عليان


خاص - كتب احمد الربابعة - لظرف أو لأخر أتيح أن يكون لعليان حضوره بعشيرته وأن يتعامل معه على أنه شيخ! رغم نمط شخصيته التي يمكن أن توصف بالشخصية (الساقطة) أو (الردية) حسب التصنيف الأردني لأنماط شخصيات الرجال، ذلك أن تخطينا احتشاماً للقول عن تصنيفات اخرى من مثل( طبره، صفيحه، لخيمه، مهسهس). وغير ذلك من الشخصيات التي يمكن أن تتصدر عشائرها بغياب الشخصيات المرموقة التي أغلقت على نفسها باب بيتها أو انشغلت بأعمالها.

والشيخ بالمفهوم العشائري والقبلي هو تلك الزعامة المتمتعة بالحكمة والمثالية القادرة على إدارة شؤون العشيرة .. أما عليان فهو ليس من ذلك بشيء، إلا بالشكل الذي يستطيع خداع الناس به كثير من الأحيان ... وبأكثر تفصيلا عن شخصية عليان، فإن (السقيطة) المذكور، ضعيف أكاديمياً، ومشكوك بشهاداته التي حصل عليها، وبالباطن يرتكب الكبائر والصغائر من المحرمات رغم لسانه الناطق بمبادئ الدين وقيمة وشعائره التي يوظفها بالمناسبات واللقاءات الاجتماعية، وهو لا يمتلك فكر سياسي أو نهج إداري يمكنه من قيادة أكثر من (شلية غنم) بمساعدة الكلب.

وجاهة عليان أو حضوره كانت تظهران بالمناسبات الاجتماعية التي يحضرها حشد من الناس، وهنا يقوم عليان بممارسة السيطرة والتمكن على بعض أفراد العشيرة (خصوصا المستضعفين والمساكين منهم) ليظهر بأنه الشيخ .. ففي وليمة غداء العشيرة لأهل أحد المتوفين (المجبورين) وحينما توضع أطباق المناسف أمام المدعوين، ينادي عليان على أحد المستجيبين له بالعادة واسميهما (نياز وذياب) قائلاً له: "عموه يا نياز شربوا لبن عالمناسف" وحينما يقوم نياز وآخرون بصب اللبن على المنسف يكمل عليان قوله: "نياز ارفع ايدك لفوق وشرب عبرى اللحم ... ايوه" .. وفي ذهاب العشيرة لحضور إحدى الجاهات عند عشيرة اخرى، وعند الدخول إلى باب المضافة أو الخيمة، يسرع عليان الخطى ليكون من أوائل الداخلين ومن ثم يقول: "خالوه يا ذياب رتبوا حالكوا واحد ورا الثاني وفوتوا تقوللكوا" ... حتى وقت حفر قبر لأحد متوفي العشيرة، لا يتوانوا عليان عن الذهاب إلى المقبرة وقت تطوع شباب العشيرة بحفر قبر ميتهم، وهناك يحضر عليان بمنتصف الحفر أو نهايته تقريباً وبملابسة المرتبة، ويطرح السلام على الحاضرين بصوت مرتفع قائلا: "قوها الغانمين .. صح بدنهم" ثم يقف يراقب ويطالع أفعال الشباب بحفر القبر وإخراج التراب منه (دون أن يشاركهم العمل)، وبعد لحظة صمت يقول: "نياز .. عموه طلع هالترابات هظول من قدامك عشان تعرف تحفر مليح" وبعد لحظات يرجع عليان فيقول: "خالوه يا ذياب ليش ما قربتوا السقافيات عند القبر" أما حين يشارك بالحفر أحد الأفراد غير المعترفين بشيخة عليان، فان عليان لا يجرؤ على توجيهه أو أمره، لذلك يكتفي ببعض الكلمات من مثل: "أبوه .. أهه .. هاظ الشغل الصحيح ... لا يم ضبطتها مثل ما بدي" ... وبمضافة العشيرة ينادي عليان قائلاً: "نياز .. وقفوا عموه استقبلوا الضيوف".

حقيقة الحال: أن عليان يعلم أن نياز وذياب وغيرهم متمرسين بـ (التشريب) أو صب اللبن على المنسف، ويقدرون كميته وموعده، ويعرف أن أبناء العشيرة مهذبين ومتعلمين لأصول احترام كبارهم وترتيباتهم بين بعضهم بأي مناسبة، مثلما يعرف أن شباب العشيرة يتقنون حفر القبر وإخراج التراب منه وتجهيز كل ما يتعلق به، ولا شك لديه في أن أبناء العشيرة سيقومون باستقبال الضيوف على أكمل وجه، بل وربما يقدر مؤهلاته الشخصية المتواضعة أو البسيطة؛ لكنه يظل يمارس تلك الأقوال والأفعال إدراكا منه بأنها هي من تجلب له (الشيخه) والوجاهة أو تبقي عليهما، على قاعدة ينطلق منه هو ومن مثله (انا أصحح الآخرين .. إذا أن افهمهم وزعيمهم).

بحث المنظومة الاجتماعية الأردنية باسترسال وإسهاب مهم جداً؛ لأنها هي المغذية للمنظومة السياسية بدرجة كبيرة، ولان الطبقة السياسية الحاكمة مشابهة بدرجة كبيرة للمنظومة الاجتماعية، إن لم تكن انعكاساً لها.



تعليقات القراء

قاريئ ممعن
شخصت الحالة الأجتماعية والسياسية تماما بارك الله فيك
يا ترى متى سوف ندرك
17-02-2014 07:05 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات