أعلن أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة المدعوم من السلطات السورية مالياً وعسكرياً ومعنوياً قبل ايام بأنه سيعمل على تحرير مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا من قبضة العصابات المسلحة التي تسيطر عليه بالقوة , اذا فشلت المفاوضات السياسية من إخراجهم .

سأتوقف عند هذا التصريح لأتساءل ببراءة الاردنيين الذين ذاقوا الامرين من هذا الشخص المعروف بعدائه المطلق للأردن منذ موقعة ايلول الابيض عام 1970 وحتى الآن : من هو العدو الحقيقي لك يا احمد جبريل الاردن وابناء الجندويل ؟ ام اسرائيل ؟

فالإجابة على هذا السؤال تتطلب العودة للماضي قليلا لاستشراف العبر واستخلاص الاجابات , فقبل 12 عاما وبالتحديد بتاريخ 21/5/2002 وعبر فضائية جزيرة الصهاينة اتهم جبريل الاردن بصورة مقززة واصفاً جهاز مخابراته بثالوث الشر مع الامريكان واليهود , رداً على مقتل نجله محمد جهاد في شارع مار إلياس في بيروت بتاريخ 20/5/ 2002, لتثبت التحقيقات ارتفاع مستوى حقده على الاردن بعد أن افرزت نتائجها بأن قاتل ابنه هو مواطن فلسطيني من مخيم عين الحلوة في لبنان يدعى (حسين خطاب) تم اطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل الاسرى عام 1985 مع اسرائيل والتي قامت بها القيادة العامة بعد عملية الجليل والتي اسميت آنذاك بصفقة جبريل لتبادل الاسرى .

فجبريل لم يتوقف يوماً عن تهديد الاردن واتهامه بكل شائنة منذ ان تم طرده عام 1970 بعد ان فشل في تحقيق احلامه باحتلال الاردن, الذي اطلق من اجله شعاره الشهير "تحرير فلسطين لا يتم إلا بعد تحرير الاردن من الاردنيين , ليس على ظهور الدبابات ولا مشياً على الاقدام , بل على ظهور واكتاف الجنود الاردنيين".

نقول لجبريل رويدك , فما فعلته في الاردن عام 1970 بعد انقلابك على الشرعية فيه, قد تفعله في سوريا هذه الايام وتنقلب عليها, فالعقرب ليس من شيمته الوفاء , فعبارتك التي قلتها في عام 2011 بعد اشتداد الصراع الشعبي مع النظام السوري" نحن كنا وما زلنا نريد البقاء خارج دائرة الصراع , فعدونا الذي نعرفه هو من احتل أرضنا وليس من استضافنا أو جاورنا" , قد قلتها إثر اشتداد الخلاف بين الفصائل الفلسطينية والجيش الاردني بعد معركة الكرامة 1968 .

وعليه فقد يتساءل البعض : ما علاقة ما يجري في مخيم اليرموك السوري للاجئين الفلسطينيين بالأردن ؟, وما هو دور جبريل في تعميق جراح الساحة الاردنية؟

أقول بأن الشواهد والدلائل والمعطيات كلها تشير الى ان هناك ثمة مؤامرة (جبريلية ) جديدة على الاردن تلوح بالأفق , وتمهيدا لتلك المؤامرة فقد اقدم قناصة جبريل في القيادة العامة بتاريخ 8/6/2011 على قتل 14 فلسطيني امام جامع الوسيم في قلب مخيم اليرموك اثناء تشييع جنازات الشهداء الذين سقطوا على مشارف الجولان برصاص اليهود , مما يدل دلالة اكيدة على أن لعبة جبريل بتصدير ازمات مخيم اليرموك للأردن لتعميق جراحه قد أطلت برأسها قبل اكثر من عامين, وإرضاء لغروره ببث سمومه على الاردن الذي لا يتوقف ,فليس مستبعداً أن تحدث بمخيم اليرموك خلال الايام القليلة القادمة مجزرة كبيرة لتحريك المشاعر الانسانية قبيل تهجير سكانه للاردن, كتلك المجزرة التي ارتكبتها القوات المارونية المدعومة من القوات السورية وبالتعاون مع القيادة العامة بزعامته في مخيم تل الزعتر شرق بيروت بتاريخ 12/8/1976 , عندما قتلت 2800 فلسطيني وفلسطينية دون ان يحرك ساكناً او يهتز له رمش او جفن, لانه كان يبحث عن مكتسبات سياسية , ففضل البقاء الى جانب القوات السورية على حساب ارواح ابناء شعبه الفلسطيني.

ومن هنا فعلى الاوفياء من ابناء الشعب الفلسطيني الشقيق أن يعلموا بأنه ليس صحيحا ما يروج له جبريل بان جبهة النصرة هي من تحتل مخيم اليرموك, بل من يحتله اليوم بعد طرده منه هم الأوفياء من أبناء المخيم الشرفاء , الذين لم تعجبهم تصرفات احمد جبريل وعناصره بعد مقتل العشرات من المشيعين الابرياء أمام جامع الوسيم .فالإشارة لجبهة النصرة قد تحمل معها مجزرة كبرى.

فإلى متى ستبقى القيادات الفلسطينية تستخدم فلسطين وشعبها وسيلة لإستقطاب الجماهير كلما خفت بريقها او ضعفت مواقفها ؟

وقفة للتأمل : " يحكى بأن سلحفاة وافعى وعقرب قد عقدوا العزم لكي يتحدوا لمواجهة الأخطار في الغابة , فقررا اعتبار أن أي اعتداء على أحد منهما هو اعتداء على الاخر, وذات يوم أرادا عبور نهر فاقترحت الافعى على العقرب الذي لا يجيد السباحة استخدام ظهر السلحفاة للوصول الى ضفة النهر الاخرى كملاذ آمن , فصعدت الافعى على ظهر السلحفاة ولوت نفسها , ونادت على اخيها العقرب لكي يصعد على ظهرها , وعندما اوشكوا على الوصول قام العقرب فلسعى الافعى فماتت على الفور, فسالته السلحفاة : ماذا فعلت يا اخي العقرب بأختك الافعى؟, فرد عليها العقرب بكل وقاحة ,انه طبعي يا اختي لا استطيع ان أغيره ".