واشنطن و لندن اتفقتا على إفشال الاولمبياد في سوتشي


في جميع الأوقات كانت دورة الالعاب الاولمبية تعتبر مكاناً مناسباً لإثبات نجاح وإنجازات الدول المشاركة فيها. لذلك، لمثل هذه الأحداث الدولية نكهة خاصة و شكل خاص في عيون العالم ، فالكل يسعى للمشاركة بها و زيارتها، ليصبح كل شخص شاهداً مباشراً للانتصارات الرياضية بشتى أشكالها.

وليس من المستغرب ،ان يحاول البعض تغيير المسار الرياضي و الاجتماعي وتحويله إلى سياسي لتصبح دورة الألعاب الأولمبية ساحة لتصفية الحسابات و النزاعات على مختلف القضايا الجيوسياسية، ومن ذلك ما حدث عام 2008 ، في الصين عندما قامت احتجاجات عارمة و منظمة من اجل منطقة التبت. عندما قامت المؤسسات الداعمة لاستقلال التبت عن الصين و نشطاء المنظمات غير الحكومية المختلفة، فضلاً عن المعارضة الصينية في الخارج بمحاولة تعطيل الاستعدادات لدورة الالعاب الاولمبية الصيفية في بكين.

نفس السيناريو واجهه منظمو دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي 2014 . فمنذ إعلان فوز مدينة سوتشي في استضافة الألعاب الشتوية، قامت الجمعية الشركسية في الولايات المتحدة ، وبدعم من المؤسسة الأمريكية " جيمس تاون » ، بشن حملة إعلامية شرسة لتشويه سمعة هذا الحدث الرياضي ، بحجة أن مكان انعقاده كان قد شهد قتالاً عنيفاً بين الجيش القيصري والقبائل الشركسية في كراسنايا بوليانا في القرن التاسع عشر .

هذا الاحتجاج من الجمعية الشركسية في الولايات المتحدة، سرعان ما وجد الدعم الحاضن له من جورجيا التي يهمها المشاغبة على أي مصلحة روسية وإن كان بإدعاء الاهتمام بالشركس وقضاياهم، فاستضافت تبليسي مؤتمراً ضم عدداً من ممثلي الجمعيات الشركسية في تركيا والأردن وسوريا وأوروبا و روسيا ، و اقروا حينها بضرورة افشال الاولمبياد في سوتشي بشتى الطرق و الاساليب، و اطلقوا العنان لحملة دعائية مدعومة من الولايات المتحدة الامريكية شملت اوروبا و البلاد العربية و جورجيا و حتى في روسيا تدعو الجميع الى رفض المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية و مقاطعتها .

ومع ذلك ، فشلت هذه الحملة بتشكيل ضغط كبير على روسيا أو حتى دفع الشركس الذين يعيشون في شمال القوقاز لاعلان العصيان المدني و تأييدهم للحملة. في الواقع اعترف خبراء " مؤسسة جيمس تاون " بفشل مشروعهم في استخدام القضية الشركسية كوسيلة ضغط على روسيا و ابتزازها.

في المقابل لم يقتصر دور الدول الأوروبية على مجرد دعم تلك الحملة معنوياً .

بل قاموا بعرقلة و تقييد حركة الرياضيين الروس و الشخصيات العامة الذين حاولوا تعزيز مفهوم الرياضات الشتوية في أوروبا و وضع الجمهور الاوروبي في صورة التحضيرات لدورة الالعاب الاولمبية في سوتشي. على سبيل المثال ، عقدت في أواخر العام الماضي في لندن و بناء على طلب من صندوق دعم و تطوير الصحافة مائدة مستديرة بعنوان "الرياضة - سفيرة السلام والتعاون " بمشاركة أعضاء المنظمات الرياضية المحلية والدولية والشخصيات السياسية والعامة و رابطة البلدان المستقلة عن الاتحاد السوفييتي ، وممثلين عن رجال الأعمال و الصحافة. حينها قامت السلطات البريطانية بالتشويش على المؤتمر بمنعها لعدد من ممثلي الجمعيات الشركسية و الرياضية في شمال القوقاز من دخول البلاد و منهم رئيس " الجمعية الشركسية العالمية " خاوتي سوخروكوف" ، و ايضاً زعيم الجالية الشيشانية في أبخازيا " السولتا ماخمتخانوف" رغبة منها لعدم إيصال صوت القوقاز لاوروبا الذي يظهر رغبتهم الحقيقية و دعمهم في إقامة الأولمبياد في سوتشي.

على الرغم من كل هذه المعوقات ، فقد تم تسليم منظمي المؤتمر رسالة من ممثلي شعوب شمال القوقاز و التي أنكرت و نفت معلومات إعلامية كاذبة ومضللة تفيد بان التهديدات الأمنية لدورة الالعاب الاولمبية في سوتشي مصدرها -مناطق شمال القوقاز- وأكدت الرسالة بأن كل ما تتناقله وسائل الإعلام المضللة غير صحيح ، ووهو يساهم على تشكيل صورة سلبية عن شعوب القوقاز, وأن الخطر الخقيقي يأتي في المقام الاول من خارج حدود القوقاز و روسيا بشكل عام.

لقد كانت منطقة شمال القوقاز وعلى مدى فترات زمنية طويلة ومختلفة بؤرة للحروب والنزاعات والمآسي التاريخية، لكن فرصة رياضية نقية مثل الأولمبياد ستشكل فرصة ذهبية لن تعوض لإلقاء نظرة على مستوى التطور و الحداثة التي وصلت لها المنطقة ، و بنفس الوقت تعكس صورة واضحة وواقعية على مدى التمسك بعادات و ثقافات شعوب القوقاز المختلفة .

يشكل الأولمبياد وفعالياته المرافقة والموازية وكل ما ينتج عنه من حراك ثقافي واجتماعي واستضافة من قبل أهل المنطقة، فرصة لتكوين سياحة رياضية للزوار الأجانب، لتعرف على الثقافة القوقازية والتقاليد لأهل المنطقة ،و للتدليل على نوعية الناس الطيبة و الكريمة الذين يعيشون في شمال القوقاز ، و طبعاً لن ننسى الفائدة الاقتصادية التي ستعم المنطقة مما يضمن تسويقها عالمياً كمنطقة سياحية خلابة تضاهي جبال فرنسا و سويسرا.. من المعيب أن يتم توظيف الأحداث الدولية الرياضية أو الاجتماعية أو الفنية في عمليات ابتزاز سياسية لا هدف لها إلا نشر الرعب والدمار بين الناس، وتصدير الأزمات الداخلية لبعض الدول إلى خارج محيطها بكلف منخفضة عن الإصلاحات التي يجب أن تركز تلك الدول عليها من أجل مصلحة شعوبها.

لا يزال وسيبقى الأمل عنوانا للعمل عند منظمي دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي والذين يعملون وفق المبدأ المعروف في الرياضة "الاقوى هو من ينتصر" ، و سوف تظهر قريبا للمجتمع الدولي أن الموارد والجهود المبذولة للتحضير لدورة الألعاب 2014 لم تذهب عبثاً و سوف تحقق الفائدة المرجوة منها لجميع منطقة القوقاز و البحر الأسود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات