يكشف لنا التاريخ أن اليهود لم يكونوا طرفا في النزاع على بيت المقدس طوال مدة الوجود الإسلامي في فلسطين ...ذلك أن اليهود لم يكونوا موجودين في فلسطين التاريخية بشكل يجعل منهم مشكلة .. بل كانوا قلة ضئيلة تنعم – بين المسلمين – بسماحة الإسلام وعدله , لها ما للمسلمين وعليها ما عليهم .

وباحتلال اليهود لأرض فلسطين عام 1948 ميلادية عادوا إلى الإفساد في الأرض , وما أشبة الليلة بالبارحة , فالهجمة التي تعرض لها أهل فلسطين على أيدي اليهود في غزوهم الأول لها قبل ثلاثة ألاف سنة , من فنون الكيد والمكر والبغض والحقد والتقتيل والإبادة , يتعرض لها أصحاب فلسطين اليوم ومنذ سنة 1948 ...وما مذبحة "دير ياسين " وغيرها من المذابح التي اقترفها اليهود , وما ضروب الوحشية التي ترتكب ألان مع أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة إلا نمط من أنماط قبائح اليهود .. وما صمود أهل فلسطين أمام تلك الهجمات الوحشية التي يدعمها الطغاة في كل مكان إلا امتداد لكفاح الأجداد , يدعمه الإيمان بالله والثقة في نصرة , واليقين بوعده : (وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ) .

إن تاريخ امة من الأمم لم يشهد ما شهده تاريخ بني إسرائيل من قسوة وجحود وتنكر للهداة , فقد قتلوا وذبحوا ونشروا بالمناشير عددا من أنبيائهم , وهي أشنع فعلة تصدر من امة مع دعاة الحق المخلصين , ولا ينتظر من أصحاب هذه الفعلة إلا استباحة دماء البشر , واستباحة كل وسيلة قذرة تنفس عن أحقادهم وفسقهم .

على الأمة العربية والإسلامية التي اعتدى عليها اليهود وسلبوا أرضها ومقدساتها , إن تدرك أن ذلك ما تم لهم إلا لنجاحهم في تضليل هذه الأمة عن دينها , وصرفها باللؤم والمكر عن قرأنها , كي لا تأخذ منة أسلحتها الماضية وعدتها الواقية .

ولتعلم الأمة العربية والإسلامية أن قضية فلسطين ليست قضية إنسانية تتمثل في لاجئين يستحقون العطف والإحسان , ويستحقون أن يوطنوا في البلاد العربية بعد طردهم من وطنهم - كما حاولت الصهيونية العالمية أن تجعلها , وليست قضية عنصرية تخص العرب دون باقي المسلمين , أو قضية إقليمية تقتصر على أهل فلسطين كما ينبئ عن ذلك الأسلوب المتخذ حاليا لمعالجتها , وكما تحاول الصهيونية العالمية أن تكون ...وإنما هي قضية إيمانية يوجهها الإيمان بالعقيدة الإسلامية , والجهاد في سبيل الله , ويوم أن توضع في هذا الموضع الحقيقي تدنو ثمار النصر .