السباحة في بحر الخيال


- لم يعد بإمكاني التعياش مع هذا الواقع الفرنقع ، إذ من المؤلم أن يجد المرء نفسه مُحاصرا ويُعاقب ، لمجرد كونه إنسان وعلى هذا النحو المقيت ، ولهذا قررت الهجرة إلى جمهورية أفلاطون ، علني أحظى بالحرية فيما أقول وأفعل دفاعا عن آرائي ومبادئي ، ولعلي كذلك أن أجد كل من حولي فولتير ، إذ يقول "قد أختلف معك في الرأي ، لكني على إستعداد أن أموت دفاعا عن رأيك" ، ليُتاح لي فيما تبقى من العمر أن أسجد في محراب الحقيقة ، وأضع النقاط على الحروف كما أراها من وجهة نظري التي لا أفرضها على الآخر ، إنما أتركها للحوار وأنا المُستعد للإعتراف بالخطأ إن كنت مُخطئا ، ولا يُضيرني أو يمس كرامتي التراجع عن أي موقف أو رأي ، حين يُقنعني الآخر بما يضحد رأيي ، ويأتي برأي أكثر سدادة وفاعلية تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود الذي أبحث عنه .

- عن ماذا أبحث...؟ ، أبحث عن الطريق المؤدي لنهضة الأمة العربية الإسلامية ، التي ضاع دليلها حين تهاون ولا أقول تآمر رؤساؤها ، قادتها وزعماؤها تجاه وعلى فلسطين ، قدسها ، مقدساتها المسيحية والإسلامية ، لتبقى وصمة عار في جبين كل عربي ، مسلم كان أو مسيحي ، ومن ثم أبحث عن سُبل الخروج من حالة الإنهيار والضياع التي نعيشها كعرب ومسلمين ، حتى وصل الأمر فينا أن نوكل أعداءَنا لتسيير أمورنا ، وسلمنا لحانا لوزير خارجية الصهيوأمريكي ، لعله يتمكن من إقناع اليهود أن يتكرموا علينا ببضعة كيلومترات من وطننا ، أرض الآباء والأجداد ، مسرى محمد صلى الله عليه وسلم ، وميلاد عيسى بن مريم عليه السلام.

- لكن ، لا تستغربوا أني أحمد الله أن يهود لن يُعيدوا لنا شيئا من تلك الأشلاء ، التي يجري التفاوض عليها بين اليهود والفلسطينيين ، وهذا يشكل حافزا قويا لأغرز أصابعي في أعين أولئك الذين يستهترون أو ينتقدون إنحيازي للقانون الرابع الذي طرحته الأميرة بسمة السعودية ، ولمنهاجيتها النضالية ذات البعد الإستراتيجي ، الذي يقوم على بناء جيل عربي إسلامي حُر ، يؤمن بالديموقراطية وحقوق الإنسان وبحقيقة أن لا نهضة لهذه الأمة ما لم تعد فلسطين عربية إسلامية ناجزة . جيل مُسلح بالعلم بشتى أنواعه وبثقافة جديدة ، ترتكز على الموروث الثقافي ، الحضاري ، التارخي وقيمه وتتماهى مع مستلزمات العصر الحديث وتطوراته وثقافته ، وذلك بالنظر للمضمون دون التوقف عند الشكل ، الذي لم يعُد يشي بما هو عليه هذا الشاب أو تلك الفتاة ، خاصة إن علمنا أن شبان وفتيات فلسطين الذين يتصدون لقطعان المستوطنين في ساحات القدس ومقدساتها ، هم من أولئك الذين يعشقون الموضة بلباسهم ، تصفيف شعورهم وإنفتاحهم على العصر بكل شكلياته وأشكاله.

- إن البحر الأبيض المتوسط ، لن يبتلع فلسطين ، قدسها ومقدساتها مسيحية كانت أو إسلامية ، وشعب فلسطين بتاريخه الشامي العروبي في تزايد ديموغرافيا ، نهضويا ، علميا وكذلك حال شعوب الأمة التي كسرت حاجز الخوف من رؤساء ، زعماء وقادة معظمهم مُرتهنين لأمريكا ، أوروبا ، روسيا ، الصين وهي المكونات الدولية الكبرى التي تخضع للخزعبلات التلمودية اليهودية ، كما أنها تختلف فيما بينها على مناطق النفوذ ، مواقع المصالح والأسواق في حين أنها تُجمع بقوة على دعم اليهود في فلسطين ، وعلى خجل يهمس البعض عن حق الشعب الفلسطيني بدولة مسخ مُقطعة الأوصال.

- الطريق...! ، إن القائد الفذ هو من يستطيع تحويل حركة الجماهير "الدهماء" إلى واقع حسي ملموس ، وهذا يحتاج إلى فكرة ليس بالضرورة أن تكون صيغة أيدلوجية بالمعنى والمفهوم المُتداول ، وإنما بالضرورة أن تكون ذات معنى عام يشعر الجميع بغيابه ، كما هو حال الحرية التي تفتقدها شعوب الأمة العربية والإسلامية ، والتي يُمكن أن تكون سياق فعل يُبنى عليه جيل الشباب ، بما أكدنا عليه غير مرة وهو ما أود أن ألفت إليه نظر سمو الأميرة بسمة بنت سعود آل سعود ، هذه المرأة التي ولا شك أنها تنام وتصحو على هاجس ، قوامه العام عودة الأمة العربية الإسلامية إلى سابق مجدها التليد ، شريكا فاعلا في الخلية الإنسانية ، وهذا يحتاج إلى إنشاء منتدى ثقافي عربي إسلامي ، يؤسس لنشر وتنظيم ثقافة المزاوجة بين الموروث التاريخي والحضاري للأمة العربية الإسلامية وبين مستلزمات العصر الحديث ، بتطوراته ومتغيراته ، بعلومه وتقنياته وكل ذلك بطرق سلمية حضارية ، وعبر الحوار الذي لا بد أن يكون في أولويات العمل الثقافي حتى يُصبح ثقافة ، تحترم رأي الآخر بمنطوق نظرية فولتير ، وحتى إن كانت بسمة السعودية ليست على رأس حكومة كما هو الفذ مهاتير محمد ، الذي جعل من ماليزيا تجربة تُحتذى ، حين عمل على بناء جيل ماليزي عبر وزارة التربية والتعليم ، لكن الأميرة بسمة بإصرارها على منهاجيتها الإصلاحية ، النهضوية والتي تطال الخلية الإنسانية بكليتها ، يُمكنها ومن خلال المنتدى الثقافي المشار له فيما سبق ، أن تكون مهاتير محمد العربي ، الإسلامي والإنساني ، وقطع طريق الألف ميل تبدأ بخطوة ، والله غالب على أمره لمن عمل صالحا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات