرات السوري والدولة الوطنية السورية وصلابة قطاعها العام، والذي ما زال الأخير يقوم بدوره ازاء المجتمعات المحلية السورية رغم الحرب والمؤامرة، في نموذج فريد من نوعه حتّى اللحظة في التاريخ القديم والمعاصر.

فتصعيد الذرائع المتعلقة بملف المحكمة الدولية في لبنان رغم الأعلان عن تشكيل حكومة لبنانية ذات مصلحة وطنية جامعة على حد وصف رئيسها تمام سلام، واشتراكات حزب الله اللبناني في الحدث الأحتجاجي العسكري في سورية، ومساندته العسكرية العميقة الآن للجيش العربي السوري، لدخول يبرود ليصار لتطهير القلمون على الحدود المشتركة مع لبنان، مع باقي القرارات الدولية السابقة وأي قرار لاحق، سوف تشكل مجتمعة عناصر الملف الذي سوف تتم عملية بنائه لاستهداف لبنان، واستخدامات التطورات المتعلقة بتصاعد العنف السياسي، كوسيلة لبناء ملف استهداف اليمن وتقسيمه من جديد عبر الأقاليم السته، وتجري حالياً فعاليات إدخال الجماعات والعناصر المسلحة إلى الداخل الجزائري، وعندما تنفجر الأوضاع سوف يتم استخدام ملف العنف السياسي كوسيلة لاستهدافها من قبل المحور الأمريكي الأسرائيلي البعض العربي، والأخير(البعض العربي المرتهن)سيصار الى استهدافه لاحقاً، كل ذلك من أجل تحقيق التفوق العسكري الأستراتيجي الأمريكي الغربي عبر الناتو لأستهدافات للنفوذ الروسي المتفاقم وعلى الأقل لأحتوائه، مع اتباع حملات بروباغندا عدائية ازاء موسكو، قد تتطور الى استراتيجيات أمريكية جديدة في غير مكان غير سورية بدءً من أوكرانيا وما بعدها.

ولا يخفى على أحد في العالم تلك العلاقات المؤسسية والقوية مع البنتاغون(وزارة الحرب الأمريكية)وحلف الناتو لدول الخليج مجتمعة إضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية ـ المملكة المغربية، حيث دخل الجميع مع كل أسف في شراكات عملية عسكرية مع حلف الناتو، وحالياً تساهم الغالبية من هذه الدول بالقوات في بعثة الناتو العسكرية في أفغانستان، وحتّى ليبيا والتي في طريقها الى التقسيم عبر الفوضى وحالة عدم الأستقرار المستمرة، تم الاتفاق على قيام الروابط وعلاقات التعاون بين حلف الناتو وليبيا، وسيصار الى تفعيل ادخال ليبيا رغم حالة عدم الأستقرار التي تعاني منها، عبر برامج عسكرية خاصة للناتو بالإشراف الكامل على تأهيل وتدريب وتسليح قوات الجيش الليبي، وفق برامج إعداد على غرار برامج الناتو العسكرية إزاء قوات الجيش العراقي، وقوات الجيش الأفغاني، مع ادخال ليبيا كطرف في ما يطلق عليه تسمية "حوار الناتو المتوسطي"، وهو الشراكة التي تضم كل من المغرب ـ مصر ـ تونس ـ الجزائر ـ موريتانيا ـ الأردن وإسرائيل وآخرين، ضمن إطار حلف الناتو الحربي.

ومن أجل أن تتحقق هذه النتائج واشتقاق رؤى سياسية جديدة، ليصار الى اكتمالات عميقة للحياكة الأقليمية في المنطقة وقلب الشرق سورية، يتوقف نجاح كل ما ذكر على مدى قدرة المحور الأمريكي الأسرائيلي عبر أدواته من البعض العربي المرتهن، وقدرة حلف الناتو من القضاء على الثغرة الأستراتيجية(سورية ولبنان)في هذه المشروع المتجدد للشرق الأوسط، لذلك وفي المعلومات تتمركز سفن حلف الناتو الحربية وسفن أمريكية وفرنسية وأخرى على مواقع من سطح الماء باتجاه السواحل اللبنانية والسورية، مع تصعيدات قادمة في الجنوب السوري وفق رؤية فرنسية أمريكية سعودية مشتركة وعلى الحدود السورية التركية، وذلك على أمل أن يتم حسم الاحتجاجات السورية باتجاه انهيار دمشق ثم القضاء على المقاومة اللبنانية، وضم سوريا ولبنان إلى حلقات حلف الناتو، ومن ثم يكون البحر الأبيض المتوسط قد أصبح بحيرة حصرية لحلف الناتو خالياً من الروس مثلاً، وهنا ستضعف الحلقة الأيرانية كخاصرة ضعيفة للفدرالية الروسية بعد استهداف الحلقة السورية ككل وبالتالي القضاء على الثغرة السورية اللبنانية الأستراتيجية، والسؤال هنا: هل تسمح موسكو بحدوث تلك الحياكة الأقليمية للمنطقة؟!.

ففي سايكس بيكو 2014 م العرب المرتهن وغير المرتهن أنفسهم من سيشرف على تقسيم حالهم، وتقسيم المقسّم أصلاً وتجزئة المجزّاء كذلك، وهذا سيكون نتاج ربيعاتهم والتي هي بالأساس مع كل أسف وحزن وبكاء ربيعات صهيونية في فكرتها ونتائجها بعد الشرارة التونسية، والأخيرة كانت خارج حسابات الفكر الصهيوني لجنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي. انّ للثغرة السورية اللبنانية الأستراتيجية، تأثيرات عميقة لجل المنظومة العسكرية الدولية الجديدة، حيث الفدرالية الروسية تسعى الى التوازن مع تلك المنظومة الدولية العسكرية المستحدثة بفعل المسألة السورية، وعدم السماح للطرف الآخر بجعل البحر الأبيض المتوسط بحيرة أمريكية نيتويّة بامتياز. فجغرافية الجمهورية العربية السورية تتموضع وتتمفصل في منطقة تقاطع القيادات العسكرية الأمريكية الإقليمية الأكثر حساسية، وهي: القيادة الأوروبية ـ القيادة الوسطى ـ القيادة الأفريقية.

وجميع خطوط حلف الناتو وأيضاً الخطوط الأمريكية، تقوم على أساس اعتبارات أن الممر الاستراتيجي السوري، هو العامل الحاسم لجهة تحقيق التفوق العسكري الجيو ـ استراتيجي في كافة مسارح العمليات، في مناطق الشرق الأدنى وشرق المتوسط وشمال أفريقيا، والبحر الأحمر وصولاً إلى القرن الأفريقي حيث الدور الصهيوني المتصاعد فيه، إضافة إلى مناطق الجزيرة العربية والخليج حيث يصار الى تسخين ساحات بعضها هذا الأوان وجعلها(سورية 2) لاحقاً، وآسيا الوسطى والبحر الأسود، ومناطق القوقاز الجنوبي والقوقاز الشمالي وصولاً لكل مناطق نفوذ المجال الحيوي الروسي، وهذا استهداف صارخ للآمن القومي الروسي، لذلك تم عقد اجتماع طارىء وغير عادي برئاسة الرئيس بوتين لمجلس الأمن القومي الروسي في 14 – 2 – 2014 م الجمعة، وتم بحث كل تفاصيل المسألة السورية وما لدى مجتمع المخابرات الروسي من معلومات مختلفة، لعودة فكرة خيارات عسكرية أمريكية وفرنسية وبريطانية وبعض عربية لدمشق، عبر عناوين انسانية لمشاريع قرارات دولية( يجري تسيسها لتشويه الموقف الروسي من ما يجري في سورية) قد تتطور لاحقاً لأفعال حربية عبر حلف الناتو الحربي، وتم بحث المفاوضات في أطر جنيف 2، ومشروع القرار الدولي المقدّم لمجلس الأمن الدولي والذي سيناقش يوم غد الأثنين 17 – 2 – 2014 م، والذي جاء بعنوان انساني عبر استراليا والأردن ولوكسمبورغ، حيث تدرك موسكو أنّ الهدف منه هو لأظهارها بمظهر المعرقل للحل في سورية ولحشرها بالزاوية، وبحث خيارات موسكو الوحيدة ازاء ذلك المشروع، باستخدام الفيتو مع الصين ان لم يصار الى سحبه أو تخفيفه لجعله متوازن، حيث تدرك موسكو ومعها الصين أنّ أي قرار دولي بعنوان إنساني، لإنشاء ممرات إنسانية آمنة بالداخل السوري، يجب أن يرفض ويقاوم كونه يؤسس لاحقاً وعلى دفعات للتدخل العسكري الخارجي، عبر الطرف الثالث في الحدث السوري في أشكال مختلفة. ومن هنا فإنّ عدم إدماج الممر الاستراتيجي السوري ضمن خارطة السيطرة العسكرية الجيو ـ استراتيجية الأمريكية ـ الغربية، سوف يخلق ثغرة ونافذة انكشاف بالغة الخطورة في كافة الحسابات المتعلقة بالتوازن الاستراتيجي العسكري العالمي، وذلك لأن الممر الاستراتيجي السوري، يتيح الوصول السريع إلى كافة المناطق الاستراتيجية المحيطة به. و

رغم الأتفاق الروسي الأمريكي الكيميائي لنزع السلاح الكيميائي السوري( يجري العمل الآن على تسيسه من جديد أمريكياً) والذي جاء بمبادرة سورية روسية مشتركة، والذي كان من نتائجه الغاء الضربة العسكرية الأمريكية لدمشق ولقطاعات القوى الصاروخية السورية ومصانع انتاجها، ثم جاء توقيع جنيف ايران، فجنيف سورية الثاني بجولتيه والذي صار يصيح بالجميع: استروا عورتي وانتظروا اخوتي، فانّ جلّ الضغوط المكثفة سوف تستمر رأسيّاً وأفقيّاً بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان حلف الناتو، وشركائهما الشرق أوسطيين والخليجيين، من أجل إنجاز سيناريو انهيار دمشق مع التصعيد في الجنوب السوري والشمال السوري، وعمليات سريّة مخابراتية تستهدف القيادة السياسية للنسق السياسي السوري وعلى رأسه الرئيس بشّار الأسد، بما سوف يؤدي بالضرورة إلى جعل الممر السوري متاحاً لحلف الناتو ومن يدور في فلكه، وفي هذا الخصوص تتحدث المعلومات بأن الممر السوري سوف لن يشمل أراضي الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية وحسب، وإنما سوف يشمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وفي هذا السياق سمعنا حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن قبوله ودعوته لتواجد قوّات لحلف الناتو على المعابر، وفي الغور الأردني والفلسطيني في اطار ما تسمّى بخطة جون كيري التوطينية، نعم أبو مازن مع كل أسف قد انخرط في تفاهمات أكد من خلالها موافقته بأن تتولى قوات حلف الناتو المسؤولية عن ما أسماه بـ"حماية الأراضي الفلسطينية"، الأمر الذي يعني بكلمات أخرى نشر الحلف لقواته وقدراته العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وأدوار قادمة للحلف في الصراع العربي – الأسرائيلي، حيث تم اختزال الأخير من بعض العرب بالمسار الفلسطيني – الأسرائيلي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات