ديمقراطية البسكوت


عندما تأتي مناقشات مجلس النواب للقضايا المفصلية في البلد تصبح جملهم أكبر منهم بكثير ويبدأون في الطخ بجميع الاتجاهات ويعيدون توجيه التهمة للحكومة كي يخرجوا أنفسهم مبررا مقنعا لقواعدهم الانتخابية ، وفي نفس الوقت تبدأ الصحافة بالتقاط تلك الجمل ووضعها في " مانشيت " رئيسي ويتم وضع صور النائب وهو يصرخ خلف منصة الحديث في المجلس وبلقطة توضع تحت مسمى "أكشن " .

ومن المفارقات أن كلامهم الكبير هذا يأتي بعد فترة هدوء سياسي يصيبهم وتختفي انفعالاتهم لأيام وعند البحث في هذا الهدوء نجده يصب في اتجاه قواعدهم الانتخابية من أجل تمرير مصالح تلك القواعد لدى هذا الوزير أو ذاك ، وكأنهم ينتظرون تلك اللحظة التي قفون فيها خلف المنصة ليظهروا لهذا الوزير أو ذاك أنهم قادرين على الصراخ هنا وفي نفس القوت على إثارة تلك القواعد عبر وسائل الاعلام التي أصبحت تقع تحت نفوذهم المالي .

وهذه الحقائق لايمكن أن يغفل عنها من يطلع على المشهد النيابي بشكل مستمر ومتتبع لمخرجات منصة حديث النواب وفي نفس الوقت يحضر بعض جلساتهم في مكاتبهم تحت القبة ومحاولاتهم العنيدة في ابراز هذه القوة " التشريعية والرقابية " على هذا الوزير أو ذاك ، وفي نفس الوقت لايغيب عن هذا المشهد مجموعة من النواب ممن يملكون نفوذا سياسيا إما لأنهم ابناء الحكومة " وزارء سابقين " ولهم دراية في ميكانيكة اتخاذ القرار الحكومي أو لأن لهم وزير قريب او امين عام وزارة ، وهنا ربما تكون هناك نقطة تسجل لصالح دولة النسور عندما قام بسحب بعض صلاحيات الوزراء ووضعها بيد الامناء العامين لأنهم الأكثر ثباتا ودراية بمفاصل القرار الوزاري ومصلحة الوزارة والحكومة تلقائيا ، والشيء الجميل بكل هذا المشهد السياسي المحلي أن الشعب في كل مرة يأكل " مقلب " النواب والحكومة وصراخهم على بعضهم البعض تحت القبة أو من خلال الهاتف ويقوم بشراء بسكوت الديمقراطية على أمل أن تكون الخلطة القادمة للبسكويت هذه المرة تختلف ، ولكنه ينسى أن طعم البسكوت بالشاي لم يتغير منذ ايام الطفولة وإن إختلف لون وشكل ورق السلويفان الذي يلف به .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات