الأردن في سطور (1)


كان لابد لنا من أن نستعرض تاريخ الأمة العربية ، قبل الدخول إلى تأسيس إمارة شرقي الأردن عام "1921" ولغاية يومنا هذا، ولكي نستطيع أن نحلل ونفسر ماذا يحيط بنا وما يجري من حولنا، لأستشراف المستقبل وسط هذه المتاهات السياسية ، وبناء على التحليلات الافتراضية المبنية على أسس علمية صحيحة ومتينه، وبأن تكون ضمن مقالات متسلسلة نرصد من خلالها بلمحات سريعة عن أسباب الأنهيار العثماني ، وعن الثورة العربية، وما حيك من مؤامرات عالمية على تقسيم الوطن العربي إلى أجزاء ونستشرف الربيع العربي وما بعده، ونستعرض تاريخ الحكومات الأردنية ، وما الدور المطلوب من الأردن كجزء لا يتجزء من جسد الأمة العربية الواحدة ، لنصل إلى الحقيقة الدامغة أين نحن في وسط هذا التيه وما هو الدور المطلوب منا حيال الأقاليم العربية الملتهبة جراء الثورات العربية ضد أنظمتها التي عرت حاكميها ومنهم من أنتهى دوره ، ومنها من يحاول بكافة قواه أن يسترجع الماضي لمصلحة الدول الكبرى.

لقد دعا القرآن الكريم إلى دراسة شؤون الأمم الغابرة وبين كيف أنها سقطت وتلاشت حينما ظلمت ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )

) و إذا أردناأن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ( فالشرط في تصاعد الخط البياني هو عدم الانحراف عن منهج الله وقد أشار ابن خلدون على الرغم من آرائه الأخرى حول موضوع الدولة إلى ضرورة حمل الكافة - أي كافة الناس - على شريعة الله إذا ما أردنا تجنب مساوئ الملك الطبيعي والسياسي ، وكان الانحراف عن منهج الله يزداد والخط البياني ينزل هابطاً ولكن كانت هناك طفرات في التاريخ الإسلامي يرتفع بها ذلك الخط قليلاً فهناك المجددون .

وهى كما ذكر ابن خلدون عندما جعل للدولة أعمارًا طبيعة كالأشخاص، فهو لم ينس أن يربط عمر الدولة هذه بطبيعة الملك ،إذ يقول : إذا استحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم… 

وفي عهود العثمانيين الأوائل ارتفع الخط ولكنه عاد للهبوط بعد انقضاء عهد السلاطين العشرة الذين أرسوا كيان الدولة وعزروا قوتها ومدوا فتوحاتها وكان دائماً الالتزام بمنهج الله هو الأساس
و بدأ الانحراف عن منهج الله صغيراً ثم ازداد الانفراج واتسع تدريجيا ثم تحول إلى ملك عضوض بالقوة أو بالإكراه حتى أصبحت الهرقلية أمراً متعارفاً عليه....

لا شك أن الدولة العثمانية لم تسلم من أخطاء بل أخطاء فادحة،كانت سببًا في زوال الدولة: التي عاشت ستمائة سنة ثم دب في نهاية خلافتها مخالفة منهج الله ، التخلف العلمي ، الامتيازات التي كانت تمنح للدول الأوربية بسخاء وكرم غير مبرر، خيانة وزراء الدولة العثمانية ، وغرور السلاطين العثمانيين حتى بلغت نفقات القصور الملكية ثلثي وردات الدولة ، الديون الخارجية .

كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى انهيار الدولة العثمانية عام (1908) نتيجة الأخطاء والجهل والغباء ، حيث وصل يهود الدونمة إلى مناصب عالية في دولة الخلافة،وكان هؤلاء يظهرون الإسلام ويبطنون اليهودية ومنهم (مدحت باشا)الصدر الأعظم وهو ابن حاخام مجري !! كما كان منهم جمهرة الصحفيين الذين كانوا يغطون تطور الأحداث بقلم مزيف الوقائع،ويظهر للناس أن عبدالحميد مستبد ظالم زيرنساء،وقد تابعهم للأسف كثير من المؤرخين المسلمين.

في بداية القرن العشرين بدأ انتشار الجمعيات السرية ، التي تزعمها مصطفى كمال أتاتورك حيث وقف قائلاً في مجلس البرلمان التركي عام (1923م) نحن الآن في القرن العشرين لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون.

سنتحدث في الحلقة التالية بأذن الله عن بداية الثورة العربية الكبرى في 10/6/1916م وعن تأسيس إمارة شرقي الأردن وملوك الأردن ووزراتها وما آلت اليه الأمور من المجريات على الساحة المحلية والساحات الأقليمة متخذاً بذلك الموضوعية والأخلاقية في البحث الصحيح والتدقيق وصدق النية في العمل.

ثم سنبدأ في تحليل المستجدات الجديدة التي طرأت على الساحات الأقليمية العربية وهل كانت مرسومة من قِبل جهات خارجية أم هي في حقيقة الأمر نابعة من وجدان وضمير الشعوب العربية ، وهل نجحت أم توقفت أم هي في حالة مراجعة لتصويب أوضاعها ومعالجة خللها .
وما هي التصورات على الساحة السورية من ثوابت منطقية وعملية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات