استعدوا لتلبية شروط حل الدولتين


جميع التوقعات, التي صدرت عن المفكرين والمثقفين والاعلاميين واستطلاعات الرأي العام, منذ مجيء حكومة نتنياهو, تلاقت على ان عملية السلام الفلسطيني- الاسرائيلي في مأزق قاتل, وان (التطرف الواضح) لهذه الحكومة سيدفع بالطرف الفلسطيني والعربي الى مواجهة مفتوحة مع اسرائيل قد تصل الى العودة للمقاطعة وتصعيد الحملة السياسية والدبلوماسية ضدها.

سقطت هذه التوقعات واحدة بعد اخرى, وحدث العكس, فالاجماع العربي تمسك بسياسة التفاوض (بأيد عارية) واعتمد الجميع على (معجزات) اوباما التي تحمل عصا سحرية توقف الاستيطان وتحرر المقدسات وتقيم الدولة الفلسطينية المستقلة.

والنتيجة, ان نتنياهو هو سيد اللعبة الجديدة, الامريكيون يحتاجون اليه من اجل تقديم (تنازلات) ولو سطحية تسمح ل¯ اوباما ان يحقق نجاحات في تلميع صورة امريكا في العالمين العربي واسلامي. والعرب, الذين لا يوجد بين ايديهم اي ورق لم يودعوه بعد بالسلة الامريكية, متعطشون ومتلهفون, لأي خطوة او بادرة او ايماءة تصدر عن رئيس الوزراء الاسرائيلي تؤشر على تراجع, حتى لو كان هذا التراجع, على طريقة »خطوة الى الامام وخطوتان الى الخلف«.

سيد اللعبة الاسرائيلي, اعلن بعد تدلل ومماطلة ومراوغة, انه يؤيد (حل الدولتين). هنا عمّت الافراح الديار العربية العامرة, وبلع الجميع الطعم, مع انه كان واضحا منذ البداية انه قبول اسرائيلي مشروط, بما يجعل الدولة الفلسطينية التي عرضها نتنياهو اشبه بالمسخ او لقمة العار.

انشغلت العواصم العربية بدبلوماسية, معلنة وغير معلنة, تحت مظلة قبول نتنياهو بحل الدولتين. هنا بدأ سيد اللعبة بالامعان في ادارة فصول المسرحية واخراجها. فالشروط التي سبق وان قرنها بقبوله قيام دولة فلسطينية, في خطابه الشهير امام جامعة بارايلان, لم تكن مجرد وعاء يقدّم فيه تنازلا, لقد ارادها شروطا حقيقية موضوعة على الطاولة للتنفيذ.

يوم الاحد الماضي, كان نتنياهو يجدد هذه الشروط 1- اعتراف فلسطيني بيهودية اسرائيل 2- حل مشكلة اللاجئين خارج اسرائيل 3- بقاء الدولة المنشودة تحت الوصاية الامنية الاسرائيلية 4- عدم التخلي عن الاستيطان ولو مؤقتا.

كل هذه التطورات ولا يوجد رد فعل عربي يوازي خطورتها, على العكس, تنهمك السياسة العربية, لاكثر من دولة, في المساومة على بنود المبادرة العربية والتعامل معها بالقطعة. وما يقال عن خطة جديدة للمبعوث الامريكي ميتشل, التي تتضمن تجميدا للاستيطان مقابل خطوات تطبيعية, يرشح عنه الكثير من الانباء والانباء المتضاربة في وسائل الاعلام الاسرائيلية, التي تابعت مفاوضات وزير الدفاع باراك مع اوباما الاسبوع الماضي, ومفاوضاته امس مع ميتشل في لندن.

هناك صفقة تجرى في الخفاء, عنوانها دق اول مسمار في نعش المبادرة العربية, وتسليم رأس القضية الفلسطينية لصالح الشراكة الاستراتيجية بين اسرائيل وامريكا. واذا ما أُنجزت هذه الصفقة, فان الفلسطينيين والعرب يقدمون »لسيد اللعبة« التنازل بعد الآخر مقابل اعترافه بحل الدولتين (وفق طروحاته) التي لا تساوي شيئا.

في الاشهر المقبلة, اذا ما انزلقت السياسة العربية الى طريق التنازلات والمساومات فان على الجميع ان يستعدوا لتلبية شروط نتنياهو من اجل دولة ممسوخة هي اقل من الحكم الذاتي, وقد يأتي الوقت الذي تتم الموافقة فيه على قانون دولي يعاقب بالسجن من (ينكر) ان اسرائيل دولة يهودية, على طريقة ما جرى ويجري من محاكمات للذين ينكرون الارقام المبالغ فيها عن ضحايا افران. الغاز النازية!.0

taher.odwan@alarabalyawm.net



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات